المنبرالحر

ما أشبه هذة الأيام بأعوام 2004 الى 2007 وبغياب الأحتلال / د. رمزي توماس

إن العام الجديد 2014 لايستطيع أن يضيف أشياء جديدة الى واقعنا العراقي سوى الأختلاف بالأرقام التقويمية ، أن الشعب بمستوى وعيه وجهادية الأنسان وتضحياته ومدى تنظيم صفوفه هو الذي يضيف للعام الجديد ماهو إيجابي أو سلبي ، ما هو لصالح الأنسان ولخيره أو لطالح الأنسان ولشره ، والمعيار أو الأطار العام والخاص لتحديد ما يضيفه هو موقفه من الأنسانية ومبادئها ...مثلاً الأرهاب الموجود في بلدنا العراق منذ سنوات لا يستطيع ان يضيف اشياء إيجابية تساعد مجتمعنا على التطور ، غير الدمار وقتل أكبر عدد من الناس الأبرياء وتحطيم البنى التحتية وغيرها من المخلفات المعادي للبشرية ، لأن الأرهاب بكل مقومات بقائه وأنتشاره هو معاد للأنسانية أينما كان ، ولهذا نقول أن الأرهاب لا دين له ولا هوية وطنية له ولا طائفة له ولا مذهب له ولا يميز بين منطقة واخرى من البلد المعني مثلاً ، فهو معاد للأنسانية أينما تصادفه واينما يحل سواءاً بين أبناء بلده أو بين الأجانب أو في مجتمع مختلط ، ولهذا نلاحظ بين الأرهابيين عدا العراقيين وجود أجانب من العالم العربي والأسلامي ومن دول أخرى ، ومما يزيد الطين بلى في وضعنا العراقي الصعب والمعقد ، هو أن السلطات الثلاث ( التشريعية -مجلس النواب والتنفيذية-الحكومة والقضائية-المحكمة الأتحادية العليا ) مع شديد الأسف بنيت وشكلت على أساس غير أنساني ، وبكلمات أخرى على اساس طائفي ومذهبي ومناطقي - اثني وقومي أيضاً ، ولهذا لا تجد في هذة المؤسسات ومفاصل الدولة العراقية المختلفة بعد التغيير في 09.04.2003 توازنا وفق مبدأ "...الأنسان المناسب في المكان المناسب ..." ولم تؤخذ بنظر الأعتبار الكفاءة والخبرة والتجربة والولاء للوطن والأنتماء لمصالح وطموح الشعب لدى أختيار الأنسان المفضل لمكانه المناسب ، بل حصلت ولا زالت تحصل وستحصل في المستقبل أيضاً ، إذا بقيت هذه الأسس والمعايير في السلطات الثلاث نفسها ، صراعات ما بين الكتل والكيانات والأحزاب السياسية من أجل النفوذ والسلطة والمال ...والمشكلة الأخطر من ذلك لا تقف عند هذا الحد بل تتعداه الى إن هذه الأرضية الخصبة ، التي ساعد على تنميتها وتطورها كلا الطرفين على حد سواء ، الحكومة العراقية والأرهاب ، إنها (الأرضية) التي يتعشعش فيها كل من يضمر شراً للعراق والعراقيين لكي يعبث بشؤون العراق أكثر فأكثر ...ومن الجدير بالذكر هنا أستطيع أن القول بأن هناك تناسبا طرديا بين الصراعات الموجودة مابين الكتل والكيانات الساسية من أجل السلطة والنفوذ والمال من جهة والعمليات الأرهابية والوضع الأمني بشكل عام من جهة أخرى ، وهذا ما لاحظناه منذ سقوط الصنم والى يومنا هذا ، كلما تشتد الصراعات مابين القوى المتنفذة في السلطات كلما يزداد الأرهاب شراسة ودموية والعكس صحيح ايضاً ...

وهنا يطرح السؤال نفسه ...لماذا سكتت الحكومة العراقية ( طنشت ) أمام سيطرة تنظيم ما يسمى بالدولة الأسلامية في العراق والشام ( داعش ) طيلة الفترة الماضية في هذة المنطقة بالذات...؟ علماً أن القوى الأرهابية في الصحراء الغربية من محافظة الأنبار وفي وادي حوران بالذات تتواجد معسكراتها وخيمها وسياراتها العسكرية المدججة بأنواع الأسلحة بما فيها الأسلحة المتوسطة والثقيلة وتمتلك وسائط الأتصالات كالكومبيوتر والهاتف النقال وتستلم المساعدات التموينية والعسكرية واللوجستية من داخل الوطن و خارجه منذ مدة ليست بالقصيرة ، بالأضافة الى ذلك الطائرات المروحية الحكومية التي تطير في سماء المحافظة حتى حدودنا الغربية ، فالحكومة العراقية تبقى مكتوفة الأيدي " صّم بكم لاتتكلم ولا تتحرك " أمام كل هذا التحشيد والأعداد للحرب.

