المنبرالحر

المأثرة الحسينية تبقى تقدم دروسها / محمد عبد الرحمن

المواطنون وهم يحيون شعائر عاشوراء ويستذكرون مأثرة الامام الحسين (ع) وقولته المأثورة «هيهات منا الذلة» ، عبروا عما يجيش ويعتمل في صدروهم من الم وحسرة وشعور بالضيم ،وحالة قلق وعدم اطمئنان. وتجسد ذلك في العديد من الردات التي صدح بها المشاركون في العديد من المواكب الحسينية، مما اضفى هذا العام طابعا متميزا على مراسيم احياء الذكرى. فامتزج استحضار دروس المأثرة وقيمها ودلالاتها مع حاضر راهن يئن فيه المواطن وينوء تحت ثقل الأزمات وسوء الاحوال والخدمات والفساد المستشري الذي ينخر في مؤسسات الدولة ويلقي بظلاله عل? المجتمع أيضا، محملين المتنفذين المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع.
ومن سمع تلك الردات عن كثب وتابعها بعناية، رأى أجيال الشباب وقد اخذها الحماس المبرر، تقول كلمتها صريحة واضحة، ناقدة للأوضاع وما وصل إليه حال البلاد والعباد، ورافضة للواقع المراد تكريسه وفرضه، ملقية بالمسؤولية على جميع المتنفذين، فكانت حقا صيحات حق وسط ظلام يريد البعض ان يكمل دائرته بحيث يغدو مطبقا. ولكن، وبهذا الإصرار الحسيني على الحق والصبر والثبات على المبادئ، يبدو أن ذلك من المحال. فهذا هو العراق، وهذا هو شعبه، وعلى من لم يع الدرس بعد ان يرجع الى التأريخ ويتصفح صفحاته ويتمعن بالعبر الغنية وما ضم?ه من كنوز لا تقدر بثمن.
فلا يذكر اسم يزيد إلا عنوانا للتجبر والتكبر والطغيان والاستبداد، ولا يمر اسم الحسين الثائر حتى يلهب الحماس من جديد، وكأن حادثة الطف قد وقعت اليوم. فتردد الجموع رفضها للظلم والقهر والاستعباد، وتؤكد إصرارها، مهما غلا الثمن على الدفاع عن القيم السامية النبيلة للمأثرة الخالدة.
نحن إذن أمام معطى جديد، في ظرف جديد، يتطلب حقا هذا الإصرار، بل والعناد، إن شئتم، في الذود عن الحق ونصرة المظلومين والانتصار للعدالة، وإعلاء الصرخة الحسينية، وجعلها تطوف أرجاء الوطن، معلنة ضرورة التغيير والإصلاح، والامتثال لإرادة الناس وخياراتها.
لقد قال التاريخ كلمته في المتجبرين والمتكبرين والطغاة، وسالبي مقدرات الشعوب وثرواتها، وسارقي قوتها، ومنتهكي حقوق الإنسان. فحري بذوي المسؤولية التمعن جيدا ومراجعة النفس والامتثال لصيحات الحق، فالحق آت لا مرد له، قصر الزمن أم طال.