المنبرالحر

العراق: وقفة مع الحقيقة...()!!؟(*) / باقر الفضلي

لو سلم المرء بكل النوايا الحسنة، التي ما إنفكت تتراقص على ألسنة جميع ذوي الشأن، ممن شاءت الصدف أو قدرت الأقدار، أن يأخذوا على عاتقهم مسؤولية إدارة أحوال العراق بعد الغزو الأمريكي عام/2003 وطيلة عقد من الزمان، ممن نصبتهم الأقدار، أن يكونوا ربابنة سفينة " العملية السياسية " بكل ما لها وما عليها، فهل سينتهي به الأمر أخيرا، لأن يجد تفسيراً مقبولاً لما آلت اليه الأوضاع في محافظة الأنبار، بعد عام من الجر والعر، الى ذلك المستوى الذي بات يهدد الأمن الوطني العراقي، وينذر بما لا تحمد عقباه من منزلقات التصادم الطائفي والتمزق الإقليمي، وكل ما يمكن أن يؤخذ بالحسبان من التداعيات الكارثية على مستقبل الشعب والوطن..!!؟
مما لا لبس فيه، فإن الإدارة المتعثرة لأزمة الأنبار من قبل جميع الأطراف السياسية وعلى إختلاف مشاربها، لا يمكن أن تكون في منأى عن تحمل مسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية في المحافظة، وما نجم عنها من إنتشار ما يدعى بميليشيات " داعش " في مدن وقرى المحافظة طبقاً لتصريحات الأجهزة الحكومية والقوات المسلحة، الامر الذي ينبغي التوقف أمامه بشيء من التبصر، والتأمل في أبعاد ما جرى ويجري في المحافظة المذكورة، قبل التسرع بتأجيج النار بمزيد من الحطب والزيت..!!؟؟
فليس من بدهيات القول أن ينصرف الذهن، وهو في مثل تلك الحالة، عما يحيطه من أوضاع ما يجري في بلدان الجوار من تدهور أمني وتدمير للبنى والهياكل الإرتكازية للإقتصاد الوطني لتلك البلدان، ليبدو وكأن العراق آخذ دوره هو الآخر في هذا المسلسل الرهيب، وبالتالي وكما هو ملاحظ من خلال جملة التصريحات وردود الافعال للجهات المسؤولة بالذات، يجري إختزال ما جرى ويجري في محافظة الأنبار وغيرها من المدن العراقية، في توصيف واحد للأحداث وأسباب تفاقمها الى غالة " الإرهاب " ، وكأنها وحدها من يقف وراء كل ذلك التدهور والتدني في مستويات الأمن والسلامة العامة، والخلل في ضوابط النظام العام..!؟؟
مما لا ريب فيه، ما للإرهاب من نتائج مدمرة وسلبية على الجميع؛ دولة وسلطة وشعب، ولكن للأشياء جذورها، ولا يمكن أن تكون أحداث محافظة الأنبار إستثناء من ذلك، فالإبتعاد عن البحث في جذورالمسائل، هو وحده كاف لأن يبعد المرء من الإقتراب من معرفة حقيقة أسبابها، وبالتالي فلابد وأن يجد أمامه، وإذا بتلك الأحداث وقد تفاقمت في تداعياتها، طالما تأخرت الحلول، وفي هذه الحالة سيكون لفقدان الحكمة والتعقل، الدور الأسمى في المعالجة أو التكيف مع تلك التداعيات، ومن هنا أيضا، يبدأ مسلسل الأخطاء، حيث التتابع المستمر في معالجة الخطأ بخطأ جديد وهلمجرا، الأمر الذي تتفاقم معه المواقف الخاطئة بكل ما يتبعها من ردود الأفعال، حيث أن المعالجة ستكون قاصرة طالما ظلت الأسباب شاخصة في المكان..!!؟
فهل هناك من وجه للغرابة يا ترى، حينما تظل مصادر وأسباب أزمة الأنبار، أو أي أزمة أخرى مهما كانت، في منجى من المعالجة، ومن إجتثات أسبابها، في بلد مثل العراق، وهو لم يستكمل بعد مقومات وقوفه على قدميه ؛ أن تقفز على سطحه السياسي، منظمات مثل " داعش والقاعدة "..؛ اللتين لم تأتيا من فراغ، ولهما من الدعم والإسناد والتمويل والتسليح، ما يلجم كل المتشككين بحقيقة من يقف ورائهما والأهداف المتوخاة من وراء زرعهما وأمثالهما كأذرع تدميرية في المنطقة؛ ولعل ما جاء في البيان الرئاسي لمجلس الأمن الدولي بتأريخ 2014/1/10 في شجبه [[الهجمات التي يشنها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، التابع لتنظيم القاعدة، ضد الشعب العراقي سعيا لزعزعة استقرار البلد والمنطقة.]] ما يكفي دليلاً دامغاً للدور المدمر الذي ترتكبه مثل تلك المنظمات الإرهابية ومن يدعمها، بحق الدول والشعوب..!!؟؟ (1)
وضمن نفس السياق، وبالمفهوم المعاكس، وتفادياً لما يمكن أن تفرزه أزمة الأنبار من تداعيات كارثية على المدنيين بالذات، وما قد تؤول اليه الأوضاع المأزومة من نتائج يصعب التكهن بآثارها، يصبح من نافل القول، وفي أضعف الإيمان، الإسترشاد بالدعوة التي وردت في البيان الرئاسي لمجلس الأمن آنف الذكر أعلاه، والتي شدد فيها [[ على أهمية مواصلة الحوار الوطني، والوحدة الوطنية، والعملية السياسية الشاملة، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة في نيسان/أبريل المقبل، وعلى الحق في الاحتجاج السلمي وفقا لما يكفله الدستور العراقي.]] ( المصدر السابق )
فهل سيكون في مضامين بيان مجلس الأمن الدولي آنف الذكر، ما قد يوحي لكافة الكتل السياسية العراقية، المشاركة منها في السلطة أو الواقفة على أعتابها، بأن تجد في مناشدة البيان الأممي، ما يدفعها بإتجاه الحوار الوطني الحقيقي، ويعزز الوحدة الوطنية، ويجنب الشعب والوطن كل مفارقات التمزق والتقسيم، بما فيه قطع الطريق على فلول الإرهاب ومن يقف ورائها، وإفشال خططها التدميرية..!
إن صدور البيان الأممي الموحد للشرعية الدولية، وفي هذا الوقت بالذات، قد منح الفرصة جلية أمام الكتل السياسية العراقية كافة، لأن تلعب دورها المؤثر في توحيد صفوف الشعب العراقي، وأن تتجنب الإنزلاق في دائرة ( الشرك ) المنصوب لتفرقها، أو الوقوع في ( فخ ) التصادم والإحتدام ؛ فهل

ياترى سيتحمل الجميع مسؤولية إطفاء نار الفتنة..!!؟

(*)