طبعاً الحكومة العراقية الحالية على دراية بكل ما يحصل ولا تستطيع أن تفعل شيئا لأنها محكومة مأزومة بهذه الصراعات الغير نزيهة والغير وطنية ، فالحكومة صرفت النظر عن ما جرى ويجري خارج حدود المحافظة وكأن الصحراء الغربية لا تعود الى العراق جغرافياً ، أو كانت تنتظر فرصة مناسبة تستغلها كذريعة لبدء معركة إنتخابية - عسكرية في آن واحد ، وبعد قتل قائد الفرقة السابعة وبعض من ضباطه وحمايته إعتبر رئيس الوزراء العراقي الصحراء الغربية منطقة عائدة الى العراق جغرافياً ، لأن هذا النشاط العسكري الأرهابي الكبير نسبياً قلل من هيبة ومكانة القائد العام للقوات المسلحة العراقية ورئيس الحكومة العراقية وبعدها راح يشن حملة عسكرية واسعة شملت المعتصمين في مركز محافظة الأنبار وضواحيها حتى حدودنا الغربية من ضمنها الصحراء الغربية وسميت هذة العملية العسكرية الواسعة " بثأر القائد محمد " ، ولحد الآن لم تعرف النتائج النهائية لهذة العملية ، وعلى ما يبدو إن كلا الطرفين كسبا المعركة العسكرية ...إذاً من هو الخاسر في هذه الصدامات العسكرية يا ترى...؟ ، طبعاً الخاسر الوحيد والأكبر هو الشعب العراقي ، لأن وجود الطرفين الآخرين نسبياً على أرض الواقع العراقي لا يخدم مصالح وطموح الشعب العراقي ، الأرهاب يساوي الدمار مادياً وموضوعياً والحكومة تساوي إفقار وتجويع الشعب ، هذا من ناحية ، ومن ناحية ثانية حتى وإن هزمت الداعش والقاعدة وباقي المنظمات الأرهابية لا توجد ضمانات وتأكيدات لكي تبقى المنطقة المحررة صامدة والأحتفاظ على النتائج والمعطيات النهائية للمعركة على الدوام ، بدليل إن نفس الحكومة قامت بعدة عمليات عسكرية لتطهير المنطقة ذاتها من الأرهابيين منذ 8 سنوات حتى الحملة العسكرية الأخيرة ، وبعد إنتهاء العمليات العسكرية تعود ذات المنظمات الأرهابية الى المنطقة بكل قوة وبسلاح أكثر تطوراً وتسيطر على مساحات أوسع من ذي قبل .
على مايبدو للسلطات التنفيذية إن القوى المحركة لهذة العمليات العسكرية مخفية ، كالطابور الخامس والأختراقات في إرتفاع الهرم السياسي للحكومة والجيش والشرطة والأمن الوطني والأستخبارات الوطنية وقوى أخرى تعمل بخطوط نائمة أومائلة سياسياً ومعظمها تعتمد على أجندة خارجية وغيرها ) ، وهذة القوى تستطيع أن تفتعل أزمة عسكرية متى ما تشاء وأينما تريد...ولا أستبعد إن تكون الأحداث العسكرية الأخيرة في الرمادي مفتعلة وقد خطط لها وفق برنامج لهذة القوى المحركة وبدعم من الداخل وخارج حدود الوطن .
وخلاصة الموضوع ففي ظل الظروف الموضوعية والذاتية التي تكتنف العملية السياسية في العراق لم تظهر في الأفق القريب أية تباشير الفرج وحلحلة الأزمة العاصفة بالوطن ، وسيستمر الوضع المعقد والعصيب في العراق من عام الى آخر دون حلول جذرية للأزمة العراقية ، طالما حكومتنا المأزومة سائرة على نهجها الطائفي ويقابلها الأرهاب المدعوم من القوى الطائفية الأخرى ، وهذين الطرفين المتصارعين يساعدان على تداول الأزمات من وقت لآخر ، هذا الصراع الطائفي الذي وضع العراق على حافة حرب أهلية وبأنتشار فرق الموت والقتل على الهوية في الأعوام 2004 الى 2007 في ظل الأحتلال والتي زهقت حياة أكثر من 55.000 مواطن عراقي ناهيكم عن هجرة الملايين من العراقيين داخل الوطن والى شتات العالم المختلفة وتدمير البنى التحية للمجتمع وغيرها من الخسائر الفادحة ، وهكذا تتكرر الأزمات من عام لآخر...إن الحل الجذري لهذا الوضع يحصل على يد القوى الوطنية والديمقراطية والليبرالية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية المستقلة ، فإن قائمة " التحالف المدني الديمقراطي "هي صمام آمان العملية السياسية من أجل دولة مدنية ومجتمع ديمقراطي وضمان نظام المؤسسات في الدولة العراقية الجديدة ...
فكل من تغر عليه قضية حرية الوطن وسعادة الشعب العراقي وتجنب العراق من الحروب والكوارث يتوجه الى صناديق الأقتراع في الأنتخابات التشريعية القادمة المزمع إجرائها في 30.04.2014 ...هذا اليوم هو الكفيل والضامن للتغيير وإختيار الممثلين الحقيقيين للشعب في مجلس النواب العراقي ...وغير ذلك لا يفيد الندم وعضة أصبع السبابة اليسرى .