مجتمع مدني

"حقوق الإنسان" النيابية تعترف بوجود تجاوزات في حق المعتقلات / إنعام عبد الأمير

لم يختلف رد وزارة حقوق الإنسان عن رد وزارة العدل فيما يتعلق بتقرير منظمة هيومن رايتس ووتش بشأن أوضاع المعتقلات العراقيات في السجون، فقد كذبت الوزارة الأرقام التي أوردها التقرير، طاعنة بصدقية تقريرها والمصادر التي اعتمدتها المنظمة في إعداد التقرير.
غير أن لجنة حقوق الإنسان النيابية، رغم تحفظها على ما ورد في التقرير وتشكيكها ببعض الأرقام، إلا أنها اعترفت بوجود تجاوزات ضد المعتقلات العراقيات في السجون العراقية، وان بعضهن احتجزن على الظن والشبهة أو على أخبار كاذبة غير صحيحة، عازية السبب الى "الفساد وانعدام المعايير في السجون العراقية"، فيما طالبت بضرورة الالتزام بالقانون ومبادئ حقوق الإنسان في التعامل مع المعتقلين والمعتقلات.
وفي حديث لـ"طريق الشعب"، قال كامل أمين هاشم، وكيل وزارة حقوق الإنسان، "رأينا بالتقرير الأخير لمنظمة هيومن رايتس ووتش حول أوضاع المعتقلات العراقيات، مخالف للمبادئ الحيادية والأهمية والدقة والواقعية، وبدأ الجدل من العنوان حيث أن هذا العنوان لم يعرضه احد من قبل"، مضيفا "نحن ما زلنا نؤكد انه يجب أن تكون التقارير الدولية مقبولة لنا، وتستند إلى المبادئ الأربعة التي ذكرناها سابقا".
ووصف هاشم التقرير بأنه "غير مناسب ويثير الاستفزاز"، مؤكدا أن "الرقم الرسمي للمعتقلات هو 1081 موقوفة ونزيلة لجميع الجرائم (الإرهابية، الجنائية) بعكس الرقم الذي أطلقه جزافا".
وأصدرت "هيومن رايتس ووتش"، الخميس الماضي (7 شباط 2014)، تقريرا قالت فيه إن السلطات العراقية تحتجز آلاف النساء العراقيات وتخضع الكثير منهن للتعذيب وإساءة المعاملة، بما في ذلك الانتهاك الجنسي وانتزاع الاعترافات بالإكراه.
وأردف هاشم أن "التقرير يظهر جميع النسوة بريئات ويظهر مزاعمهن وادعاءاتهن، كحقائق غير قابلة للنقاش"، لافتا إلى أن "التقرير أشار إلى أن حوالي 32 مليون عراقي غير آمنين، نعم إنهم ليسوا آمنين من الإرهاب والجماعات المسلحة والخارجة عن القانون وليس من الحكومة".
واستدرك وكيل وزارة حقوق الإنسان، بالقول "نتفق أن لدينا مشاكل في ملف العدالة، لكن لا يجب إطلاق الأمر بهذا الشكل"، مشيرا إلى أن "العراق ما زال يمر بمرحلة انتقالية مدتها عشر سنوات، وهي مدة كبيرة جدا في تجارب الدول التي انتقلت ولكن تجاربهم لم تمر بتحد امني وصراع سياسي وإرهاب".
وشدد هاشم، على ضرورة "وجود بيئة هادئة لمعالجة المشاكل التي توارثناها أو التي استجدت بهذا الموضوع، من اجل أن يستقيم عمل العدالة الجنائية ويكون بشكل مثالي"، مستطردا انه "في ظل الوضع الحالي والتحدي من الصعب حدوث ذلك، لكن هذا لا يعني أن الحكومة لا تتخذ الإجراءات".
وأشار إلى أن "التقرير فيه أكثر من مفصل، وفي مقابلات مع المفتش العام لوزارة الداخلية عقيد الطريحي، أوضح لهم بان الداخلية اتخذت إجراءات بحق 19 ضابطا في قانون الانتهاكات والمخالفات وإحالتهم الى المحاكم"، مضيفا إلى أنهم "لم يطلعوا على التعديلات القانونية، وذكروا في تقريرهم المادة 36 من قانون العقوبات، التي تجيز للوزير إيقاف الإجراءات لبعض الأشخاص المحالين إلى المحاكم ".
وبين أن "هذه المادة تم إلغاؤها في مشروع قانون وأوقف العمل بها منذ سنوات، لكنهم ذكروها في التقرير وتعتبر هذه مغالطة، وعدم دقة"، معربا عن أمله أن "تكون هذه المنظمات عونا للعراق، في تجاوز مشاكله والتركة الثقيلة التي توارثها، أو التي استجدت نتيجة الوضع الصعب".
من جانبه، قال علي شاكر، عضو لجنة حقوق الإنسان النيابية لـ"طريق الشعب"، أمس، إن "الأرقام الواردة في التقرير مبالغ فيها، وأيضا قد تكون التهم الموجهة مشكوك فيها"، معتقدا أن "هذا الموضوع يحتاج إلى جهد قضائي، للابتعاد عن الاعتقال بدون أمر قضائي".
