المنبرالحر

ستاندرد تشارترد يدخل السوق المصرفية / محمد شريف أبو ميسم

عبّر عموم المعنيين بالشأن الاقتصادي عن تفاؤلهم بدخول مصرف ستاندرد تشارترد الذي يعد أحد أكبر البنوك الانكليزية الى ساحة الصناعة المصرفية العراقية ، وعدّ الكثير منهم وجود فرع رئيس لهذا المصرف في العاصمة بغداد (على أمل فتح فرعين آخرين في البصرة وأربيل) ، نقطة تحول في مجال التبادلات المالية والتجارية في البلاد.
ومما لاشك فيه ان افتتاح فرع رئيس لهكذا مصرف عالمي في بغداد، سيساهم في تحريك المياه الراكدة في الصناعة المصرفية العراقية ، بعد محاولات للجهات القائمة على هذا القطاع اصطدمت على مدار العشر سنوات الماضية بإرث بيروقراطي وتخلف اداري حالا دون اعادة هيكلة المصارف الحكومية بشكل صحيح ، ورغبة في الربح السريع على حساب الأداء والمصلحة العامة حالت دون تطور المصارف الخاصة ، وبالتالي فـ( اذا ما استثنينا اداء المصرف العراقي للتجارة الذي شهد تطورا في أدوات العمل وفي الملاءة المالية بدعم حكومي ،بوصفه نافذة العراق المالية على العالم ) فقد أمست الصناعة المصرفية العراقية تدور في حلقة من الأداء الروتيني التي تحكمها البيروقراطية وعدم الشفافية في المصارف الحكومية وما يترتب عليها من تداعيات بوصفها مؤسسات حكومية انسحبت عليها ومن خلالها سلوكيات موروثة من المدرسة السابقة وكرست بعضها حالة تفشي وباء الفساد ، فيما ارتهن أداء المصارف الخاصة برغبة مالكيها (وهم في العادة بضع عوائل تقيم في عمان ومدن الخليج والقليل منها يقيم في بغداد) في الربح السريع على حساب أدوات السياسة النقدية ،ممثلة بمزاد البنك المركزي زائدا فائدة الاستثمار الليلي التي كانت تمنح بنسبت 21% من قيمة الودائع المصرفية في البنك المركزي بشكل يومي، ولم تنخفض بتدرج الا في أواخر 2009 لتصل الى 7% في الوقت الحالي، الأمر الذي ساهم في زيادة معدلات أرباح هذه المصارف دون ارتفاع ايجابي في معدلات الائتمان والتسهيلات المصرفية التي وجدت من أجلها المصارف بهدف تدوير رأس مال الودائع في خدمة عجلة التنمية ، وبرغم ذلك بقي الكثير من هذه المصارف الخاصة يراوح في مكانه دون تطور في حجم رأس المال ، اذ لم تلتزم بعضها حتى اللحظة بالحد الأدنى من رأس المال الذي حدده البنك المركزي في آخر تعديل في هذا الاطار والبالغ 250 مليار دينار بحلول العام 2013 .
ان وجود فرع لمصرف بحجم ستاندرد تشارترد في الساحة المصرفية العراقية ، يعني بالضرورة تعاملات وتداولات مالية مع المصارف العراقية الحكومية والخاصة ، وهذه التعاملات والتداولات يفترض أن تتم بالتقانات التي يعمل بها هذا المصرف ، في الوقت الذي ما زالت فيه التقانات المستخدمة في المصارف العراقية لا تتعدى اعتماد البرامج الاحصائية على الحاسب الألكتروني بجانب العمل اليدوي ، ولا تتعدى استخدام المقاصة الألكترونية في نطاق ضيق مقتصرا على بعض المصارف الخاصة ومصرف أو اثنين من المصارف الحكومية، ولا زالت ثقافة كتابنا وكتابكم هي الطاغية في تعاملات المصارف الحكومية ، ولا نغالي اذا قلنا ان أغلب ادارات فروع هذه المصارف وقيادات الادارات العامة لا تجيد استخدام الحاسب الألكتروني ، فكيف الأمر حيث سيكون التعامل مع مصرف له فروع في نحو 16 دولة غادرت الاستخدامات الورقية في التعاملات المصرفية ؟
نتمنى أن يكون دخول هذا المصرف للساحة المصرفية العراقية اضافة حقيقية تساهم في تطور الواقع المصرفي والاقتصادي في البلاد من خلال تقديم الائتمان والتسهيلات المصرفية لدعم رجال الأعمال والمستثمرين وفتح باب التداولات المالية الحديثة التي تختزل الوقت والمسافات وتزيد الثقة بين الجمهور والجهاز المصرفي، وأن لا يجر لساحة المضاربات المالية في سوق الأوراق المالية ،والتقوقع في نطاق بيع وشراء العملات والإتكاء على نسبة الفائدة في ودائعه بالبنك المركزي.