مجتمع مدني

في عيد الحب.. وردة حمراء لزوجة الشهيد / سهاد ناجي

كثيرا ما صادفني هذه الأيام حكايات عن استعدادات الناس للاحتفال بعيد الحب،فهم يتبادلون الهدايا والورود الحمراء فيما بينهم تعبيرا عن صدق مشاعرهم تجاه بعضهم البعض، والذي يتزامن مع ذكرى يوم الشهيد الشيوعي العراقي، ربما القارئ يتساءل عن مدى التقارب بين المناسبتين.. بين عيد الحب والاستشهاد بين الموت والحياة، لكنهما واحد!
في يوم 18 كانون الثاني عام 1947 اعتقل مؤسس الحزب الشيوعي العراقي الرفيق الخالد فهد مع رفيقيه حازم وصارم من قبل الحكومة الرجعية الملكية. وفي 24 من الشهر السادس عام 1947 تم الحكم عليه بالإعدام، ثم خفف الحكم الى المؤبد بسبب الاحتجاجات العالميةانذاك، وتم نقله الى سجن بغداد المركزي، وبعدها الى سجن الكوت الذي حوله الرفيق الخالد الى مدرسة ثقافية فكرية وثورية، لكن بعد ان تشكلت حكومة نوري السعيد جرت محاكمة الرفيق فهد ورفاقه مرة اخرى، فحكمت المحكمة عليهم بالإعدام، ونفذ الحكم قبل إعلانه وذلك في الساعة الرابعة والنصف من فجر يوم 14 شباط 1949.
كان ظن القوى الرجعية باعتقال واعدام الرفيق فهد،انها ستدق المسمار الاخير في نعش الشيوعية، لكن أوهامها تبددت حين نهض طائر الفينيق من جديد معلنا بداية عام جديد وحياة جديدة، لأجيال بعد اجيال تحمل لواء الحزب ممن ساروا على دربه المعمد بدماء شهدائه. وتمجيدا واجلالا من رفاق الحزب لشهدائه عد ذلك اليوم "يوم الشهيد الشيوعي".
فالاستشهاد في سبيل حياة حرة كريمة يعيشها العمال والفلاحون وشغيلة الفكر واليد، وتسودها العدالة الاجتماعية بعيدا عن الاضطهاد والاستغلال، حب وتضحية. فلغة الشهادة لا يعرفها غير عاشقي الوطن الحر والشعب السعيد.
ويكمن وراء ذلك العشق الكبير امرأة عظيمة ساندت ودعمت رفيقها بوعي او دون وعي من اجل تحقيق الهدف المنشود. حب لا تستطيع خفافيش الرجعية والظلامية انتزاعه رغم ممارسات العنف والتنكيل والسجن والقتل التي مورست ضدها كي تنكث عهدها معه. قد يكون "هو" عشق الاستشهاد من اجل المبادئ السامية، كما عشق اعواد المشانق التقدميون والوطنيون امثاله، لكنها "هي" عشقت عهدها له بمواصلة المسيرة فنذرت نفسها لتكمل مشواره من بعده، وان تنتهج فكره النير لتبدد ظلام الاستبداد. وترسم لوحة الحب الخالد واغنية العشق التي لم تنته بعد الاستشهاد.
فلنقدم وردة حمراء لكل شهيد ووردة حب لكل ام وزوجة واخت وبنت شهيد ممن مازلن على العهد.