المنبرالحر

مسلسل تنفيذ الخارطة السياسية على الابواب / سامي سلطان

ان مسلسل الأحداث الجارية في المنطقة والعالم يشير الى ان هناك تحركا ملموسا باتجاه اعادة رسم الخارطة السياسية للعديد من البلدان، ومنها العراق بطبيعة الحال.
لقد آلت الأمور على اثر احتلال العراق عام ٢٠٠٣ وتداعياته الكارثية، ومن ثم ما اطلق على تسميته بالربيع العربي الذي بدأ في تونس، حيث اطلق شرارته محمد البو عزيزي حين احرق نفسه احتجاجا على الممارسات العدائية لسلطة بن علي المنهارة، ومن ثم ما جرى في مصر من تحولات سياسية مكنت الأخوان المسلمين من القفز للسلطة حتى كادوا ان يبيعوا مصر بالخردة ، مما دعا الجيش الى اخذ زمام المبادرة وإزاحة مرسي ونظامه من دست الحكم ، بالتزامن مع انهيار نظام معمر القذافي، ثم تدهور الأوضاع في سوريا، حيث ارتدت سياستها التي اعتمدتها في ما سمي بدعم مقاومة الاحتلال الامريكي، حيث سخرت أراضيها لعبور وتغذية تنظيمات القاعدة الإرهابية، ومن ثم ابو بكر البغدادي على اعتبار ان ذلك يدخل ضمن سياسية الدفاع عن العمق الأمني الاستراتيجي للبلاد، وذلك من خلال القيام بهجوم استباقي، وطبعا أن ذلك كله لم يكن بمعزل عن استراتجية الحليف الإيراني، وأذرعه في المنطقة المتمثل بحزب الله في لبنان والميليشيات التي انبثقت بعد احتلال العراق والمدعومة بالكامل منها.
يمكن القول ايضا ان روسيا تقع في قلب هذا التحرك ارتباطا بأهدافها الاستراتيجية القريبة منها والبعيدة، وبمصالحها الخاصة بالمنطقة، ومن الجدير بالذكر ايضا ان هذا الحلف المعلن يعتبر بهذا الشكل او ذاك مصدا للتوجهات الامريكية والدول الحليفة لها، التي انغمست حتى النخاع في كل الأحداث الجارية من أفغانستان الى شمال افريقيا.
لابد من الاشارة هنا الى ان كلا من المعسكرين نجحا الى حد ما في تحقيق أهدافهما وبنسب متفاوتة، وهما يواصلان العمل على تحقيق الغلبة لصالح تأمين مصالحهم القريبة والبعيدة.
ومن هنا نرى ان مسلسل تنفيذ الخارطة السياسية يترجم على الارض تدريجيا، ابتداءا من تعزيز مواقع القوات الامريكية في العراق من خلال زيادة قواتها على الارض وتمتين قواعدها العسكرية المعلنة والغير المعلنة، الى جانب ما تلعبه من دور فاعل في رسم السياسة العراقية وترويض الحلفاء الخليجيين للمساعدة في تعجيل آليات التنفيذ، وهذا الموضوع بحد ذاته يحتاج الى العديد من المقالات لشرحه.
ما يثير الاهتمام على صعيد دول الخليج هو التحرك باتجاه الحلف الايراني فهو الاخر يندرج في نفس السياق، حيث لاحت في الأفق بوادر الاجهاز على الحوثيين في اليمن، وتعزيز مواقع الرئيس المخلوع صالح، الذي أخذ يعلن صراحة ولاءه للنظام السعودي مجددا بعد ان تم إبرام صفقة غير معلنه من خلال ولي العهد السعودي سلمان هذا مما عجل في نهايته على يد الحوثيين، وستؤشر الأيام القليلة القادمة على تطورات جديدة باتجاه تقليم أظافر ايران في المنطقة ابتداء من حزب الله اللبناني مرورا بالحشد الشعبي والحوثيين في اليمن، وترك الملف السوري على نار هادئة الى حين، نظرا لحجم اللاعبين الكبار فيه.
وانطلاقاً من جدلية ارتباط العامل الداخلي بالعامل الخارجي، لابد من التأكيد على ان سياسة المحاصصة التي كانت السبب المباشر في انتاج الازمات مما جعل البلاد تدور في دوامة المشاكل المستعصية التي تلقي بأعبائها على كاهل المواطن الفقير في وقت يزداد المتمسكون بالحكم من الاحزاب والكتل الحاكمة ثراءا، وهم يحاولون اعادة انتاج انفسهم رغم فشلهم الذريع في ادارة الحكم.
ومن هنا تقع على كاهل القوى الوطنية المتمثلة بالتيار المدني الذي عبر عن نفسه في اطار تقدم مسؤولية العمل من اجل انقاذ البلاد من حالة التدهور، ووضعها على طريق البناء والأعمار الحقيقي من خلال اقامة دولة العدالة والمساواة حيث يعيش الجميع بأمن وسلام.