المنبرالحر

ماذا يريد سكان المنطقة الغربية؟/ جواد وادي

هل اقترب الأحبة من سكان المنطقة الغربية بوعيهم المتميز عبر تاريخهم الحافل بالوطنية، من مفهوم الديمقراطية؟ مثل بقية الشرائح العراقية لاستيعاب هذه النقلة النوعية والتاريخية في حياة عموم العراقيين؟ وهل كلفوا أنفسهم بايجاد مقاربة موضوعية تعتمد الفطنة البعيدة عن النوازع الحسية الخاضعة للقرارات الآنية، بين ما كانوا عليه أيام القمع البعثي، حتى وإن كان الكثير منهم من منتسبي المؤسسة البعثية بكل مفاصلها، وبين ما هم عليه من نعمة التحرر من سطوة الرقيب ورجل الأمن التي كانت تطال أيا كان، قريبا أو بعيدا عن السلطة ولمجرد الشك ليس إلا، ليعرّضوا أعناقهم للمقصلة وعلى أيديهم على أيدي داعش ومن يدور في فلكها.
بمعنى آخر، المطلوب منهم أن لا يغلبوا أي انتماء مذهبي أو حزبي أو طائفي، ويفكروا فقط بمستقبل العراق، الذي هو يقينا مستقبلهم وأجيالهم القادمة، ليمتلكوا فسحة من التأمل وكثيرا من التفكّر فيما يدور في العراق وما ينبغي أن تكون عليه المواقف الرصينة في توجيه مقود القيادة في العراقي الجديد بوطنية الحريص، كل الحرص، لتصحيح الوهن والانحرافات في العملية السياسية وما أكثرها، حتى وإن كانت لديهم الكثير من المحاذير والملاحظات والهواجس التي قد تصل لمرحلة الخوف من الآتي، وهذه حالات مشروعة، إذا ما وضعت تحت مخبر الحريص على وحدة البلاد ومشرط الخبير لتصحيح المثالب في الوضع السياسي، ومن كل الأطراف ونحن معهم، لأن ما يوجب التحرك على ضوء الواقع السياسي والأمني والخدمي وما سواها من ملفات تحتاج إلى معالجات سريعة، لا بطريقة البلطجة التي عودنا البعثيون على اتباعها كأسهل الطرق، لغياب آليات الحوار لديهم، ولكن بعقلية السياسي والوطني البعيد عن فوضى السياسة وملابساتها وعدم فهم دهاليزها، والخضوع لأهواء ليست مبنية على رؤية منطقية، لا بطريقة إشهار السيوف، وحشو البنادق، وتدجين الألسن على شعارات لا تخدم إلا أعداء العراق وبالضد من المصلحة الوطنية العامة، وفتح أبواب التدخل للمتربصين بالعراق والعراقيين على مصاريعها، وتطبيقا للكرم الحاتمي بفهمه المقلوب، مرحبا بالضيوف الكرام، وما هم بضيوف، إنما مجرد مجاميع من القتلة والمتخلفين من الوهابيين وذوي النوايا الخبيثة لتخريب كل شئ، وما أن ينتهوا من مهمة التخريب، (وهيهات أن يحدث هذا)، ينتقلوا لأصحاب الضيافة الحاتميين.
المطلوب منكم التحلي بروح المواطنة الحقة والحرص على وحدة العراق والنسيج العراقي بكل تلويناته وما أجملها، إن توفرت النوايا الصادقة للبناء ونيل الحقوق بالطرق المشروعة والتي قطعا سيباركها الجميع.
