المنبرالحر

حكاية الأمطار ! / يوسف أبو الفوز

رغم أن الايام التي غرقت فيها بغداد بمياه الأمطار، كانت عصيبة في حياة العراقيين، خصوصا أهالي المناطق الشعبية، لكن يبدو ان عديدا منهم لم ينس « أن شر البلية ما يضحك». وقد سمعت شخصيا الكثير مما يدفع للضحك في الوقت الذي تعصر فيه قلبك أصابع من حجر المعاناة والمأساة !
كانت زوجتي تريني صورا انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لشباب محبين للنكتة وهم يمدون صناراتهم لصيد الاسماك عند عتبات بيوتهم مباشرة في الشوارع التي حولتها الامطار لانهار جارية. سكينة صاحت بالهاتف تبشر زوجتي، ان اشاعة انتشرت حول احتمال صدور قرار بأن تتضمن الحصة التموينية مجاذيف بأحجام مختلفة، ولكن على المواطن ان يدبر وسيلة التنقل بنفسه فيجد له طوافة او زورق. واضافت بأن زوجها خائف من ان مالك البيت ربما يرفع قيمة الايجار، بحجة أنه صار يطل على منظر نهري! زوجة جليل اضافت، ان الجهات المعنية ستواجهها مسؤولية تحديد ارقام الزوجي والفردي للزوارق التي ستغزو شوارع العاصمة قريبا لو استمرت الامطار بالهطول.
كان صديقي الصدوق أبو سكينة يتابع كل ذلك دون ان أراه يبتسم او أسمع منه تعليقا وكأننا نتحدث عن كوكب اخر وليس عن بلادنا التي كشفت فيها مياه الامطار كل عيوبنا وفضحت تخلف البنى التحتية في عاصمة البلاد وبقية المدن . كنت وصلت بيت ابو سكينة بصعوبة وكدت اندم على قرار الزيارة للحفاظ على تقليد زياراتي الدورية ، ولحسن الحظ لم ترافقني زوجتي وظلت في بيتنا الى جانب الابناء المتذمرين .
ذكرت أم سكينة لنا انها التقت زوجة جارهم «ابو المحابس» في طرف الشارع وانها كررت كون زوجها قال» شيريدون بعد الناس، عطلة وحصلوا عليها ؟ «. فسألتُ ابو سكينة، كونه متابعا ومطلعا على احوال منطقته السكنية: هل صحيح ان «أبو المحابس» ينوي الترشيح للانتخابات البرلمانية القادمة؟ نظر لي بهدوء، فرك يديه ببعضهما ومد رقبته وهمس : « كل شيء ممكن، ولكن هل تعتقد أن رب العالمين يكف عن رحمته وكرمه علينا و ...»، وفهمت فورا انه يذكرني بما قرأت له قبل أسابيع من ان احد الملوك خطب قائلا « ايها الناس اشكروا الله لأنه اذهب عنكم الطاعون لما ملكت عليكم « ، فقال له احد الحاضرين « أن الله اكرم من ان يجمع علينا وجودك والطاعون» !