المنبرالحر

سياسة الثقافة وثقافة السياسة / حيدر ناشي آل دبس

سيراً على النهج الذي اخذنا على عاتقنا تحمله في التقويم والتصويب ، وهو نهج النهوض بالثقافة العراقية للوصول بها الى مستويات تليق بإرث العراق الحضاري ، اخترنا في هذه المقالة سياسة الثقافة وكذلك علاقة الثقافة بالسياسة ، ولابد قبل البدﺀ بالحديث عن هذه العلاقة التبادلية ان نشير اننا في طرحنا هذا لا نبتغي مصلحة ذاتية او حزبية ، وانما يشغلنا الهم الثقافي والتراكم الرث الذي خلفته سياسات سبقت وضعنا الراهن اوصلت ثقافتنا الى التماهي مع متطلبات السياسة، دون ان تفرض الثقافة سياستها الخاصة والتي تهدف الى بلورة فكر علمي تقدمي، تحفظ فيه كرامة الانسان وتسمو به نحو الافضل ، فللثقافة سياستها التي عبّرت عنها نتاجات الكتّاب والمفكرين الذين ملؤا المعمورة بكتاباتهم طامحين الى ترسيخ قيم اخلاقية تلقي بظلالها ايجاباً على الواقع الاجتماعي ، فالديمقراطية والدولة المدنية والعدالة الاجتماعية قيم اخلاقية بالاساس ، تنظم علاقة الافراد فيما بينهم وفق مبادئ الاحترام المتبادل وتضمن لهم ايضاً حياة حرة كريمة، اذاً في هذه المقاربة النظرية توصلنا الى غياب سياسة الثقافة في البنية السياسية والاجتماعية في بلدنا ، لان مانشهده الان هو تكريس قيم الطائفية والمصالح الحزبية الضيقة والتي حجمت دور العامل الانساني في علاقة الافراد فيما بينهم ، فهذا خضوع ملموس من قبل الثقافة وانزوائها لتفسح المجال للسياسة في ترسيخ مفاهيمها وثقافتها في الفكر الجمعي العراقي ، كالتوافقية السياسية والمحاصصة الطائفية والتمثيل السياسي المعتمد على القومية او الدين او المذهب ، هذه المفاهيم التي كان لها قدم السبق في تمزيق وحدة ابناﺀ البلد الواحد وزعزعة الاستقرار الاجتماعي ، وما ترتب على ذلك من خسائر فادحة في الارواح سببها صراع المصالح المستمر على قدم وساق من قبل المهيمنين على سلطة القرار السياسي ، وادى كذلك ابتعاد المثقفين العراقيين عن ساحة الصراع وترك المجال لكل من هب ودب ان يلعب دوراً في تقرير مصائر الناس ، الى تقوقع الثقافة وابتسارها على نشاطات ضعيفة لا ترقى الى مستوى الازمة التي يمر بها العراق وعلى مختلف الصعد ، ان ما يهمنا في هذا الوقت ان نبحث عن الاطر الكفيلة بتقويم ثقافتنا والاسس التي يجب ان ترتكز عليها للخروج من ازمتها التي اوصلتها الى مراحل متدنية في تأثيرها بالبنية الاجتماعية ، كعقد ندوات وورش عمل ومؤتمرات تناقش الركود الثقافي وكذلك المشاركة الفاعلة في عملية التغيير السياسي وطرح البدائل التي تتبنى الديمقراطية والدولة المدنية منهجاً يعزز مفهوم المواطنة على حساب النزعات الطائفية التي اخذت مأخذها في الفكر السياسي العراقي ، والمرحلة القادمة تحمل في طياتها آليات التغيير فلتكن بصمتنا واضحة.