المنبرالحر

هنيئا للشيوعيين بعيدهم الثمانين / عاصي دالي

في آذار من كل عام يحتفل الشيوعيون العراقيون بعيد ميلاد حزبهم المجيد. وفي عام 2014 يكون قد مر على تأسيسه ثمانون عاما قدم فيها الحزب المئات من الشهداء وتعرض عشرات الالاف بل مئات الآلاف من الشيوعيين وأصدقائهم على مدى العقود الثمانية الماضية من عمره الى اقصى صنوف الظلم والاضطهاد مما جعل الحزب يستحق شرف اسم حزب الشهداء.

ففي فترة كان العراق يواجه مهمات التحرر الوطني سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا ظهر الحزب الشيوعي العراقي الذي لايعرف المهادنة والمساومة على حساب الحركة الوطنية والقومية, ولا يعرف المواسم في النضال وكان دائما وما يزال يـربط القضية الوطنية بمصالح الكادحين من ابناء هذا الشعب بغض النظـر عن اللغة والـدين والفكـر.
لقد تمتع الحـزب الشيوعي العراقي بحب واحتضان الجماهيـر الشعبية له, بسبب دفاعه العتيد والمتواصل عن مصالحها وطموحاتها وأهدافها المقدسة في اوقات المحن والشدائد وفي مختلف الظروف ان هذه الحقيقة معروفة لـدى الاصدقاء والاعداء على السواء وهي معروفة جيدا لجماهير شعبنا العراقي بكافة طبقاته وفئاته الاجتماعية وقـومياته واقـلياته القومية وان هذا النضال الذي قاده الحزب وتضحياته الجسام أكسبته أحترام وتقـدير الحركة الوطنية العراقية على مدار الحقبة الزمنية الماضية ومن أهم نضالات الحزب كانت الانتفاضات والتظاهرات الجماهيرية الواسعة.
ففي ربيع 1935 دافع الحزب عن الانتفاضات المسلحة التي قادها الفلاحون في ارياف الفرات وكردستان وفي تموز 1935 أصدر الحزب الشيوعي العراقي أول جريدة مركزية له وهي (كفاح الشعب) وكانت اول جريدة عراقية تطبع سرا تناول فيها مطالب الجماهير الشعبية وكان المدافع الحقيقي لـها
وفي 29 تشرين الاول 1936 قاد الشيوعيون التظاهرة الجماهيرية الكبرى التي خرجت انتصارا للشعب الفلسطيني في نضاله ضد الانتداب البريطاني والصهيوني وكل ذلك دفع الحكومة الرجعية آنذاك الى الانتقام من الشيوعيين بإحالة الكثير منهم الى المحاكم بدءاً من اعوام 1934 في الناصرية وطالت الاعتقالات المتتالية للشيوعيين بسبب نضالهم ضد الحكم الملكي شبه الاقطاعي والهيمنة الاستعمارية على مقدرات البلد الى إعدام قادته في عام 1949.
لقد بذل الرفيق الشهيد سلمان يوسف سلمان (فهد) مؤسس الحزب الشيوعي العراقي جهوداً مضنية ومبدئية خلال اعوام 1938 ــ 1945 من أجل أعادة بناء الحزب وتأهيله للوقوف في طليعة النضال الوطني التحرري لشعبنا واصدر الحزب جريدته (الشرارة) ثم القاعدة وقد حرر الرفيق (فهد)العديد من المقالات في جريدة الحزب او غيرها من الصحف المحلية دفاعا عن قضايا العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين وعن القضايا الوطنية من اجل الاستقلال والسيادة الوطنية ودافع عن القضايا القومية على الاسس الديمقراطية التي تلبي مطالب ومطامح الكادحين العرب ويتميز مقاله الذي نشر في عام 1942 والذي دعا فيه الى اتحـاد عربي أسماه (اتحاد الشعوب العربية المناضلة في سبيل الديمقراطية والانعتاق من السيطرة الرجعية) وكان هذا المقال يتصف ببعد نظر مبدئي وطابع عملي في وقت واحد, وكان الحـزب يستهدف دوما تعزيز مكانة القوى الوطنية والثورية واحزابها كافة تحت شعار (قووا تنظيم حزبكم قووا تنظيم الحركة الوطنية).
وكان للحزب الشيوعي العراقي ومؤسسه الرفيق (فهد) دور بارز ومشهود في النضال ضد الاستعمار والصهيونية فقد كتب في جريدة (العصبة) لسان حال عصبة مكافحة الصهيونية مطالبا بانهاء الانتداب على فلسطين (فلا قضاء على الصهيونية بدون انهاء الانتداب على فلسطين وبالقضاء على الحكم الاجنبي فيها).
وكان الرفيق (فهد) المدافع عن شعار الجبهة الوطنية الموحدة , وقد بذل الحزب جهودا مثابرة من أجل تكوينها ودفعها الى ساحة النضال حيث كان الشعار المركزي لجريدة الحزب عام 1934 (يا جماهير الشعب أتحدي ضد الفاشية وفي سبيل الخبز والحـريات الديمقراطية في جبهة وطنية موحدة).
