المنبرالحر

تصالح السلطات / حميد فرحان المسعودي

يتجاهل السياسيون المتنفذون حاجة البلد لوضع حد لمسلسل ازماته المتلاحقة ويتغافلون عن الضرورة الملحة لنبذ منهج المحاصصة وتقديم التنازلات المتقابلة لاخراجه من محنته والشروع في بناء دولة المؤسسات بالاعتماد على المواطنة منهجا اساسيا لتشكيل منظومة سياسية واجتماعية وامنية بعيدا عن نزعة التناحر واسلوب لي الاذرع المهزوم في مختلف تجارب الشعوب. حيث تعتبر عملية تقديم التنازلات المتبادلة بين الكتل الاساسية المتنفذة طوق نجاة آني لإنقاذ البلد من معضلة افرزتها سياسة مقيتة لتقاسمه كغنيمة حرب تتسع مدياتها مساحات واسعة في تفتيت جدار وحدته الوطنية.
ان استشراء التحاصص منهجا لسياسيين يتسابقون للتمسك به ورقة ضامنة لمصالحهم وللاستحواذ على المال والسلطة ما دعا السياسيين المخلصين والحريصين على مصلحة الوطن الى طرح المبادرات الصادقة لبناء جسور التواصل والتأكيد على إبداء المرونة والانحياز كليا صوب مفاتيح حل الازمة الخانقة واستقصائها القائم بقوة التعنت. ولكي تبقى المبادرة الطيبة المتعلقة بجمع طرفي الخلاف المتمثل برأسي البرلمان والحكومة ونواياها الحسنة خطوة في الاتجاه الصحيح رغم حاجتها الى خطوات لاحقة تتمخض عنها تشكيل لجان تأخذ على عاتقها مهمة متابعة تنفيذ الخطوات وتفعيل القرارات وتطبيق النقاط المتعلقة بتقليص فجوة الخلاف الى اقصى حدوده الممكنة من خلال تقديم التنازلات بإعتبارها عنصرا اساسيا في بناء الدول ذات المنظومة التوافقية ، الى جانب نبذ المحاصصة المعادل الطبيعي المعاكس لموضوع المصلحة الوطنية العليا المغيبة امام المصالح الحزبية الضيقة. فليس الصلح ان يتصافح الرئيسان وان يقبل احدهما الاخر في دعوة او حفل اقيم لهذا الغرض ليمضي بعدها كل في سبيله ويلقي الكرة في ملعب خصمه وكأنه ادى ما عليه ولبى دعوة المصالحة التي يكمن اساس نجاحها في صدق نوايا اطراف الخلاف وتمتعهم بالقدر العالي من الشعور بالمسؤولية تجاه عملية التصالح ذاتها وارتباطها بالمصلحة العامة.
وفي الوقت نفسه وبذات القدر ان تلتزم الحلقات المقربة المحيطة بالطرفين ببنود الاتفاق والكف عن إطلاق العيارات الثقيلة من تصريحات اقل ما يمكن ان يقال في حقها انها معرقل حقيقي ومؤثر فاعل في تأزيم الوضع في الشارع العراقي.. وبدلا من توظيف هذه التصريحات للدفاع عن رؤساء الكتل عليهم ان يتباروا للدفاع عن مصالح الشعب في حق الامان والخدمات والحرية والعيش الكريم وهي المهمات التي انتخبوا من اجلها.
وعلى القادة السياسيين ان يعملوا بروح الفريق الواحد وان تكمل مهماتهم بعضا وان تتفاعل لضمان افضل النتائج لما فيه خير الصالح العام وتنقية الاجواء من مخزونها الخلافي ونزع فتيل الازمات وتطويق تداعياتها فالعيب ليس في التنازل لمصلحة الشعب بل بالتعنت ومنتجه القتل اليومي. ولكي يصبح الصلح مثمرا ومنتجا يجب ان يتبع بخطوات جادة من شأنها وضع المعالجات الكفيلة بكل نقطة خلاف وان تكرس الرغبة الصادقة في تفعيل دور خطوات الصلح لتجريف كل عائق ومعوق في طريق بناء العملية السياسية وفق الاسس التي كفلها الدستور.
وان يطلع العراقيون بكل شفافية على بنود الاتفاق وكل خطواته اولا بأول ليقفوا عند حقيقة من انتخبهم متحدين الارهاب ومستوى حرصهم على مصالح المجتمع.
لنرى عراقا ترتفع في سمائه راية المواطنة فوق كل الرايات وتفتح فرص العمل ذراعيها لكل العراقيين دون تمييز ولتزهر حدائقه ورودا بلون مكوناته الزاهية بلون العراق ولتعود البسمة الى وجوه اطفاله طافحة رياضا ومروجا خضراء ولينعم شبابه بملاعب ونوادي ثقافة ومدارس مختلطة اسوة بالدول المتحضرة وان تعلو البشرى وجوه عماله رغبة صادقة بعمل لإنتاج سلع عراقية المنشأ.
من كل هذا وذاك يكون الصلح قد اثمر وإلا فكأنك ما غزيت.