المنبرالحر

8 عناوين فرعية .. لحرب الأنبار / عبد المنعم الاعسم

أولا، لنتذكر ان حرب الأنبار الجارية هي آخر حلقة (وليست الاخيرة) من مسلسل طويل بدأ في 19/12/2012 بأزمة حمايات وزير المالية المستقيل رافع العيساوي ولو انها عولجت بالحكمة السياسية، لا الفئوية، لوفرت الدولة والمحافظة والساحة السياسية الكثير من الدماء والخراب والأخطار.
ثانيا، الاعتصامات الشعبية في الأنبار حظيت بالتعاطف، وكسبت معركة المواجهة الدستورية مع الحكومة، وكانت ستحقق غالبية أهدافها المعلنة لولا السباق المحموم بين ممثليات المحافظة السياسية والدينية والعشائرية لتحويلها الى معركة معادلات طائفية مجهولة النتائج.
ثالثا، كان واضحا عدم رغبة، وانعدام حماس فئات حكومية نافذة، لإنهاء أزمة الاعتصامات وخشيتها من ان تُسجل المعركة نصرا في الحساب الطائفي للمعسكر المعارض، وكان تعنت سياسيي الأنبار ذريعة للتنصل من تعهدات الاستجابة لمطالب المعتصمين.
رابعا، تنامي «مغذيات» التجييش الطائفية في الجانبين، ففي ساحة الاعتصام تشكلت (واستُوردت) مجاميع مسلحة إرهابية مع انطلاق شعارات الزحف الى بغداد، وفي احياء بغداد وبعض محافظات الوسط والجنوب نشطت مليشيات مدنية مسلحة تمارس الاغتيالات وتلوح بالانتقام الطائفي، مع تظاهرات لإتباع الأحزاب الحاكمة بشعارات التوعد بالانبار والمعتصمين.
خامسا، كان يمكن ان يستمر الحال (توتر. تهدئة. توتر..) بين الحكومة والانبار حتى انتخابات نيسان، بعد ان تحولت ساحة الاعتصام الى مطبخ سياسي للصفقات والتحضيرات الانتخابية، غير ان الدخول المفاجئ للتنظيم الجديد «داعش» عبر الحدود السورية في أيلول من العام الماضي الى ساحة الاعتصام وانتشاره في صحراء الانبار وإمساكه بخط الحدود العراقية السورية الأردنية، خلق معادلة امنية جديدة وخطيرة في المنطقة وعلى مستوى العراق، وبدأت على الفور حملة الصحراء العسكرية التي كان لها ما يبررها، إن لم تكن قد تأخرت.
سادسا، اضطرب المعتصمون وخطباؤهم وسياسيوهم ومشايخهم القبلية، بين ان يسقطوا رهائن في مشروع «الدولة الإسلامية» الكارثي او يتخلوا عن الاعتصام، وظهرت، على نطاق واسع، اتجاهات جادة لنبذ العنف والعودة الى التسوية عبر التفاوض، مقابل اتجاه معاكس لبعض السياسيين نحو ركوب مركب الحرب خلف داعش، لكن القوات الحكومية لم تبتعد عن حدود مدينة الرمادي ولم توفر الفرصة الى مزيد من الفرز المحلي قدما الى إحياء الصحوات لمقاتلة مجموعات الارهابيين.
سابعا، الحقت حركة داعش ذات الهوية الطائفية المتطرفة ابلغ الضرر بمصالح محافظة الأنبار ومستقبلها، وبسمعة مراجعها، وبمطالب سكانها المشروعة، مثلما أعطت للانتقاميين الطائفيين في الجبهة الأخرى افضل الفرص لتعميق الاحتقان الطائفي، ونشر شعارات الحرب على الانبار وما تمثله.
ثامنا، جرى ويجري استخدام ملف أزمة الانبار في التأليب والتسقيط والتزاحم على المواقع، وفي التعبئة الانتخابية، وظهر الى العلن سباق بين فرقاء الأزمة على ارتكاب الخطأ نفسه: اهلا بمقاعد البرلمان والامتيازات.. ووداعا للعراق.
********
«إن اخطر فترة في حياة أي كيان سياسي هي الفترة التي يقرر فيها أن يكون واقعيا».
محمد حسنين هيكل