المنبرالحر

أيها الناخب صوتك مستقبلك لتصحيح المسار / جواد وادي

لا يختلف اثنان من العراقيين بمن فيهم البعض من مسؤولي السلطة من الشرفاء وهم القلة، بأن أحزاب الإسلام السياسي والأحزاب الطائفية الأخرى في العراق ساهمت وبشكل يبعث على التساؤل والدهشة في وضع البلد في طريق مجهول واعاقته في كافة المناحي والتفاصيل بعد ان استبشر العراقيون المتضررون من حكم الطاغية بزوال الغمة وإصلاح ما تبقى من خراب وعلى كافة الأصعدة بقدوم الأحزاب المعارضة وخاصة الإسلامية منها وما كانوا يتعرضون له من ملاحقات وتصفيات واعدامات وسواها من بطش البعث المجرم، ألا ان ما حصل من مفاجئات وغرابة تصل حد عدم التصديق، أن الجميع قد تحولوا الى افاع وحيتان فساد وكل حزب وتكتل ومكون يحمل مشروعه الآني والمستقبلي في الاستحواذ على السلطة بقوة السلاح وبتوظيف الدين لخدمة أهدافهم وتكريس الطائفية والمذهبية من خلال العمل على اطلاق اليافطات الدينية التي تحاكي الوجدان الفطري للناس بعد أن كان البسطاء من المنتمين للمذهب الشيعي محاصرين من لدن السلطة الفاشية بعدم ممارسة طقوسهم بحرية تامة، الأمر الذي كان القادمون الجدد من الفاسدين يعلمون جيدا أن تكريس هذا الاتجاه بتحريك الشعور المذهبي له من القوة والتأثير والسطوة مما يجعل الناس لا تفكر بأي شيء سوى ممارسة شعائرهم لتكون ضمن اولوياتهم، وما تبقى من اصلاح الاعتلالات في جميع مناحي حياتهم سيأتي لاحقا، المهم لديهم الاشباع الروحي لممارسة ما يؤمنون به، وهنا كان الساسة الجدد من الذكاء والقراءة الصحيحة لقناعات المسحوقين لتكريس النهج الطائفي، وبالتالي للتفرغ لمشروعهم الذي دمر كل شيء واحال البلد الى مجرد ضيعة وكانتونات توزعت عليهم، وهنا تكمن الغرابة التي لم نعرف حتى اللحظة سببها وأهدافها ومآربها، اذ كيف يعقل أن مواطنا كان معارضا وينتمي للإسلام السياسي، وذاق الامرين من البطش البعثي، أن يتحول هو ذاته الى مشروع تخريب وفساد من شأنه أن يرهن العراق للمجهول، وهذا ما حصل فعلاً.
نعرف من خلال متابعاتنا لما يحصل من تجاوزات في الوطن العربي، أن ظاهرة الفساد والرشوة وبيع الضمائر وخيانة الأوطان منتشرة على امتداد الخريطة العربية دون استثناء، ونعرف كذلك أن أحزاب السلطة بمسؤوليها ونوابها ومن له سلطة قرار من المنتمين لها يحفلون بامتيازات وحقوق غير مشروعة وغيرها الكثير من الفوائد، ولكن يمكن للمراقب أن يقوم بعملية فرز بين هذا المسؤول وذاك من خلال ما تظهر على الفاسد من علامات ترف تكون محط تساؤل، ليكون متابعا بسؤال: من اين لك هذا؟ لكن هذه الحالة الشاذة في العراق تبعث على التساؤل المحير، أن يتحول الجميع، كبارهم وصغارهم والمختفين تحت جلابيبهم، إلى مافيات نهب وسلب وثراء فاق التصور، لتتجه كل الجهود القذرة الى تبديد الثروة بشكل مخيف، لتظهر لنا مافيات خارج العراق، هي امتداد وادوات تنفيذ لتبييض العملة وتهريبها بملايير الدولارات، لتتشكل امبراطوريات توزعت على جغرافية العالم، وخاصة في بريطانيا وفرنسا وتركيا وعدد لا يستهان به من البلدان العربية المعروفة، بامتلاك عقارات وانشاء مؤسسات وشركات وفنادق كبرى وسواها من المشاريع، وان كلفنا أنفسنا لنعرف مصدر هذا الثراء، نجد أنهم جميعا من منتسبي أحزاب الإسلام السياسي من الطائفيين المنحطين، وكل من هب ودب على الساحة السياسة من النكرات الذين لا نعرف من اين أتوا وكيف تناسلوا مثلما الزواحف الضارة؟
