المنبرالحر

قضايا الساعة الساخنة في العراق/ د. محمود القيطان

ثلاث قضايا تشغل بال كل العراقيين من أقصى شمال العراق الى أقصى جنوبه وهي الفساد المستشري بعد 2003 والمحاصصة التي دمرت العملية السياسية والعراق ككل ثم الحرب بكل مسمياتها أهلية أو الحرب على الإرهاب أو المصطنعة لمصالح فئوية ضيقة.

1:الفساد
أخطر الآفات التي تضرب المجتمع العراقي منذ سنين عديدة ولا حل يلوح له في الأفق.
لم يمر زمن على العراق كما يمر عليه منذ أكثر من عشرة أعوام حيث أصبح العراق في أسفل قائمة الدول التي انتشر فيها الفساد وعلى كل المستويات.ولان العقوبات ضد الفاسدين لا تشمل مَن يقف خلفه ويحميه كبار ولذلك تجرأ الكثيرون على ممارسة عملية بشعة في التزوير والرشوة ولكن ليس من عقاب حيث اشترك الجميع من القوى المتنفذة في السلطة"حكومة الشراكة الوطنية" في سرقة الدولة وثرواتها ولم يستطيعوا أن يبنوا دولة بما تعنيه الكلمة.ففي العالم الآخر تكون العقوبة في كثير من الأحيان قاسية على من تثبت عليه تهمة الفساد أيّ كانت تسميته في سرقة أموال الدولة أو التزوير أو في التعيينات في دوائر الدولة ,إلا في العراق فقد تكونت وولدت إمبراطوريات"مافيات" مالية لم تحلم به اعتى مافيات العالم لبعض المقربين من أمراء السلطات الثلاثة.وفي العالم الآخر يتعرض المسؤول الكبير الى الطرد أو السجن أم بكليهما عند ثبوت الفساد وربما يقدم المذنب على الانتحار للتخلص من عار فساده.مشعان الجبوري السارق والإرهابي الكبير بجرة قلم أصبح بريئا وسوف ينظم الى طاقم البرلمان العجوز.ومن مرشد لتصنيع العبوات الناسفة وتفخيخ السيارات لقتل العراقيين الى مواطن "سوي"يحق له الترشيح ويتقرب الى دولة القانون,وربما يكون احد مرشحي هذه القائمة,من يدري؟حتى في كوريا الشمالية والتي تصنف ضمن الدول المستشري فيها الفساد تعرض احد أبناء الجنرالات الى السجن لمدة 10 أعوام وأقرت الحكم المحكمة العليا بسبب اعتداءه على فتاة مع شلته,وأعدم عم الرئيس الحالي "بالوراثة" بسبب تهمة الفساد.والفساد هنا لا يعني فقط سرقة الأموال وإنما استغلال المنصب أو التعاون مع الأعداء.بنت الملك الأسباني متهمة بغسيل الأموال والتهرب من دفع الضرائب وسوف تُحال الى القضاء ووالدها لا يستطيع إيقاف عمل القضاء,فأين العراق من الفاسدين والمزورين والقتلة الذين يفرج عنهم بجرة قلم أو يُهربوا,كما كان المجرم صدام يقولها :أنا القانون وبجرة قلم يكون كل شيء.أين مصير اللجان التحقيقية من كشف الفساد وإيداع المدانين السجن بسبب جرائمهم؟لماذا تتستر الكتل المتنفذة في السلطة على أتباعها ولم تحرك ساكن لكشفهم لينالوا العقاب ويكونوا درسا للآخرين.؟في تركيا انفضحت المافيا الفاسدة برعاية اردوغان وثار الإعلام عليه,وخرجت التظاهرات واعتقل الفاسدون رغما على اردوغان وسُرِّح الكثير من ضباط الشرطة والمراتب وبعض الموظفين الكبار ولم يستطع لا اردوغان ولا أشباهه من إيقاف حكم القضاء.لماذا لا يريد "قادة" العراق التعلم من الجوار على الأقل؟

