المنبرالحر

مبادرة نجفية وأخرى كربلائية / جاسم الحلفي

مبادرتان جميلتان، انطلقتا من مدبنتي النجف وكربلاء، ولم يتلفت لهما الاعلام بما يكفي، ولم تنالا حضورا في التداول، كما هو حضور التأجيج الطائفي، وبث الكراهية، وإشاعة الانقسام، واطلاق التهديدات بتفجير السلم الاهلي، والخطاب الطائفي الذي اتسع تداوله، وانتشر حضوره خاصة هذه الايام، التي تشهد معارك متواصلة تخوضها قواتنا المسلحة وعشائر الانبار لمحاصرة قوى الارهاب من تنظيمات القاعدة، ومسميها الجديد « داعش» ولضربها وتنظيف ارض العراق من ادرانها وأساليبها القذرة.
المبادرة الاولى هي قيام مجموعة من الشباب بتزيين شجرة عيد الميلاد في شارع الروان بمدينة النجف الأشرف، والاحتفال الرمزي بميلاد السيد المسيح، ورأس السنة الميلادية، كرسالة محبة للمسيحيين العراقيين، وموقف للسلام والامان والعيش المشترك، وبث قيم المواطنة والتآخي بين العراقيين، واحترام خصوصياتهم، واعتبار التنوع احد مصادر غنى الثقافة العراقية وثرائها، والاجمل هو تعاطف النجفيين مع هذه المبادرة المعبرة، وقيامهم باشعال الشموع ترحما على شهداء العراق، واستذكارا للتضيحات التي بذلت من اجل العراق الموحد والمزدهر والمستقر.
والمبادرة الاخرى هي الدعوة التي وجهها اهالي كربلاء الى اخوتهم في محافظة الانبار، وبالاخص سكان الفلوجة الذين نزحوا من مدينتهم بعد اشتداد المعارك فيها. اذ اعلن الكربلائيون عن فتح بيوتهم للعوائل النازحة، وتعد هذه الوقفة رسالة بالغة الاهمية والدلالة، تؤكد على الوحدة الوطنية، ونزعة المواطنة البعيدة عن التقسيم الطائفي المقيت، وعن اصطناع حالة الاحتراب بين ابناء الشعب الواحد. وهي رد بليغ على النهج الطائفي، وزعماء الحرب الطائفية، وقوى الارهاب والمليشيات المسلحة، الذين يحلو لهم تقسيم الشعب العراقي الى طوائف متحاربة، كي يسهل التلاعب بمصيره، ونهب موارده. وهذا هو هدف قوى الارهاب وحلفائها الفاسدين.
وطبيعي ان هاتين المبادرتين ليستا استثناء عن القيم المدنية والحضارية والانسانية التي يتميز بها شعبنا، انما هما تأكيد على خصائص الشعب الذي بقى موحدا وعصيا على التقسيم الطائفي، رغم المحاولات العديدة التي جربها اعداء الشعب العراقي.