المنبرالحر

هل ستكون ايران قدر كردستان الثالث؟ / انس محمود الشيخ مظهر

ان وجود وفد ايراني في اقليم كردستان بالتزامن مع المفاوضات الجارية بين الاحزاب الكردستانية لتشكيل الحكومة القادمة تشير الى الدور الذي تأمل ايران لممارسته في السياسة الداخلية للإقليم بعد ان حازت الاحزاب الكردية المقربة منها على اصوات تؤهلها للدخول وبقوة في الحكومة الكردستانية القادمة .
ان كانت امريكا وإيران هما قدرا الحكومة العراقية في المركز منذ الالفين وثلاثة ولغاية يومنا هذا فان لإقليم كردستان اقدارا سياسية كثيرة لا يمكن التغافل عنها , فمع القدر الامريكي والتركي يظهر هناك قدرا ثالثا يلوح في الافق مخالفا لهما وهو القدر الايراني الذي قد يكون قدرا اسودا ان لم نحسن التصرف معه في كردستان . ففي الوقت الذي استطاع فيه اقليم كردستان من تحويل الهيمنة الامريكية والتركية الى تنسيق سياسي واقتصادي يصب في مصلحة كل الاطراف عمد الى ابقاء مسافة معينة في العلاقات بينه وبين ايران والاقتصار على علاقات يمكن وصفها بالجيدة معها , وكان رد الفعل الايراني على ذلك هو محاولاتها في إضعاف النفوذ السياسي الكردي عراقيا من خلال دفع حكومة المركز لإثارة المشاكل مع الاقليم وكذلك مد الجسور مع بعض الاحزاب الكردية التي تمتلك ثقلا جماهيريا في المناطق المحاذية لها بغية شق الصف الكردي مستغلة المنافسة الحزبية بين هذه الاحزاب والحزب الديمقراطي الكردستاني ( حزب الاغلبية في الحكومات الكردية المتعاقبة).
كنا قد دعونا في مقالات سابقة حكومة كردستان لإقامة علاقات متميزة مع الجانب الايراني بالتوازن مع علاقاتها مع تركيا وقد حان الوقت الان لأخذ هذا المقترح على محمل الجد وذلك للأسباب التالية :-
1- الاحداث الاخيرة تشير الى ان المجتمع الدولي رضخ ضمنيا في القبول بإيران كقوة اقليمية لا يستهان بها وكدولة لها طموح وأجندات بعيدة المدى عكس دول اقليمية اخرى اثبتت قصر نظرها السياسي على غرار تركيا و بعض الدول العربية , وقد تمثل البروز الايراني هذا في الموقف الامريكي الاخير حيالها سواء في الازمة السورية او في ملفها النووي.. ولذلك فمن مصلحة الاقليم اقامة علاقات متميزة معها جنبا الى جنب مع علاقاته مع دول المعسكر المضاد .
2- ان دخول الاحزاب الكردستانية القريبة من ايران للحكومة الجديدة في الاقليم ووجود علاقات متميزة بين تركيا والحزب الديمقراطي الكردستاني ( حزب الاغلبية في البرلمان) يشير الى ان الحكومة الكردية القادمة ستكون ذات علاقات خارجية غير متجانسة تؤثر فيها اجندات ومصالح هذه الدول اكثر من مصالح الشعب الكردي فيما اذا لم يتدارك حزب الاغلبية ( الحزب الديمقراطي الكردستاني ) هذه الثغرة السياسية , وعليه فان الانفتاح على ايران يمكن ان يكون من المهام الملحة لتشكيل حكومة تواجه التحديات بشكل مشترك منطلقين من مصالح الشعب الكردي وليس ارادات هذه الدولة او تلك .
3- وجود علاقات مركبة لحكومة اقليم كردستان مع كل من تركيا وإيران سوف يعطي الاقليم مساحة كبيرة للمناورة بين دور الدولتين في المنطقة ليمثل اوراق ضغط على الطرفين حسب المعطيات الكردية خاصة على الجانب التركي الذي لا يمتلك الاقليم حاليا اي اوراق ضغط عليها بعد فقدان ورقة حزب العمال الكردستاني .
4- الانفتاح على ايران سيؤدي لانسجام اكثر في الملف الكردي في كل من كردستان تركيا وسوريا بعد ان شهدت العلاقات الكردية الكردية في الاقليم وخارجه بعضا من التوتر بدفع ايراني سوري مشترك مؤخرا .
5- ان التوجه نحو المعسكر الايراني بعمقه الروسي الصيني سيعطي للإقليم مساحة مناورة اكبر مع المعسكر الامريكي الغربي يمكن من خلالها تسجيل الكثير من النقاط لصالح الطموحات القومية للشعب الكردي على الصعيد الدولي .
6- اقامة علاقات قوية مع ايران سيؤدي بالمحصلة الى تعزيز موفقها السياسي في الداخل العراقي وسيضعف رهان الحكومات العراقية على الدعم الايراني لها ازاء الملفات العالقة مع الاقليم .
مثلما تمكن الاقليم (الى حد ما) من شراء الموقف السياسي التركي تجاه الكثير من القضايا الكردستانية بإقامة علاقات اقتصادية معها .. يمكن ممارسة السياسة عينها مع ايران التي تعاني اساسا من مشاكل اقتصادية كبيرة على اثر الحصار الدولي عليها, وإذا ما اخذنا بنظر الاعتبار التوجه الدولي الحالي في تخفيف العقوبات الاقتصادية على ايران فقد يتمكن الاقليم من التعامل مع ايران في الملف النفطي بنفس الصيغة التي تعامل فيه مع تركيا يمكن ان يصل الى مد انبوب نفطي من حقول كردستان وخلال الاراضي الايرانية الى موانئها على الخليج العربي مما سيفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الطرفين قد يكون لها نتائج مثمرة على الموقف الكردي بشكل عام في المنطقة .