2:المحاصصة
لقد مرت أكثر من عشرة أعوام والدولة العراقي تسير في عملية أكثر عرجاء لابل حتى عوراء بسبب المحاصصة حيث الحكومة مشلولة والبرلمان أكثر والقضاء تتدحرج من أعلى سلم النزاهة الى قاع الاستماع الى توجيهات من أعلى ليصدر هذا القرار أو ذاك.على سبيل المثال وليس الحصر قانون الانتخابات وتبديله بجرة قلم بالرغم من قرار سابق وتصويت البرلمان عليه.اليوم يتصدر الحكيم مبادرة ال 4 مليارات دولار لمحافظة الانبار في إشارة الى شمول هذا المحافظة ببعض الترقيعات الوقتية وليس البناء بسبب ما يجري هناك من حرب حقيقية.ومباشرة بارك المبادرة المالكي لا بل زار السيد الحكيم وشكره على مبادرته وتقدم على الخط النجيفي,مما يبدو إن هناك تنسيقا بين الثلاثة تحضيرا للانتخابات القادمة واستكمالا لمبادرة الحكيم يقول فيها:تشكيل حكومة أغلبية سياسية شريطة أن تضم المكونات الرئيسية!!
وسوف يكون العراق كله شاكرا للسيد الحكيم إذا استطاع أن يشرح ما قاله ويريد.ماذا تعني الجملة: "شريطة أن تضم كل المكونات الرئيسية"؟يعني سني-شيعي-كردي,وفقط؟وماذا عن باقي " المكونات"؟ قسمتم الشعب العراقي الى مكونات رئيسية وغير رئيسية,حسنا,قولوا للشعب العراقي من هي المكونات الصغيرة والغير رئيسية والتي لا تستحق أن تُضم في حكومة الأغلبية؟وما هو الفرق بين حكومة "الشراكة الوطنية" الحالية المشلولة وبين القادمة حكومة الأغلبية المزعومة؟سوف يسقطون في نفس المطب والكارثة الحالية لانهم يستندون الى مصالحهم الفئوية الضيقة وليس إلى الشعب.وهذه معظلة الوضع السياسي الراهن وسوف لن يخرجوا من عباءة المحاصصة الطائفية والقومية,قادتهم كرروها مرات ومرات,لان في هذا نهايتهم الحتمية.

3:الحرب
سموها ما شاتم حرب أهلية مكررة,أم حرب ضد الإرهاب أم حرب من أجل الفوز بالانتخابات حسب الصولات والجولات لكنها في النهاية تدمير لطاقات العراق البشرية والمالية.أسئلة تطرح وكثيرة في هذا الخصوص:لماذا تأخر المالكي في حربه ضد القاعدة وداعش؟لماذا لم يحسم ملف المعتصمين في الانبار منذ البداية لتلافي الاقتتال وتصاعد المطالب للمعتصمين وظهور الطائفيين بينهم لابل إرهابي القاعدة ومن يحتضنهم ؟البلاغات الرسمية في بادئ الأمر اعتبرت أعداد داعش قليلة في الوقت الذي نزل الى الميدان الحربي الطيران والدبابات وكافة الأسلحة.من سهّل دخول هذه الأعداد الكبيرة من مجرمي داعش والقاعدة؟من يحتضنهم؟من هنا جاءت مبادرة السيد الحكيم التي يمكن تسميتها مبادرة الأربعة مليارات دولار,لكن لماذا تأخر بناء هذه المحافظة وامتصاص البطالة من الشارع والتي هي وقود دائمي وقت الحاجة بيد الإرهاب؟
بالرغم من سقوط الشهداء بين صفوف الجيش والقوات الأمنية ومن أفراد العشائر في محاربة أعداء العراق والعمليات النوعية ضد أوكار المجرمين يجب عدم ارسال الجيش الى المدن جهد الامكان لان هذا فيه نوع من التحدي لأبناء المنطقة ويجب القضاء على الحواضن عبر تلبية المطالب المشروعة لسحب البساط من تحت أقدام المهووسين .وعلى الجيش والقوات الأمنية التفرغ لملاحقة المجرمين الذي عبثوا بالبلاد وأن يبتعدوا عن الهوسات لانهم في حرب حقيقية وليس وقت الأهازيج ,العدو ربما بينهم,كما حدث في كارثة تجمع المتطوعين قرب مطار المثنى ,ولماذا يسمى مطار المثنى لحد الآن وهو أصبح مقرا لحزب الدعوة,ولماذا يتجمع كل المتطوعين في مكان واحد من كافة المحافظات و محمد العسكري قال أمس إنه لا طاقة للجيش لاستيعابهم,الم يكن من الأجدر التقدم للتطوع من خلال المحافظات حفاظا على سلامة الشباب الذي سال دمه من قبل مجرم انتحاري؟

أما البرلمان النائم والمعطل بإمرة أمراء المحاصصة قد تقدم خطة عرجاء جديدة في إقراره قانون اللغة الرسمية في العراق"عرب وين وطنبورة وين"؟وكأن العراق لم ينقصه إلا هذا القانون والبلاد تسير على بر "الأمان" من عهود وليس في وقت حرب مع عدو شرس تقف خلفه دول.هل هذا هو وقت إقرار مثل هذه القوانين والعراق يشتعل يوميا؟أليس هناك قوانين أكثر أهمية من هذا أم يريدون التهدئة في جبهات معينة لتنفجر أزمة في مكان آخر؟