المنبرالحر

قانون الاحوال الشخصية الجديد ..تشريع مكانه الرف! / الحقوقية - منال حميد غانم

من مقولات المفكر الفيلسوف ماركس "ان تطور المجتمع يقاس بتقدم المرأة"، وذلك للارتباط الوثيق بين مكانة المرأة وتطور المجتمع ككل، بعدها أصبحت مكانة المرأة ووضعها معياراً لقياس التقدم الحضاري والثقافي ..الخ للشعوب، فالمرأة أساس تكوين المجتمع عليه وضعت القوانين الوضعية لأنصافها وتمكينها، مع الأخذ بعين الاعتبار المعارك التي قادتها المرأة لنيل حقوقها تلك.
ومن يطلع على بعض قوانين الأحوال الشخصية في دول العالم يجد أن قانون الأحوال الشخصية في الجمهورية الإيرانية هي صاحبة أدنى سن زواج حيث حدد بواقع (9) سنوات حسب الفقه الجعفري، ولكن القانون فيه جملة من الشروط تحمي المرأة الإيرانية مثلا حق تطليق نفسها اجمالا وفي حالة تعاطي الزوج مواد مخدرة خصوصا، كذلك حقها بنصف أثاث الزوجية بغض النظر اذا كان الطلاق خلعياً أو رجعياً. من بعدها تأتي المملكة العربية السعودية حيث حددت سن الزواج بواقع (10) سنوات. ولهذا يكون قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم ١٨٨ لسنة ١٩٥٩ أفضل القوانين في البلدان العربية بتحديد سن الزواج بواقع (١٨) عاماً مع استثناءات تطرأ على القانون وتشكل فجوة للإخلال بهذا التحديد وهو السماح بزواج القاصرات بوجود ولي الامر، عليه يمكنني القول ان العراق يحتل بهذا النص رغم علاته، مكانة متقدمة ضمن دول العالم التي ترتفع بسن الزواج تفاديا لمخاطر تفكك الأسر، اذ تشكل الصين أفضلها حيث حددت سن الزواج بواقع (٢٢) عاماً للرجل والمرأة على حدا سواء.
عند التفكير بمقترح قانون يجب الاطلاع على التشريع المقارن في الدول العاملة به لمعرفة كيف تتعامل الشعوب معه، كذلك ينظر الى تقدمها الحضاري والتشريعي، ومعرفة نتائجه الكارثية التي حصلت لهم جراء ذلك القانون، وليس تقديم مقترح قانون مستنسخ بسبب بعده التاريخي او الديني لأنها صبيانية في العمل التشريعي لا يجرأ عليها طالب مرحلة أولى في كليات القانون.
لقد تم اقتراح قانون الاحوال الشخصية الجعفري على غرار لبنان ليسلب من العراقيين المدنيين واحداً من افضل قوانينهم وقوانين العرب بعد تونس، رغم ان القانون يحتاج اصلا إلى تعديلات لترميمه وذلك بسبب عدم انصياعه إلى اتفاقية سيداو التي تم افراغها من محتواها بكثرة التحفظات على بعض فقراتها، والتعديل يخص الإرث والعنف الأسري بمختلف اشكاله والطلاق الخلعي وغيرها.
القائمون على تشريع قانون الاحوال الشخصية العراقي الجديد اظهروا وبقوة أنهم غير جديرين بمعرفة متى نشرع قانوناً؟ وكيف؟ لذلك يجب الإصرار على ارجاع التشريع الجديد الى الرف او درج المكتب، لأن المجتمع لا يحتاج قانونا يزيد من المشاكل الاسرية وتفككها، عن طريق تزويج القاصرين والذين هم الأكثر عرضة لحالات الطلاق وبالتالي تفكك الأسرة ما يشكل عاملاً مهماً لوقوع الجريمة بمختلف أنواعها، ولهذا فالتشريع ليس لتقدم البلد بل لإرجاعها إلى الوراء عشرات السنين، خاصة وان نساءنا تعيش السوء بعينه والقيود بكل تجلياتها وليست بحاجة إلى قيود جديدة.
حافظنا وسنحافظ على قانون شُرع بإشراف نساء مدنيات محبات للحياة والعدل حتى بات خاصرة المدنيين التي يطعنون بها كلما حاولوا الاستفزاز.