وقام الحزب خلال مسيرته قبل ثورة 14 تموز المجيدة بدعم مطالب الفلاحين التي تضمنت.
1ــ جعل حصة الفلاح الثلثين بدلا من الثلث الذي يحصل عليه نتيجة عمله في ارض ملاكي الارض.
2ــ الغاء ضريبة الميري الفاحشة 10بالمئة من الحاصل وتسمى ضريبة الارض.
3ــ الغاء نظام السخرة وعدم الاعتداء على الفلاح.
وعند انعقاد الكونفرنس الاول عام 1956 تحت شعار (في سبيل تحررنا الوطني والقومي) كان من أول اوليات الحزب هي اقامة جبهة الاتحاد الوطني التي ساهمت في قيام ثورة الرابع عشر من تموز 1958المباركة, وقد تميز الحزب الشيوعي العراقي بفهم مطالب الفلاحين وصياغتها بشعارات واضحة ومفهومة لهم وتمكن من تعبئة قوى الريف واعدادها للمساهمة بالثورة والدفاع عنها اذا اقتضى الامر وتكمن اهمية اعداد الفلاحين للامكانيات التي يمتلكونها في شل حركة الاقطاعيين اذا ما قرروا القيام بعمل ضد الثورة وقد كتبت جريدة (صوت الفرات) التي اصدرها التنظيم الفلاحي للحزب الشيوعي العراقي (الحركة الفلاحية قوة ثورية قادرة على المساهمة على اكتساح الحكم العميل) وقد اصبح الحزب المعبئ والمنظم للنضالات الفلاحية واكتسب خبرة نضالية في العمل بين الفلاحين مكنته من رسم شعارات مناسبة يدركها الفلاحون والتي تمثل مصالحهم.
وعند صدور بيان اللجنة العليا لتأسيس جبهة الاتحاد الوطني بادر الحزب في تشكيل الوفود لمخاطبة الشخصيات الكبيرة والمؤثرة في الوسط الجماهيري والذين لديهم نزعات وطنية معادية للاحتلال وضد النظام العميل وحثهم على الاصطفاف لجانب القوى الوطنية وقد وجهت جريدة الحزب (اتحاد الشعب) النداء الآتي (ايها المواطن الغيور , بادر بنفسك دون ان تنتظر ايعازا الى الاتصال بأبناء محلتك او قريتك او المشتغلين معك في محل عملك في السوق او العمل او المؤسسة التي انت بها او بأبناء مهنتك او المقربين منك بصرف النظر عن معتقداتهم او قومياتهم لتكوين لجنة وطنية تتصل بالجماهير وتشرح لها المطالب الوطنية الكبرى التي اعلنها بيان جبهة الاتحاد الوطني.
ومنذ اليوم الاول لثورة الرابع عشر من تموز كان الحزب الشيوعي العراقي من اوائل المؤيدين والمهنئين للثورة من خلال برقية التهنئة التي أرسلها الرفيق سلام عادل سكرتير الحزب الشيوعي العراقي صبيحة الرابع عشر من تموز 1958 وأصدر الحزب في اليوم نفسه بيانا أشار فيه الى دعمه للثورة ومن فقراته (ان ثـقتنا لا حدود لها بقوى شعبنا العراقي الأبي الزاخر بعربه واكراده بعماله وفلاحيه وكافة جماهيره الشعبية الباسلة وبقوى جيشه المغوار وبقدرة هذا الشعب الأبي المجاهد على الوقوف كرجل واحد لرد كل معتد اثيم وكل باغ لئيم) وتعرض الشيوعيون العراقيون في عام 1963 الى حملة بربرية شعواء راح ضحيتها الآلاف من قيادات وكوادر الحزب الشيوعي العراقي واصدقائه ومؤازريه من ابناء شعبنا العزيز الذي لم يبخل يوما على الحزب من تقديم خيرة ابنائه وبناته ليرفد بها الحزب وليبقى شامخا ضد اعدائه.
وقاد الحزب الشيوعي العراقي نضالا لا هوادة فيه ضد النظام الدكتاتوري الصدامي البغيض خلال العقود الماضية التي سبقت التغيير في التاسع من نيسان 2003 والذي جاء عن طريق الحرب التي رفضها الحزب حيث رفع شعار (لا للحرب.. لا للدكتاتورية) وقد اصدر الحزب بيانا في 5/3/2003 أي قبل اندلاع الحرب على العراق بفترة قصيرة جاء فيه (ابعدوا شبح الحرب تضامنوا مع الشعب العراقي في سبيل الخلاص من الدكتاتورية واقامة البديل الديمقراطي) وكان رافضا للحرب باعتبارها الخيار الاسوأ والأشد تدميرا وتخريبا أي ان رفضه للحرب مبدئي واخلاقي من واقع ما كان سيتعرض له شعبنا من أهوال حرب شاملة تستخدم فيها الاسلحة الحديثة كبيرة التدمير تؤدي الى خسائر في الارواح قبل الممتلكات.
وهاهم الشيوعيون العراقيون وحزبهم العتيد على ابواب الذكرى الثمانين لتأسيس حزبهم وهم يفتخرون بتقديم القرابين تلو القرابين من خيرة اعضاء وانصار حزبهم لأجل حرية وطنهم وسعادة شعبهم وقد عقدوا مؤتمر حزبهم التاسع تحت شعار ((دولة مدنية ديمقراطية اتحادية .. عدالــة اجتماعية))
هنيئا للشيوعيين العراقيين بعيدهم الثمانين.