المنبرالحر

صخرة سيزيف .. وصخرة الامانة / محمد عبد الرحمن

سيزيف أو سيسيفوس كان أحد أكثر الشخصيات مكراً وخبثا ولؤما. كان مخادعا بحسب الميثولوجيا الإغريقية، حيث استطاع أن يخدع إله الموت ثاناتوس مما أغضب كبير الآلهة زيوس، فعاقبه بأن يحمل صخرة من أسفل الجبل إلى أعلاه، فإذا وصل القمة تركها تتدحرج إلى الوادي،

ليعود فيرفعها إلى القمة، ويظل هكذا حتى الأبد. فأصبح رمزا للعذاب الأبدي .
ترى ..هل ان صخرة سيزيف تلاحقنا الى يومنا هذا ، كما صرح احدهم؟ وهل صخرة امانة بغداد هي البديل في زماننا؟ هنا لابد من التوقف لحظة ، فصخرتنا حقيقة واقعة ، وزنها 150 كغم، وقد تم وزنها بميزان الذهب وعين الحسود بيها عود. وقد اضطررنا الى كسر منهولات واحضار اجهزة ومعدات لرفعها، فكان انتصارا مبينا على الخصوم السياسيين ، والمناكدين ، والمشعوذين . ثم جاء تكسير الصخرة ليوجه ضربة موجعة الى التدخلات الداخلية والخارجية ، وينزل هزيمة منكرة باعداء حكومة « الوحدة الوطنية «، حيث كان المخطط اللئيم الآثم يستهدف اسقاطها عبر سد المجاري واغراق بغداد!
المواطنون الذين غرقت بيوتهم وتقطعت بهم السبل ، وسكنوا» السطوح « وسهروا الليالي لمنع وصول مياه الامطار الى بيوتهم، هدأ روعهم اخيرا بعد معرفة السبب، فعندها بطل العجب . ذلك ان مجارينا سدت بهذه الصخرة اللعينة ، وعند رفعها انتهت المشكلة. وبذلك نكون على استعداد للتعامل مع مستوى من الامطار يفوق 60 مللم !.
انه انجاز عظيم تحقق بفضل التخطيط السليم والتنفيذ الدقيق ، ولم يصرف فيه دينار اضافي واحد، على اعتبار ان العمل انجز بالكامل من قبل الامانة ، وبالتالي لا فساد فيه ولا رشوة. لكنه لم يقنع « المخاصمين السياسيين « بان المشكلة انتهت. فاخذوا بالقول: طيب، هذا ان كان في منطقة ما من بغداد ، لكن ماذا عن حال المناطق الاخرى؟ ما هي اسباب غرقها ؟ واذا كانت صخرة «اللعنة الابدية « وراء ما حصل في الرصافة، فكيف نفسر ما حصل في الكرخ ؟ ويدفع « المخاصمون السياسيون « بالامر الى مستويات اخرى من التساؤل : قبلنا وصدقنا باطروحة ال?خرة في بغداد، ولكن لماذا غرقت المحافظات ؛ بمدنها واريافها وصحاريها ، ببيوتها وشوارعها ! ويضيفون: لم تنته القضية بدليل ان مجلس الوزراء ومجالس المحافظات ما زالوا يمنحون العطل والاجازات ، فيما المدارس والمعاهد والجامعات التي « يشاغب « طلبتها ، ارتؤي ان الافضل هو سد ابوابها «فالباب اللي تجي منه ريح سده واستريح".
الحقائق تبقى ناصعة ، والناس على علم يقين بالاسباب الحقيقية وراء هذا التدهور المريع في الخدمات ، وتعرف حجم المبالغ التي خصصت لتنفيذ المشاريع ذات العلاقة وسوء المنجز منها وضئالته ، ان كان يرى بالميكرسكوب الالكتروني!
ويبقى ان نشير، وللمقارنة ليس الا ، الى ان صخرة سيزيف تنزل بصاحبها الى قاع الوادي ، فيما صخرة الامانة ، في عراقنا الراهن ، ترتفع بصاحبها الى القمة !