نعلم جيدا أن العراق كان وما زال يمتلك روافد عقلانية تضخ في جسده الحكمة ومفاهيم المحبة والتساكن وقبول الآخر من كل مكوناته، لكن البعث بتأريخه الرث والخبيث، كان خير تلميذ (لأبو ناجي) بتطبيق شعار (فرق تسد) ونجح إلى حد كبير في الوصول إلى أهدافه المرسومة بدقة، ببث الفرقة بين كل العراقيين لتسهل مهمة قيادتهم، بأهداف تخريبية ولم تكن يوما ذات نوايا وطنية،كما كان يتبجح بذلك،
إن أبناء المناطق الغربية هم من أهم تلك الروافد التي تعمل على الخير والوطنية والحفاظ على وحدة العراق، منذ أمد بعيد، فما الذي حصل لنصل إلى هذه الفوضى الخطيرة التي وصلت لها تلك الأرض التي ما بخلت بالعطاء يوما، ومن المتسبب بهذا الخلل القاتل، علما أننا نعرف أن عشائر تلك الأجزاء الغالية من العراق على قدر كبير من الحكمة ورجاحة المواقف، فهل يعقل أن ثلة من الصبيان والمتطيرين والمشحونين فكرا سلفيا متطرفا ومتخلفا وظلاميا، أن يقودوا تلك العشائر الكريمة للمحرقة وبهذه السهولة، وأن يغرروا بشباب المناطق الغربية ليكونوا أدوات بيد القتلة والمجرمين ضد أبناء جلدتهم، وهم أصحاب الخبرة في حل الاشكالات مهما عظمت كعهدنا بهم؟
إننا أمام حيرة لا نحسد عليها، والأخبار تتناهى لأسماعنا عن تحول منطقة الأنبار إلى وكر للمخربين والقتلة من الوهابيين.
كيف يسمح أبناء الأنبار بهذا الوضع الغريب والمستهجن، بإدخال هؤلاء الرعاع لنحر مواطنيهم من العراقيين؟ ألم يعانوا كبقية العراقيين من المذابح الرهيبة اليومية والتي تطال الأبرياء وبكل الأعمار ودونما تمييز بين المذهب والعقيدة والقومية وما سواها من الطيف العراقي الذي كم كان بهيا ورافلا بالمحبة والتعايش الوطني قبل دخول هؤلاء الأوباش؟
ومن هم هؤلاء القتلة؟ أليسوا من رعاع العرب الذين عافتهم أوطانهم ليستاسدوا على العراقيين وبمساعدة أبناء جلدتهم؟
كم أعجبني محافظ الأنبار السيد أحمد الدليمي، عندما عبر وبحرقة الوطني الغيور على بلده وكرامة أهله عن استغرابه، بل واستهجانه لهذا التعاون الغريب بين بعض عشائر أبناء الأنبار مع قتلة داعش، وتقديم التسهيلات لنحر العراقيين، حتى شمل القتل أبناء الأنبار أنفسهم، فماذا حصل لوطنيي الرمادي من عشائر ورجالات وشخصيات معروفة بانتمائها العراقي الأصيل، ليبيحوا لكل من هب ودب بشرعنة الفوضى في مناطقهم التي لا تستحق كل هذه المواقف منهم، تحت أي مسمى أو عنوان، لأن الخلافات بين أبناء الوطن الواحد مهما تعاظمت، لا تستوجب أن يصل التناحر الى إشاعة القتل وعلى أيادي مجرمين لا يميزون بين مواطن من الفلوجة أو آخرمن طويريج!
أن الوطن لا يمكن المساومة عليه أيها العراقيون، لأنكم وببساطة إذا خسرتم العراق، لا تنفعكم لا داعش ولا دولتها الاسلامية، لان الدور سيأتي عليكم وعلى نسائكم، لأنهم يحلون كل شئ ويحرمون كل شئ!
أما سمعتم عما وصلت إليه فتاواهم في سورية، إذ بلغت بهم الخسة أن يشرعنوا زواج الأخ بأخته، بعد أن أبتكروا جهاد النكاح وجهاد زنى المحارم وغيرها من الفتوى التي لا تصدر إلا من مجموعة من المخبولين وغير الأسوياء!
لا تسلموا لحاكم أيها الأحرار لهذه المجاميع المجرمة وأفتحوا صفحات من التفاهم مع أبناء جلدتكم، لأنهم يبقون اخوتكم ومواطنيكم مهما وصلت الخلافات بينكم من مديات، يمكن حلها بعد أن تضعوا العراق في حدقاتكم ولا سواه. وليبق الجيش العراقي، جيشكم وحامي كل العراقيين ولا تتأثروا بما تسمعون من أحقاد لها نواياها الخبيثة من لدن بعض المخربين من بقايا البعث وبعض السياسيين الذين يراهنون عليكم في الوصول لأهدافهم الشخصية على حساب تشويه مواقفكم الأصيلة كعهدنا بكم دائما.