وفي المقابل ترك حالة الخراب في العراق على امتداد ترابه على ما هي عليه وعدم توظيف أموال العراق الهائلة لإعادة بناء البنى التحتية، من ماء نقي وكهرباء وشوارع ومدارس ومؤسسات صحية وتوزيع عادل للثروة الوطنية وإيجاد عمل للعاطلين والكثير الكثير من الاحتياجات الملحة لإخراج العراق من حالة الإهمال الكلي وفي جميع المحافظات، وكأن هذا التوجه غير المسؤول بمثابة مهام نفذها الفاسدون لإبقاء البلد يعاني من ذات الدمار، وهذه الحالات ما هي بخافية على أحد، والمدهش حقا أن ساسة الخراب هؤلاء يتبجحون وبوقاحة لا نظير لها بأن الإمكانات لا تسمح بتعمير العراق، وهم يعرفون جيدا مثلما يعرف الطفل الرضيع، بأن السبب الوحيد هو افراغهم لخزينة العراق وتوزيعها عليهم وعلى عوائلهم ومرتزقتهم ومليشياتهم المنفلتة وكل من يقترب منهم أو يتحول الى أداة رثة لهم لتنفيذ اغراضهم الدنيئة. دون ادنى محاسبة أو متابعة أو حرص على عدم تبديد أموال الفقراء.
لماذا يا ترى كل هذا الصمت الذي لم نجد له مبررا من فقراء العراق ومسحوقيه وجميع المتضررين من هكذا حالات ليس لها مثيل سوى في عراق الخراب والمحاصصة المقيتة. والأنكى من ذلك غياب أية سلطة قانونية نزيهة لإيقاف هذا النزيف المخيف لثروات العراق.
يبقى الشيء الذي يقض هدأتنا ويؤرق كل المتابعين من تفشي ظواهر الفساد والتهميش هذه، ان المعنيين بالتغيير ومن له مصلحة فيه، يعلنون دائما بالعزوف عن المشاركة في الانتخابات، وهذا ما يطبّل ويزمر له الفاسدون والطائفيون، لأن الساحة ستبقى لهم وحدهم ليوم الانتخابات، بعد أن يضمنوا أن من يخيفهم ويهددهم بالإزاحة والكنس وهم يعلمون ذلك جيدا، سيظلون قابعين في بيوتهم، ليخرج فلول مرتزقتهم والمنتفعين من بقائهم على سدة الحكم، وكل خفافيشهم، للإدلاء بأصواتهم دون وجود من ينافسهم، وهنا تكمن الكارثة، لأن قانون الانتخابات لا يتضمن فقرة الغاء الانتخابات في حالة وجود النسب الدنيا من المصوتين، وكأنك يا بوزيد ما غزيت، لتظل ذات الوجوه الكريهة وسواعد النهب واللصوصية جاثمة على صدوركم وممتدة في كل اتجاه يا فقراء العراق وسترتكبون خطيئة لا مثيل لها، حيث لا ينفع الندم.
أن الأحرى بكم أيها العراقيون الرافضون لبقاء هؤلاء الفاسدين على حالات النهب، أن تخرجوا عن بكرة ابيكم للإدلاء بأصواتكم التي ستكون الرماح الحقيقية التي ستوجه الى صدور ناهبيكم، وستريحون وتستريحون وتكون ضمائركم هانئة، لأنكم قمتم بواجبكم الوطني الحقيقي.
إن العزوف عن الانتخابات بمثابة اطلاقة الرحمة على العراق ومستقبله للخروج من كوارثه وفواجعه وويلاته، وقبل كل شيء تعرضكم وعوائلكم الى محن تجعلكم لا تحتكمون على أدني الإمكانات للبقاء على قيد الحياة.
أن من يدعو الى عدم الادلاء بصوته يوم الانتخابات، إما خائن للوطن ولضميره ولعياله، أو مدفوع من لدن ساسة الفساد، بأصوات مدفوعة الثمن.
لا تنصتوا لما يقوله المعممون والفاسدون واللصوص من تخويف وتحذيرات من التيار المدني والتحالفات الرافضة للمحاصصة وبشتى طروحاتهم السامة، لأنهم يسعون لتوظيف بساطتكم لمصالحهم هم لتظل دار لقمان على حالها.
فحذار ثم حذار من الوقيعة في هذا الفخ الذي يخطط له الفاسدون.