مجتمع مدني

الإرهابيون يقتحمون مؤسسات.. وأذى يلحق المواطنين / آرينا قاسم

شهدت بغداد في الأيام القليلة الماضية حوادث امنية لافته، جراء تنفيذ عمليات إرهابية مستهدفة دوائر حكومية في محاولة لاقتحامها والسيطرة عليها.
وأكد عضو في لجنة الأمن والدفاع النيابية وجود اختراق داخل المؤسسات الأمنية، يسهم في تسهيل مهام الجماعات الإرهابية في تنفيذ عملياتها. في حين رأى خبير أمني أن هناك خللا في الإدارة السياسية للملف الأمني، مؤكدا أن المسؤولين السياسيين يعملون من أجل مصالح انتخابية.
وفي حديث مع "طريق الشعب" أمس السبت، قال حامد المطلك عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، أن "هناك انهزاما بمهنية الأجهزة الأمنية، وهناك سوء في منهج إدارة السلطة والبلد، وفي عمل الوزارات، الأمنية خصوصا"، لافتا إلى أن "هناك فسادا ماليا مستشريا ورشوة مستفحلة، وهناك تدخلات خارجية أيضا، وغياب للإرادة الوطنية الموحدة تسيّر مؤسسات الدولة، وتضع نهجا خاصا للدولة، وكل هذه الأمور لها تأثيراتها أمام شيء واحد كبير جدا؛ وهو سوء بناء الأجهزة الأمنية بمستوى من المهنية والمسؤولية العالية لمواجهة هذه الانهيارات الأمنية".
وبيّن المطلك أن "الوضع الأمني المتردي ليس بالوضع الجديد على العراقيين، ولا يتوقف عند الأنبار، ولكن سوء تصرف الدولة ورد فعلها وإهمالها لكثير من الأمور، فاقمت الموضوع في الأنبار. كذلك الاستهداف للمواطنين بالقوة وبالقصف وبالقمع وبالمدفعية والطائرات يزيد ولا يؤدي إلا إلى استفحال الإرهاب بشكل أكثر".
ورأى عضو لجنة الأمن والدفاع أنه "كان من المفترض أن يعالج موضوع الإرهاب سابقاً"، متسائلا "أين موقف الدولة من هؤلاء المسلحين، أين استخباراتها؟ أين أداؤها الأمني؟ أين كادر أجهزتها الكثيرة؟ كيف دخل هؤلاء إلى دائرة حكومية؟ كل هذه الأسئلة نطرحها على الحكومة".
وأردف المطلك أن "سوء أداء الأجهزة الأمنية ومسؤوليتها تجاه هذا الانهيار الأمني، جعلها تغطي الفشل بالفشل، ولا تغطي الفشل بخطوات ناجحة، ولذلك فنحن ندور في حلقة مفرغة".
من جانبه، بين النائب عن كتلة الفضيلة عمار طعمة، زميل المطلك في اللجنة أن "التنظيمات الإرهابية تحاول أن تفك الخناق عن نفسها بعد الضغط الكبير الذي تتعرض له جراء العمليات العسكرية، عبر نقل ساحة المواجهة الى بغداد، وذلك لأهمية العاصمة وللفت الرأي العام والتشويش على الانجازات التي تحققت في ملاحقة الإرهاب ومواجهته في الأنبار".
وأضاف طعمة في حديث لـ"طريق الشعب" أمس، أن "الإرهابيين يستهدفون أهدافاً مدنية في الغالب، كالتجمعات، لأن منهجهم وثقافتهم لا يمنعان من استهداف أي مدني، صغرَ أو كبرَ سنا، له يد في السلطة أو بعيد عن السلطة، والغرض من هذه العمليات تخفيف الضغط وفك الخناق عن الجماعات الإرهابية".
وأعرب عن اعتقاده بأنه "عندما تقتحم دائرة بانتحاريين يكون الإجراء الطبيعي أن تعزل هذه المنطقة، وتغلق منافذها ومداخلها لحماية المدنيين، ولتلافي وقوع خسائر أكثر من المدنيين، لان الإرهابيين لا يتورعون عن إيقاع الأذى بالمواطنين العزل، ولذلك فأن هذا إجراء طبيعي فالأجهزة الأمنية مضطرة لمثل هذا الإجراء، لأننا نتعامل مع عدو لا يميز بين مواطن وآخر".
إلى ذلك، رأى أحمد الشريفي الخبير في الشؤون الأمنية، أن "ما يجري هو انعكاس ليس فقط لما يجري أو ما يتعلق بالأنبار حصرا، وإنما أيضا امتدادات لما يجري في سوريا"، موضحا أن "هزيمة تنظيمات داعش من قبل الجيش السوري وفي العراق جعلته يسعى إلى فتح جبهات كثيرة، منها ما جرى في ديالى والموصل وفي بغداد".
وبيّن الشريفي في حديث لـ"طريق الشعب" أمس، أن "في بغداد تحديدا ربما لتشكيل ضغط على الرأي العام، وللنقمة على الحكومة، وتارة أخرى للضغط على القرار السياسي، على اعتبار أن هناك عمليات تستهدف العاصمة، معقل صنع القرار السياسي، بهذا الكم وبهذا النوع من العمليات".
وأكد أن "هناك خللا في الإدارة السياسية للملف الأمني، فهي التي تتصدى لتوزيع الواجبات والارتقاء بالقدرات القتالية، سواء كان ذلك على المستوى المعلوماتي أو التعبوي، فالإدارة السياسية ما زالت اقل ما توصف بأنها غير موفقة بإدارة الملف الأمني، وبالتالي عطلت الكثير من الجهود، وهي جهود ممكن أن ترتقي بالقدرات البشرية، منها الجهد الاستخباري أو الجهد التقني الحربي والقتالي".
وبشأن إغلاق الطرق بعد حدوث العمليات الإرهابية، أوضح الشريفي أن "ردود الفعل دائما تأتي وتلقي بعبء إضافي على الوضع العام، وهذه القرارات هي قرارات تأتي أيضا بإطار عدم وجود الرؤيا السياسية الواضحة التي ربما توجه الأجهزة الأمنية، وعندما نتحدث عن الطرق، فالطرق هي من الحقوق العامة التي يكفلها الدستور، فليس من حق الأجهزة الأمنية أن تتجاوز على الحق العام بهذه الطريقة، كأن تغلق الطرق وبالتالي البعض من الموظفين ربما يعودون مع المساء أو الليل إلى بيوتهم"، مستدركا أن "هذه الأبعاد كلها بالحقيقة تعلق على البعد السياسي أ?ثر مما هو على البعد الأمني، لأن البعد الأمني يعمل تحت إمرة البعد السياسي".
وحول استفادة الأجهزة الأمنية من ترويج عدم حصول أي طارئ في الشارع، ولا تكشف عن حجم الخسائر الحقيقية، بين الخبير الأمني أن "هذا يعود إلى الدوافع السياسية؛ فمدير المؤسسة الأمنية، والسياسي الذي يدير المؤسسة الأمنية يسعيان لأن يحققان انجازا امنيا عاليا دون الوقوف على الإخفاقات، ودون الوقوف على السلبيات، حتى يستخدمان هذه الوسائل والفعاليات للأغراض الانتخابية، ونحن أمام استحقاق انتخابي، فدائما يسعون إلى تزويق الأحداث ويظهرونها بمنتهى الايجابية، ويخفون الكثير من السلبيات على الرأي العام، حتى ينتفعوا منها لتعبئة ال?أي العام ويحصلوا على الأصوات في الانتخابات".