المنبرالحر

هل ينبغي أن يكون السن التقاعدي موحدا؟ / علي إبراهيم

من مظاهر التخبط الذي تتسم به هذه المرحلة من تاريخ العراق، هذه الاجتهادات والآراء التي تطرح بين حين وحين حول تحديد السن التقاعدي للمواطنين. فإزاء ضغط البطالة السائدة في البلد والتي ينبغي دراستها ومعالجتها، يقترح رئيس الوزراء جعل السن التقاعدي ستين سنة، دون الانتباه الى الأضرار التي ستلحق بجمهرة واسعة من المواطنين وعائلاتهم، خاصة عندما يكون الراتب غير مجزي. وبالمناسبة أن دولا متقدمة تدرس اليوم رفع السن التقاعدي من 65 الى 67 سنة، بعد أن قدرت حجم الضرر النفسي الذي يصاب به المتقاعد في مثل هذه السن...
لابد للسن التقاعدي أن يرتبط بطبيعة المهن. فالضابط في الجيش ينبغي أن يكون سنه التقاعدي كما هو معمول به بين 35 و55، حسب الرتب العسكرية. والقضاة سن تقاعدهم مفتوحة مادام القاضي يتمتع بقدرته الصحية. وقد اطلعت على كثير من أنظمة التقاعد في العالم بما فيها بريطانيا وأمريكا ووجدت أن السن التقاعدي لأساتذة الجامعات مفتوحة، فلا يتقاعد من هو بمرتبة أستاذ إلا في حالتين: حالة مرضه وعجزه عن ممارسة المهنة، أو بطلب منه. والهدف واضح وهو الإفادة القصوى من تراكم المعرفة والخبرة عنده.. ومن المفارقة أن مجلس القضاء الأعلى- الذي ?عمل أعضاؤه مدى الحياة – هو الذي قرر رفض قانون تقاعد التدريسيين، الذي ينص على حق التدريسي الذي حصل على مرتبة الأستاذ المساعد أو الأستاذية أن يتقاعد في سن 70 سنة. وهذا القانون صدر عن مجلس النواب وصادق عليه رئيس الجمهورية ونشر في جريدة الوقائع العراقية الرسمية، ومع ذلك رده مجلس القضاء بناء على شكوى قدمها وزير التعليم العالي والبحث العلمي، من دون أن نفهم حيثيات هذه الشكوى. وما زال كثير من الأسئلة والأجوبة المفترضة تتداولها جمهرة التدريسيين. بعضهم يقول: إن السيد الوزير يريد أن يتخلص من البعثيين الذين يشكلون ن?بة كبيرة من الأساتذة. ولكن البعثيين يتربعون على كل المناصب في كل الجامعات، سواء من دخلوا بيت أبي سفيان أو لم يدخلوا. وعلى العكس من ذلك يبقى الذين قارعوا النظام الدكتاتوري وتحملوا أنواع الاضطهاد والسجون والتشرد، هم المهمشون!؟
ومن جهة أخرى هل يتساوى العاملون في المجالات الكيميائية الخطرة مثلا أو غيرها، مع الآخرين؟ ألا ينبغي أن يتضمن القانون مخصصات مجزية خاصة لهؤلاء، الذين ضحوا بصحتهم من أجل النفع العام؟
لذا اعتقد أن الحديث عن قانون موحد للتقاعد هو قفز على الواقع، وابتعاد عن الموضوعية. وان على البرلمان والمعنيين مناقشة هذه الأمور وغيرها بجدية أكبر، واعتمادا على تصورات وآراء كل العاملين في مجالات العمل المتنوعة كافة.