المنبرالحر

السياحة ودورها في النمو الاقتصادي / ابراهيم المشهداني

تعد السياحة، لدى المهتمين بالشأن الاقتصادي، لاعبا أساسيا في الإنتاج المحلي الإجمالي، إذا ما توخينا تخطي وحدانية الاقتصاد العراقي وطبيعته الريعية، بل وموردا اساسيا للموازنة العامة الاتحادية السنوية ومولدة لفرص العمل كونها قطبا تنمويا مهما في تنويع الاساس الاقتصادي العراقي والحفاظ على الموروث الثقافي والحضاري وعاملا فعالا في جذب الاستثمار المحلي والأجنبي.
ولهذه الأسباب مجتمعة اولت دول العالم الكثير من الاهتمام لهذا القطاع الحيوي. إلا أننا في العراق حكومة ومؤسسات ما زلنا متشبثين بالقطاع النفطي بوصفه بقرة حلوب تعطي المال الوفير في ظروف زيادة اسعار النفط وسهولة التلاعب بموارده ما ادى الى خلق طبقة طفيلية نهابة قريبة من مصدر القرار ولهذا كانت لسنوات من التغيير كابحا مقيدا لفاعلية القطاعات الاقتصادية الاخرى وبينها قطاع السياحة حتى ان البعض ممن يتحكم بسلطة القرار ولضيق في التفكير، ينظر الى السياحة، على عكس ما ينظر اليها في دول العالم وخاصة دول الجوار، التي تقدمت?أشواطا كبيرة في هذا المجال، على أنها مخلة بالآداب والنظام العام !
وإذا كان الموقف من هذا القطاع السياحي ينطلق من هذا المنظار فكيف لنا ان نقتنع ان الخطة التنموية للسنوات 2013-- 2017 الصادرة عن وزارة التخطيط وانصب فيها جهد اكثر من عشرين وزارة واحتلت مساحة واسعة من الشرح والتحليل ستحقق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، خاصة وأنها اعتبرت السياحة مصدرا مهما من مصادر الدخل القومي وتوفير فرص العمل وتطوير مدارك المواطن ثقافيا واجتماعيا؟
ان الواقع السياحي في العراق، لا يتناسب أبدا مع وجود بيئة سياحية ملائمة كافية لتحقيق قفزة سياحية يمكن ان تضع العراق في مصاف الدول التي تتصدر قائمة السياحة في العالم. فالعراق يمتلك إرثا حضاريا كبيرا ويعج بالكثير من المقدسات الدينية فضلا عن وفرة جباله وأنهاره ووديانه وهضابه وسهوله وكهوفه وصحاريه ومسطحاته المائية سواء الطبيعية او الاصطناعية اضافة الى وجود 12 الف موقع اثري عدا غير المكتشف منها، إلا أن الوزارات المعنية بل السياسة لاقتصادية العامة للدولة لم تعط الاهتمام لهذه الثروة الضائعة وفوق ذلك فان العراق تن?صه الكثير من مقومات السياحة فلا يمتلك الموارد البشرية الكافية والمدربة على ادارة المؤسسات السياحية وفيه 3 معاهد للسياحة والفندقة في النجف وكربلاء والبصرة فقط مع نقص ملاكاتها التدريسية. وفيه 766 فندقا موزعة على محافظات بغداد وكربلاء والنجف والبصرة وبصورة غير متناسقة.
ان الموارد المتحققة من السياحة في العراق في عام 2010 كانت 7,21 مليار دينار عراقي انخفضت عام 2011 الى 17 مليار دينار عراقي. ولعل المتابع يصاب بصدمة كبيرة حينما يجري مقارنة بين الموارد المالية المتحققة منها في العراق والموارد المتحققة في دول العالم. ففي عام 2010 على سبيل المثال حققت امريكا 97 مليار دولار من 60 مليون سائح وان اسبانيا حققت 58 مليار دولار من 53 مليون سائح وتركيا المجاورة لنا حققت 18 مليار دولار من 27 مليون سائح وفي نفس العام دخل الى المغرب اكثر من 9 ملايين سائح وجمهورية مصر العربية دخلها ف? العام نفسه 14 مليون سائح قبل أن يتولى الإسلاميون الحكم.
ومن اجل أن تتبوأ السياحة موقعا فاعلا في قطاعات الاقتصاد وتشكل مصدرا للدخل الوطني أسوة بدول العالم لابد من مراجعة جادة لهذا القطاع واتخاذ خطوات ادارية وتشريعية واقتصادية وعملياتية من خلال :
1. المباشرة بمسح المواقع الاثرية وتكثيف البحث عن غير المكتشفة منها في مختلف المحافظات والمحافظة على المواقع الاثرية الموجودة من خلال توفير الحماية اللازمة ضد عبث اللصوص ومهربي الاثار الذين نشطوا بسرقة الاثار قبل وبعد التغيير ولا ننسى دور الجنود الأمريكان في هذا العبث.
2. تطبيق قانون الحماية الطارئة للآثار وقانون حماية الملكية الثقافية.
3. الاهتمام بالموارد البشرية وتعزيز خبراتها السياحية من خلال الاكثار من معاهد السياحة والفندقة وتزويدها بالكوادر التدريسية المجربة وذات الخبرة في هذا المجال.
4. تنشيط الاستثمار في قطاع السياحة من خلال اصدار التشريعات الخاصة بالاستثمار في هذا القطاع وتوفير العوامل التكميلية من الطرق والتسهيلات المصرفية والتخفيف من الاجراءات الروتينية المتعبة مع التسهيلات الكمركية والضريبية.
5. الاهتمام بالمباني الاثرية والمتاحف وإجراء الصيانات اللازمة. وتسهيل مراجعتها من قبل السائحين وتكثيف الاعلانات والتغطيات الاعلامية التي تظهر للعالم عمق التاريخ الحضاري لبلاد ما بين النهرين.
6. التنسيق المستمر مع الاطراف الدولية دول ومنظومات وخاصة اليونسكو في استرجاع الآثار المنهوبة.