المنبرالحر

داعش.. الوظيفة الاخرى*/ عبد المنعم الأعسم

الثاني والعشرون من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي دُوّن كنقطة دالة على بدء تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) لوظيفته الجديدة: اولا، شق الائتلاف الوطني السوري المعارض وفرض استقواء الخط الاسلامي "الجهادي" على ساحة الثورة السورية، بما يُرضي التحالف التركي الخليجي، والثاني، جر نقطة التوتر والمواجهة الى داخل الاراضي العراقية بما يفتح المعادلة الطائفية على مصراعيها.
في ذلك اليوم، شنّ مقاتلو هذا التنظيم الغريب هجوماً مفاجئا على بلدة أطمة في شمال سوريا على الحدود مع تركيا، وتمكنوا من السيطرة عليها بسرعة لافتة بعد أن طردوا منها "لواء صقور الإسلام" التابع للجيش السوري الحر واعتقال الجنرال المنشق عن الجيش السوري مصطفى وضاح، وشاهد مراسلون ميدانيون، باستغراب، ان جماعة داعش يقاتلون بتنظيم عالي المستوى، وباسلحة متطورة، ووسائل مقاومة الطائرات حديثة ومعدات ليست متداولة حتى ذلك الوقت في صفوف المعارضة السورية.
ويجب الاخذ بالاعتبار هنا ما قاله مسؤولو الائتلاف المعارض والجيش الحر بان الاستخبارات الحكومية السورية تدير خطوطا في داعش، وتفرض على التنظيم وظيفة تحطيم الجيش الحر، وكشف ناطق باسم المعارضة بان مقاتلي داعش أعدموا محمد فارس مروش أحد قادة الجيش الحر، وجزوا رأس قائد كتيبة بلدة "بدانا" المحررة كما اعدموا أمين سر "الجيش الحر" عمار الواوي وثلاثة من مرافقيه، وقتلوا في حملتهم هذه جنرالات منشقين من الجيش الحكومة ابرزهم ابو بصير اللاذقاني، وذهب محلل جريدة القدس اللندنية الى القول "هذه الجماعات الاسلامية تقاتل الجيش السوري الحر ولا تقاتل النظام" اما محرر نشرة "نيويورك ريفيو أوف بوكس" فقد لاحظ ان داعش "غيرت منذ ظهورها في نيسان / أبريل الماضي مسار الحرب في سوريا، وأجبرت الفصائل السورية الرئيسية المقاتلة للقتال على جبهتين، بدلا من جبهة واحدة، وقامت بتعويق المساعدات الإغاثية ومنعت دخولها إلى سوريا، ومنعت نقل الأخبار للخارج".
في معاينة سابقة، كنا قد تبنينا فرضية ولادة داعش من رحم الاستخبارات التركية، وهذه المرة، نعاين في مؤشرات ميدانية عن "وظيفة" اخرى لهذا التنظيم ترتبط بالنظام السوري، وإذا ما تمعّنا في هذه الحقائق بعين التحليل الموضوعي لن نستغرب هذا التناقض، ولا في تباين الوظائف، فغالبا ما تكون مثل هذه التنظيمات المسلحة السرية على المستوى العالمي (البوسادس. الجيش الياباني الاحمر. المجموعات التروتسكية.. ) مرتعا لمخابرات الدول، وساحة لتصفيات الحساب بين جهات مختلفة.

الطريق الذي قطعه مقاتلو الدولة الاسلامية في العراق والشام بين بلدة اطمة على الحدود السورية التركية الى ساحة الاعتصام في الانبار يفصح عن بصمات مثيرة لأجندات دول كثيرة.. وما خفي حتى الآن كان أعظم.
*********

"عندما يقفز المرء من فوق الحافة فمن المؤكد أنه سيهبط في مكان ما".
ديفيد هربرت لورانس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة (الاتحاد) بغداد