المنبرالحر

موسم الحج إلى واشنطن! / مرتضى عبد الحميد

الكل يعلم: أن الحج والعمرة كلاهما إلى بيت الله الحرام، وهو ما يحرص عليه كل مسلم، ويبذل الغالي والنفيس لتحقيقه، لكن ما هو جديد بعض الشيء أو يعاد إنتاجه في عراقنا المبتلى، هو أن تكون الوجهة إلى مكان آخر يبعد عن العراق آلاف الأميال، ويضطر الحاج الى عبور البحار والمحيطات ليصل إلى مبتغاه في واشنطن، ويبدو أن الحل والربط بالنسبة إلى سياسيينا وقادة بلادنا الأشاوس أصبح هناك. والملفت للنظر أن هذه الزيارات ليست فردية أو متباعدة بين زعيم وآخر، وإنما أصبحت بالجملة! فالأخبار الأخيرة تناقلت توجيه الدعوة إلى السادة «أياد ?لاوي وأسامة النجيفي ومسعود البارزاني» من قبل الأدارة الأمريكية، وقبلهم كسب الثواب السيد «المالكي» بزيارته لواشنطن، على الرغم من ان القادة الثلاثة سيشكونه للأمريكيين!
وفي عراقنا المغدور، ليس هناك شيئاً غريباً، ولا حدثاً مفاجئاً، لأن كل ما يحدث في بلدنا، يدخل في عداد ما نسميه بـ «الغرائبي» وهنا ربما تحق لنا الأستفادة من هذه الحالة الشاذة، وتوظيفها لمصلحة شعبنا، ولأخراج إقتصادنا من طابعه الريعي، عبر تقديم عرض مغر لمؤسسة «والت ديزني» وهي المتخصصة بأنتاج أفلام الكارتون مفاده: لماذا تتعب نفسها وتبحث عن مؤلفين يكتبون لها قصص أفلام الكارتون التي تنتجها. ليأتي خبراؤها إلى العراق ويغرفوا ما يشاؤون من أفلام الكارتون، وسنبيعها لهم بأسعار تفضيلية، كما نبيع النفط للأردن بأسعار تفضيلية!
آمنت بالله أن الأتفاقية الأستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية تتطلب التشاور وتبادل الرأي والنصائح، والمهم فيها تقديم المساعدات الأقتصادية والعسكرية والسياسية للعراق. لكن ليس من المعقول الذهاب إلى هناك في كل صغيرة وكبيرة، كما لو أن العراق خلا من الكفاءات، ومن الناس المخلصين لبلدهم، القادرين على إدارة شؤونه بما يحفظ له مصالحه ويسعد شعبه. ولندع هذه أيضاً، ونطرح السؤال التالي: هل أن العراق بكل من فيه من سياسيين وأكاديميين ومثقفين لم يبلغ سن الرشد بعد، لتكون أمريكا هي الوصي الذي يهدينا إلى الصراط المستقيم؟ وهل يعني ذلك أن سياسيينا دخل كل في شرنقته بحيث لا يستطيع رؤية الآخر، ولا محاورته وتبادل الرأي معه؟ القادة الذاهبون إلى واشنطن، شخصيات وطنية مناضلة، قدمت الكثير، وضحت بالشيء الكثير، لأسقاط النظام الدكتاتوري، وبناء نظام جديد يعوضهم ويعوض العراقيين جميعاً، عما عانوه في ظل حكم البعث والأنظمة الأستبدادية التي سبقته. نظام مدني ديمقراطي تصان فيه حرية وكرامة الأنسان، ويعاد بناء الوطن على أسس المحبة والسلام العادلة الأجتماعية، وهو الذي يجب العمل من أجله، على الرغم مما زرعه سيىء الصيت «بريمر» من محاصصة طائفية وإثني?، وما استمرأه السياسيون المتنفذون. فعلام الأستهانة بالذات؟ وعلام هذا التخندق والتزمت وعدم القدرة على سماع الآخر، والوصول إلى حلول وسطية ترضي جميع الأطراف المتصارعة، وتلبي حقوق ومصالح العراقيين؟ وإلى متى يظل هذا التباعد وعدم الثقة بينكم، وأنتم ترون الشعب العراقي، يذبح كل يوم من الوريد إلى الوريد؟
ألا تشعرون بالحرج أيها الأخوة، وأنتم تشدون الرحال إلى هناك للتزود بحكمة العم سام؟ ألستم قادرون على التنازل قليلاً لبعضكم، وهو الشرط الأساسي لكل إتفاق حتى لو كان مكانه جزر الواق واق؟ لماذا انتم عاجزون عن فعل ذلك؟ يقال أن القائد المحنك، هو الذي يعيد حساباته بين آونة وأخرى، ليعرف أين أصاب، وأين أخطأ؟ وبالتالي يستطيع تعديل البوصلة بالأتجاه الصحيح إن كان حقاً يحب شعبه وبلده.
يبقى العامل الأساسي الذي يشكل غيابه سبباً مباشراً وحاسماً في ما نراه اليوم من عجائب، وما بعانيه شعبنا على جميع الصعد، ألا هو غياب الضغط الجماهيري، الذي نأمل أن يتصاعد في الفترة القادمة مقترناً بأختبار أصحاب الكفاءة والنزاهة والمؤمنين حقاً بلغة الحوار والتنازلات المتبادلة في الانتخابات البرلمانية القادمة.