المنبرالحر

التعليم استثمار تنموي مربح / نعمت الاغا

من الخطأ اعتبار التعليم قطاعا خدميا استهلاكيا، وإنما هو استثمار تنموي شامل ومربح، كما انه عنصر إنتاجي، له دوره الفعال في رقي الدول ورفاه الشعوب. فهو الذي يعنى بتنشئة الإنسان وتنمية قدراته، وتطوير شخصيته من جميع جوانبها، ويخلق لديه الدوافع والإمكانات للمساهمة الفعالة في تطوير مجتمعه ورقيه. وهو بالتالي يشكل العامل الرئيس والأساس للنمو الاقتصادي في إعداده القوى البشرية العاملة والمؤهلة للإستجابة لمتطلبات المشاريع التنموية. لقد أثبتت الدراسات الأثر الفعال للمستويات التعليمية المرتفعة للفرد على تحسين إنتاجيته ك?ا ونوعا. وظهر أن عائدية التعليم لا تقتصر على الفرد، بل تعود على المجتمع بكامله. وارتفعت أهمية العنصر البشري المؤهل وأثره في المشاريع التنموية، وهذا ما أثبتته دراسة «كوزنتيس» إذ أكد ان 90بالمئة من النمو الذي تحقق في الدول الصناعية المتقدمة، يعود إلى تطوير ذكاء وقابليات الإنسان ومعارفه ومهاراته، في الإنتاج والإدارة والتنظيم. فذكاء الإنسان وقدراته قد أخذت المكانة الأولى في التنمية، وأعطت لرأس المال المكانة الثانية. وبذلك أصبح التعليم يشكل العنصر الإنتاجي الأول، والأداة الفاعلة الرئيسة في تقدم الدول وشعوبها. وقد ظهر أن أي تقدم علمي واقتصادي وتقني لا بد أن يرتكز على قاعدة قوية من التعليم والبحوث العلمية والمهنية. والتي عن طريقها يمكن التوصل إلى ابتكارات تقنية وإلى مزيد من النمو والإنتاجية. ولهذا فإن أي تقدم إقتصادي وتقني لا يمكن أن يتحقق إلا بتحديث وتطوير أنظمة التعليم والتدريب والبحوث, وتنظيم هيكلية النظام التربوي بشكل يخدم التنمية الإقتصادية والإجتماعية للمجتمع. كما إن التعليم يشكل حجر الزاوية الأساس في المنافسة الدولية والسيطرة على الإقتصاد العالمي، فالصراع بين الدول المتقدمة التي تمتلك التكنولوجيا المتطورة، ه? في أساسه من أجل التسابق الذي يضمن الهيمنة الكبرى على السوق العالمية. وهذه الهيمنة لا يمكن تحقيقها إلا بالإستثمار والكثافة في رأس المال البشري المؤهل، والقادر على استخدام وصيانة أحدث المكائن والمعدات الإنتاجية، وتنظيم إدارة المشاريع التنموية المتنوعة، وتسويق منتجاتها. ولا بد أن نؤكد على مفهوم «تنمية الموارد البشرية» الذي اعتبر الإنسان المؤهل موردا مهما، وعنصرا إنتاجيا يجب تنميته وصيانته، ليحقق أعلى وأفضل إنتاجية ممكنة، ويفضل التنوع في إعداده، ليلبي متطلبات المشاريع التنموية والخدمية المختلفة. أما مفهوم «ال?نمية البشرية» الذي تبنته الأمم المتحدة في التسعينيات، فقد أكد في البند الثاني على استخدام القدرات البشرية في الإنتاج، والمساهمة الفاعلة في النشاطات الثقافية والاجتماعية والسياسية.
وأخيرا نتساءل، ألا يستحق هذا الجهاز الحيوي الهام، ذو الأثر الفعال في تطوير البلد ورفاه الشعب أن يوضع بأيد أمينة مؤمنة بأهميته، من خارج نطاق المحاصصة الطائفية المقيتة التي تمتلك القابلية والرغبة في إصلاحه وتطويره؟!