المنبرالحر

نواب المجلس ... بين الاستقالة والزعل / د. مؤيد عبد الستار

بين أزمة واخرى تلم بنا ، ينبري بعض اعضاء مجلس النواب الى اعلان انسحابهم من جلسات المجلس او تقديم استقالاتهم او الخروج من القاعة الى الكافتيريا او التغيب عن حضور الجلسات .. الى اخر ذلك من الاعيب اتقنوها باحتراف كبير .
في السابق حين أعلن بعضهم استقالته ، لاحظ ان زملاءه لم يستقيلوا مثله ، وظلوا يتمتعون بامتيازات المناصب واللجان والاجازات المرضية والايفادات وتعويضات القرطاسية والحماية و المرض واجور العمليات والتجميل والصبغ والتزويق – بالعراقي الزواكه – وما الى ذلك من مكرمات لا يعلم بها العبد الفقير ولا يعلم بها المواطن المغلوب على أمر دينه ودنياه ، لذلك عاد النائب المستقيل الى مكانه نادما .
في خضم الاحداث الارهابية التي اطبقت على محافظة الانبار مؤخرا ، انبرى مجموعة من النواب الى لعبة تمويه حين اعلن بعضهم تقديم استقالاتهم الى رئيس مجلس النواب ، واعلن المطلك خلال ذلك الاعلان الى المطالبة من جميع النواب والوزراء من قائمة العراقية الاستقالة من الحكومة والمجلس ، وهو طبعا ما لم ينفذه هو نفسه ، لذلك فان مثل هذه المناورات اصبحت لا تعني شيئا للمواطن العراقي وهي مثال تطبيقي للمثل الشهير زعل العصفور على بيدر الدخن.
وتحت اجواء الاحداث الساخنة على الساحة السياسية العراقية والساحة العسكرية في المناطق الغربية من العراق وتعرض المدن والقصبات الى اعمال ارهابية قاسية ، واحتلال من قبل المجاميع الارهابية المرتبطة بالقاعدة ودولة العراق الاسلامية ، و التفجيرات في طوزخورماتو ، وتلعفر وديالى ، واحتلال مدينة الفلوجة وقصبات ومدن الانبار ومدينة الرمادي التي سيطرت عليها الميليشيات بعد انسحاب الجيش منها ، ينبري بعض اعضاء مجلس النواب والوزراء الى التعلل بتقديم الاستقالات الوهمية بدلا من العمل بهمة ونشاط من اجل ايجاد الحلول العملية للازمات التي تتوالى على العراقيين ومدنهم المحتلة بمليشيات قادمة من وراء الحدود مدججة بالسلاح والعتاد.
وما يؤسف له انهيار بعض مراكز الشرطة امام هجمات المليشيات الارهابية وترك الشرطة لمواقعها ومراكزها التي من المفروض ان تكون محصنة مقابل اي هجوم ، وان تكون محمية بقوى مساندة من السكان المحيطين بها لان شرطة تلك المراكز هم من ابناء المدينة ، اي ان الشرطه هي شرطة محلية ، فمن اولويات الخطة الدفاعية هي الاستفادة من الاحياء السكنية التي تحيط بها ومن ابناء العشائر الذين يمثلون العمق الطبيعي لشرطة المركز .
القضية الاهم هي سرعة انسحاب الجيش ، والغريب ان يكون الانسحاب سريعا ، فاي انسحاب عسكري يجب ان يكون انسحابا تكتكيا وليس استراتيجيا مادامت المعركة لم تنته او لم تحسم ، ثم اذا انسحب الجيش فهل ينسحب بعيدا ! !
ألم يكن الاجدر الانسحاب الى مشارف المدينة وحماية مداخلها ومخارجها وان يبقى الجيش العين الساهرة لحفظ الامن ، لان الامور لم تستقر بعد ولم تسفر عن انجلاء غبار المعركة بعد .
ان اي مجموعة سواء اكانت عسكرية ام مدنية تدخل معركة لا بد ان تحسب حساب الانسحاب وعدم ترك الخطوط الخلفية سائبة ، كي لا تهاجم من الخلف ، وان لا تترك السكان بعد انسحابها دون غطاء حقيقي وليس غطاء واهيا تمثل في مراكز شرطة لا تمتلك الاسلحة الكافية للدفاع عن نفسها .
الان امام الحكومة العراقية تجربة مرة عليها الاستفادة منها ، تتمثل بضرورة استحداث قواعد عسكرية ثابتة في الصحراء الغربية لمنع تسلل وتمركز ميليشيات مسلحة ارهابية قادمة من وراء الحدود ، ومحاولة الاستفادة من العشائر بتجنيد ابنائهم في تلك القواعد والوحدات العسكرية وتدريبهم التدريب العسكري اللازم ، وعدم ترك العشائر تعيش على طريقة الميليشيات المسلحة ، بل يجب ايجاد موارد عيش كريمة لتلك العشائر وانشاء المشاريع الصناعية في مناطقها واحياء المشاريع الزراعية والاستقرار وادخال اسباب الحضارة والمدنية الى الصحراء الغربية كي تصبح مناطق مدينية مسالمة بدلا من بقائها ساحات عشائرية مسلحة تبحث عن فرصة نزاع تحصل من ورائها على رزقها .