المنبرالحر

والدي العزيز/ زاهر نصرت

والدي العزيز اكتب لك هذه السطور وانا اعتذر منك مقدماً لأنها أتت في وقت عصيب عليَّ وعلى كل عراقي ويرجى ان تتقبلها مني لما تحمله من شجون واحزان ، اليوم نعيش في حياة لم تمر عليكم او بالأحرى على جيلكم او الأجيال التي سبقتكم ، حياة ملئها الصعاب محفوفة بالمخاطر التي تحاصرنا من الجهات الأربع والتي تهددنا مع عوائلنا بكل المفاصل الدقيقة للإنسان الذي يعيش بكرامة واحترام في أي بلد بالعالم ، فالأمان مفقود والرزق معقود والعيشة في هذا البلد أصبحت تعيسة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى وقد تسأل :
متى تم ذلك فانا تركتكم والعراق فيه كل خير رغم الحروب ؟
نعم صدقت والله ، لكن اصبحنا في هذه الحال بعدما طبقت علينا الديمقراطية ، واي ديمقراطية هذه ليس كما تفهمها او نفهمها نحن ، بل هي ديمقراطية القتل وديمقراطية سرقة المال العام وديمقراطية التهجير بل هي ديمقراطية المؤامرة التي حيكت ونفذت من بلد يحكم العالم بالقوة كما تتطلب مصالحه القومية حتى على حساب إبادة شعوب وحضارات بحجة هذه الديمقراطية المزعومة .
نحن نعيش في زمن اختلط فيه الحابل بالنابل زمن ينطق به السارق بالنزاهة ، ويطعن المجرم القاتل بالقضاء ، وتجدهم في تصريحات المؤتمرات الصحفية اكثر الأعداء للحكومة وهم من يقتسم تحت الطاولة المقاولات ذات المنافع المادية والكل منهم يريد خروج البلد من المأزق لكن في الحقيقة هي أدوار مرسومة بحرفية وبتخطيط محكم للضحك على هذا الشعب المسكين . الكل يريد سحب البساط من تحت الاخر وكشف المستور وهؤلاء الكل هدفهم واحد هو التعطيل لانهم يريدون العبور لأربع سنوات أخرى لامعان تدمير العراق .
هذه الديمقراطية من تخطيط الادارة الامريكية التي دمرت المؤسسات الحكومية وعاثت لاحقاً فيها الفساد وأسست نظام المحاصصة الطائفية والعرقية في المنظومة السياسية التي حطمت كل الطموحات التي استبشر بها انا والشعب العراقي خيراً قبل عشر سنوات بأن تزول المعاناة ونعيش في بلد تسوده الحرية والمساواة ونعوض فيه ما فاته من نتائج الحروب وعسكرة المجتمع . نعم كما ذكرت لك يا والدي العزيز ان الهدف من كل ما يجري الان هو السيطرة على ثروات البلد وتدمير ما بقى من بناه التحتية فضلاً عن اختراع لعبة قذرة في تأسيس نظام محاصصة طائفية وعرقية لإدارة البلد وزرع بذور الفتنة بين أبنائه تمهيداً لتقسيمه الى دويلات شيعية وسنية وكردية .
والدي العزيز ... لقد كرهنا اسم الديمقراطية لأننا جنينا من خلالها الخراب والدمار وحتى انها تحولت الى كابوس مخيف انتج الإرهاب والفساد والنعرات الطائفية والعرقية فهنيئاً لنا هذه الديمقراطية التي تجرنا الى نفق مظلم في مواجهة التسلط والهيمنة واحتكار السلطة والرأي والقرار ومصادرة حقوق الاخرين .