المنبرالحر

فاتك الأسدي يعيد حماقاته ..يا الزكي عبد الزهرة/ عبد جعفر

في زمن الطوائف وخطابها المثير للفتن، أختنق فضاء المواطنة والمواطن وآدميته في المجتمع، وتقلصت حرية إنساننا العراقي بفعل ديناصورات الظلام والسرقة والفساد.
ومن مظاهر هذه الحالة هو تقاسم الجريمة المنظمة بين قوى الإرهاب وحاملي كواتم الصوت المتعششين في إجهزة الدولة.
وإذا كانت قوى الإرهاب تنفذ أجندات خارجية وتحقق رغبات قاتليها المغسولي الدماغ في مضاجعة الحوريات في العالم الأخر، فأن حيتان الدولة والمليشيات يشبهون الى حد كبير الشخصيات المجرمة في روايات دوستويفسكي ، فهم يشعرون أنهم متفوقون بحكم الأموال السحت والمناصب التي حصلوا عليها، ولهذا فهم لايراعون القوانين التي وضعت للإشخاص العاديين. وقتلهم لأنسان بنظرهم عمل شريف بل حق من حقوقهم ولا يحق للأخرين مساءلتهم.
وربما من هنا نفسر الإعتداء السافر على المثقفين، وقد وصل الى حد القتل كما فعلوا مع هادي المهدي، وكان أخرها هو الاساءة الى شاعر وأديب مبدع مثل عبد الزهرة زكي من قبل بعض رجالات الأمن.
وطبيعي ليس هناك من يحاسب ويسأل، وهم الخصم والحكم، ومنها أيضا، لا توجد أجوبة شافية في عدم ملاحقة قتلة كامل شياع والناقد قاسم عبد الأميرعجام، والقائمة طويلة ولن تنتهي!
ففاتك الأسدي الذي أغتال المتنبي لا يختلف عن فاتك الأسدي اليوم في جرائمه ضد المبدعين والأساءة لهم، وكأننا لم نتقدم خطوة عن ممارسات العهد البائد سوى إستبدال الزيتوني بالبدلات الزرقاء. وجريرة شاعرنا الزكي عبد الزهرة، أنه أحب الوردة ولم يحب كاتم الصوت والقتل، وقف مع الضحية ولم يقف مع القاتل.
وهو الذي أنشد:
(قبل أن يجيب
ينخله الرصاص
يصعد القاتل
يهدر المحرك
وتدور العجلات
بينما تنطبق الشفتان
على جواب يهم أن ينطلق)

إن الأنسان المبدع هو ثروة مهمة أكثر أهمية من ثروات النفط والذهب، فأبداعه وفنه وخلقه الدائم هو الذي يخلد الأمة لا الطغاة ولا حروبهم فهؤلاء لا يتركون سوى الرماد، مهما إستباحوا جسد الوطن وابنائه وأستهانوا بعقل المبدع لصالح صناعي الجهل والفساد.
إن الزكي عبد الزهرة أعلن احتجاجا أنه سيكف عن الكتابة ويعتكف حتى الموت في بيته أو يهاجر وطنا لا كرامة فيه لإنسانه. وليس أمامنا سوى أن نذكره بشهادته المهمة في مقابلة له في صحيفة الاتحاد التي قال فيها:
ينبغي أن يتركز عملنا كمواطنين وكمثقفين على أن لا نسمح للسلطة بإرتكاب (أخطاء) يذهب ضحيتها الناس، وتسحق حرياتهم وكراماتهم أرى فرصة لبناء مجتمع حر ونظام ديمقراطي تعددي فدرالي يقر بحريات التفكير والاختلاف ولكن في المقابل أرى الدكتاتورية تتخفى بأقنعة كثيرة ومن بينها أقنعة الحرية نفسها حيث يظهر البعض برامجه للحرية والديمقراطية فيما هو يخفي وراء ظهره برامج أخرى شمولية ودكتاتورية تضمر أنيابها، من السخف أن تتحول قضية الإعتقال الى إمتياز ولكن من الشرف أن تتحول الى مسؤولية، مسؤولية الإيمان العميق بالحرية وقيمتها وحفظ الكرامة الإنسانية من أن تهدر على أيدي المستهترين بمصائر الناس والمستخفين بأنسانيتهم هم أنفسهم قبل سواهم.