واعترف شاكر، أن "هناك بعض المحتجزات احتجزن على الظن والشبهة أو على أخبار كاذبة غير صحيحة، وتصرف فردي من بعض القيادات واعتماد معلومات غير دقيقة"، مبينا "نحتاج إلى تطهير بعض الأجهزة الأمنية، والعناصر التي لا تريد خيرا للعراق ولا للعملية السياسية".
وعزا بعض التجاوزات في السجون إلى "وجود حالة من الفساد وانعدام المعايير في السجون العراقية"، مردفا "نرفض أي تجاوز يقع على أي سجين أو معتقل، وبالأخص النساء باعتبارنا بلدا محافظا والحفاظ على المرأة من أولى اهتماماته ومن واجباته".
ودعا عضو حقوق الإنسان النيابية، انه "يجب الالتزام بالقانون ولا نعتقل أحدا على أساس الشبه والظن وإنما يجب اعتماد معلومات صحيحة"، موضحا أن "الموضوع يحتاج إلى وعي من القوات الأمنية، وترسيخ مبادئ حقوق الإنسان في المدارس وفي جميع مؤسسات الدولة".
من جهتها، عدت عضو مجلس النواب صفية السهيل ما ورد في تقرير هيومن رايتس ووتش حول أوضاع النساء العراقيات والانتهاكات في السجون العراقية أمر مؤسف ومعيب لعراق ما بعد ٢٠٠٣. وطالبت النائب صفية السهيل، في تصريحات صحفية، الحكومة من خلال وزاراتها (العدل والمرأة وحقوق الإنسان والداخلية) بإجراء تحقيق على وجه السرعة حول ما جاء به تقرير هيومن رايتس ووتش دون تأخير، وعدم الاكتفاء بإصدار بيان ينفي ما ذكره التقرير، مشددة على أهمية أن تتزامن تلك التحقيقات مع تحرك واسع لمحاسبة الجهات المسؤولة عن الانتهاكات لإثبات أنها مرفوضة وغير ممنهجة في عراق ما بعد ٢٠٠٣.
وشددت على ضرورة أن تقوم مؤسسات غير تنفيذية وعلى رأسها لجنة حقوق الإنسان، والمرأة البرلمانية والمفوضية العليا لحقوق الإنسان العراقية ومنظمات المجتمع المدني المختصة، بالتحقيق ومتابعة أوضاع السجينات والمعتقلات.
وأعربت السهيل عن أملها بان يكون الرد المتوقع من مؤسسات الدولة العراقية كافة وأعضائها على تقارير المنظمات الحقوقية الدولية كهذه وغيرها ليس بتصريحات النفي والشجب، إنما بالشروع بالتحقق من صحة ما جاء فيها لمعرفة الحقيقة من جهة والتعامل مع الحاجة بالإصلاحات المطلوبة في إدارة السجون والمعتقلات من جهة أخرى والتأكد من عدم انتهاك حقوق السجناء نساءً ورجالاً.
ونفت وزارة العدل، أمس، المعلومات التي تضمنها تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش، بشأن وجود انتهاك لحقوق النزيلات في سجون دائرة الإصلاح العراقية.
وقال المتحدث باسم الوزارة حيدر السعدي في بيان، اطلعت عليه "طريق الشعب"، إنه يوجد في سجون الوزارة (700) محكومة وقرابة (240) موقوفة، في حين أن تقرير المنظمة أفاد بوجود (4500) سجينة وهذا العدد غير دقيق، مبينا أن النزيلات في سجون الوزارة موزعات على السجون في بغداد والمحافظات.
وأضاف أن هذا التقرير لا ينسجم مع الواقع في كثير من التفاصيل ونجهل المصادر التي اعتمدت عليها المنظمة، مع العلم أن هذه المنظمة قد زارت وزير العدل حسن الشمري، عن طريق مكتبها في بغداد، ووجه الأخير بتقديم التسهيلات اللازمة لها لإعداد تقريرها كتعبير عن مصداقية الوزارة في التعامل والتعاون مع المنظمات الإنسانية العالمية.
وأوضح السعدي أن سجون النساء تديرها أطقم نسوية في جميع الاختصاصات بدءا من الإدارة والحارسات الإصلاحيات، ولا يوجد فيها اختلاط مباشر، عدا الأسوار الخارجية والتي تخضع لحماية الأجهزة الأمنية، كما أن النزيلات يتلقين دروسا تأهيلية وإرشادية تقدمها نسوة ضمن الاختصاص المهني والوعظ الديني والبحث الاجتماعي.
وأشار الى أن جهل بعض الجهات بآلية إدارة السجون لا يعني التغاضي عن وضع الأمور في نصابها الحقيقي، إذ أن دائرة الإصلاح العراقية تعمل وفقا لاستراتيجية تضمن تطبيق أدق تفاصيل معايير حقوق الإنسان الدولية، وصولا لتنفيذ برامج تأهيل النزلاء في الجوانب النفسية والمهنية والتربوية، نافياً المعلومات التي أوردها التقرير بشأن وجود انتهاكات لحقوق النزيلات في سجون وزارة العدل.
ولفت إلى أن الخلل في البنى التحتية لسجون الوزارة متوارثة والعمل جار حاليا على تلافيه، عن طريق بناء سجون حديثة خصصت فيها أقسام للنساء تتطابق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.