المنبرالحر

مقترحات لإصلاح التعليم الثانوي / منهل عبد الرحمن

لقد شهد التعليم تراجعا في الاداء والرصانة منذ مطلع الثمانينات من القرن الماضي، ولأسباب كثيرة، ليس هنا مجال للاسهاب في طرحها. وهو باختصار تردي الوضع السياسي بسبب تصاعد النهج الدكتاتوري للسلطة. الحروب وتفكك القيم الاجتماعية والحصار الاقتصادي الذي تحمّل الشعب عبئه وما رافقه من ضائقة اقتصادية، واخيرا الاحتلال الاجنبي الذي انتج نظام المحاصصة الحزبية الطائفية وتسنم عدد لا يستهان به من المفسدين والجهلة مناصب سيادية وادارية.
من المؤكد ان التغيير الشامل يأتي من خلال تغيير ميزان القوى لصالح القوى المدنية وصولا الى اقامة دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية، الا ان الاصلاح في هذا المرفق او ذاك من شأنه ان يصب في المسار المؤدي الى الهدف الاعلى.
وهنا ستقتصر مقترحاتي على اصلاح النظام التعليمي بما يحض وزارة التربية والتعليم والكيانات الادارية المرتبطة بها، وهي كما يلي:
• التخصيص المالي الجيد في الموازنة السنوية لوزارة التربية والتعليم وانهاء ازدواجية الدوام من خلال بناء العدد المطلوب من المدارس.
• الاهتمام الكلي بالبنية التحتية للمدرسة (مرافق صحية، تجهيزات مكتبية، كهرباء، اجهزة تدفئة وتبريد، وحانوت مدرسي). حيث من المهم جدا ان يكون الوضع والجو داخل المدرسة مساوي او افضل لما يجده الطالب في بيته، وفي هذا السياق يجب ايلاء الاهتمام المطلوب بالمدارس الواقعة في المناطق النائية والريفية.
• ايلاء الاهتمام الكامل بدرسي الرياضة والتربية الفنية لما لهما من اهمية في اكتمال النضوج الفكري والجسدي للطالب، وهنا لا بد من توفر ساحة العاب ومرسم مع تجهيزاتهما المطلوبة في كل مدرسة.
• ان يتم اختيار المشرفين الاختصاص والاداريين، وفق الضوابط العلمية والمهنية الصحيحة، وان يتم تخصيص عدد محدد من المدارس وضمن رقعة جغرافية واحدة لكل مشرف. وبهذا ستتحقق المتابعة الدائمة لمستوى المدرسين الذين بعهدته. ومن المهم ان يكون دور المشرف الاداري او الاختصاصي توجيهيا وتقويميا وناصحا للادارات او المدرسين المكلف بالاشراف عليه.
• الاهتمام بالاسناد العملي للمنهج، والمقصود بذلك توفر المختبرات العلمية والمكتبة في كل مدرسة.
• ان تكون الدورات المخصصة لتطوير ورفع المستوى العلمي والتربوي للمدرس رصينة علمياً وبعيدة عن الشكليات او اسقاط الفرض. مع اهمية المتابعة الفعلية لاداء المدرس بعد الانتهاء من مشاركته بتلك الدورات، ومن المهم هنا اعادة فتح (معهد التطوير الاداري والتربوي) و(معهد تطوير تدريس اللغة الانكليزية) لما لهما من اهمية في تعزيز كفاءة واداء ادارات المدارس والمدرسين الاختصاص.
• منع كافة المضار والممارسات الطائفية داخل المدارس، حيث ان ذلك من شأنه بلورة جيل متشبع بقيم المواطنة.
• تطبيق نظام الامتحانات الوزارية (المنصوص عليه في نظام المدارس الثانوية، وعدم اصدار تعليمات او قرارات وقتية تتقاطع معه ومنها امتحان الدور الثالث/ الدخول الشامل للامتحان الوزاري بصرف النظر عن الدروس التي رسب بها الطالب في السعي السنوي). حيث ان تلك القرارات ساهمت بشكل كبير بتدني المستوى العلمي للطالب، وبالنتيجة انخفاض نسب النجاح.
• المتابعة الجدية لتطبيق تعليمات منع التدريس الخصوصي من قبل المدرس لطلبة مدرسته، وخاصة في الصفوف غير المنتهية، والمعاقبة الفعلية لكل من يخالف تلك التعليمات.
• الغاء مدارس (المتميزين) وان يكون القبول في المدارس الحكومية الثانوية وفق الانسيابية المغذية لها من المدارس الابتدائية وحسب الرقعة الجغرافية. ان ذلك الالغاء من شأنه اكثار عدد الطلاب الجيدين في كل مدرسة والقضاء على الفروقات النوعية بين المدارس.
• الكف عن تعيين المدراء العامين للتربية وبعض المدارس وفق نهج المحاصصة الحزبية الطائفية المقيت.
• عدم جواز منح اجازة فتح مدرسة اهلية الا بعد استكمال كافة الضوابط: (مساحة كافية، مختبرات، حديقة مدرسية، ساحة رياضية) اذ ليس من المعقول ان يتحول دار سكني بمساحة لا تتجاوز الـ 1000م2 الى مدرسة اهلية. ومن المهم هنا ايضا المتابعة الرسمية المستمرة لعمل واداء تلك المدارس الاهلية.
• ان فتح الكليات والجامعات الاهلية بهذا العدد المبالغ به ادى الى تهاون طلبة المرحلة الاعدادية في المثابرة على الدراسة، لأن أية كلية اهلية حالياً تمنح الطالب القبول برغم حصوله على درجات نجاح دنيا وباختصاص مشابه للموجود في الكلية الحكومية. ومن المهم هنا دور وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بتحديد ضوابط القبول في الكليات الاهلية من خلال جعل الضوابط مقاربة مع مثيلاتها في الكليات الحكومية.
• تعيين مشرف تربوي من حملة الشهادات الجامعية بالاشراف التربوي او علم النفس في كل مدرسة متوسطة او اعدادية لما له من اهمية في متابعة سلوك الطلبة والمساهمة مع ادارة المدرسة بحل مشاكلهم.
• عدم اعاقة او منع تشكيل لجنة طلبة اتحادية في المدارس الاعدادية فتلك ليست مسألة سياسية، بل تنظيم مهني من شأنه ايصال مطالب الطلبة الى الادارة والتعاون معها بحل المعضلات.
• تفعيل دور مجالس الآباء والمدرسين وعدم جعل انعقادها شكليا، مع اهمية ان يقوم رئيس مجلس الآباء بدوره الفعلي كحلقة ربط بين ادارة المدرسة واولياء الامور. ان كل ذلك من شأنه تعزيز الدور المجتمعي للمدرسة.
• اقرار وتطبيق قانون حماية المعلم والمدرس، نظرا لاحتوائه على الكثير من الايجابيات التي من شأنها رفع الدور الاجتماعي والاقتصادي لهما.
• اعطاء مخصصات نقل اضافية للكادر التعليمي في المدارس الواقعة في المناطق النائية والريفية لتشجيع ديمومة عملهم بتلك المدارس.
• ارى ان تقوم وزارة التربية والتعليم بدراسة اعادة العمل بنظام الانسيابية، ذلك النظام الذي كان يعمل به في سنوات السبعينات والثمانينات من القرن الماضي. والمقصود به توزيع خريجي المدارس المتوسطة على المدارس الاعدادية (علمي/ ادبي/ تجاري) حسب معدل درجات نجاحهم.