مجتمع مدني

لتكن الذكرى المشؤومة منطلقاً نحو دولة القانون / نعمة الآغا

بعد إنتصار ثورة 14 تموز 1958 المجيدة، وتكشف آمال وتطلعات شعبنا الأبي، في بناء عراق يضمن الحياة الحرة الكريمة. ثارت قوى الأستعمار في الخارج، وتوج هذه الثورة أحد اعضاء مجلس العموم البريطاني بتصريحه السيئ: «يجب إعادة الحصان الجامح الى حضيرته» وكانت هذه دعوى الى القوى الرجعية في داخل الوطن، والى كل قوى الشر والظلامية والفاشستيين في الدول العربية والمجاورة أن اجمعوا قواكم وتوحدوا لأسقاط هذه الجمهورية الفتية، فخطرها كبير علينا وعليكم جميعاً.
وجاء اليوم المشؤوم يوم 8 شباط، وجاءوا بقطارات امريكية، وبوسائل متعددة، ومن جهات مختلفة، واستخدموا كل الوسائل الشيطانية، وكل طرق القتلة الفاشست، وإغتالوا ثورة 14 تموز 1958 المجيدة وصفوا ومثلوا بقادتها الأبطال، وارتكبوا أعتى الجرائم من قتل وارهاب، واعدامات واعتقالات، وهتك الاعراض.. لقد بدأوا بالشيوعيين وانصارهم ومؤيديهم وجعلوهم الضحية الأولى. ثم امتدت جرائمهم لتشمل جميع ابناء الشعب، ولم يسلم احد، الا الذين تظاهروا بأنهم منهم. وبالطبع فأن نصيب رفاقنا وزملائنا ومؤيدينا من شغيلة التعليم ممن نالهم القتل والاعدام والسجن والفصل والتشرد كبير بحيث بقيت بعض المدارس تفتقر الى الملاكات الدائمة. اضافة لذلك عكروا التعليم وسّيوه، واوقفوا القبول في معاهد المعلمين بالرغم من أن التعليم كان بحاجة انذاك الى اكثر من عشرة الاف معلم.
لقد ركزوا على مصالحهم السياسية دون أي اعتبار لمصلحة التعليم- كما انهم هجروا الطلبة الجامعيين الذين يسكنون في الأقسام الداخلية، وتركوها فارغة، وهدموا بعضها، ولم يفكروا بتطوير التعليم ولم يلتفتوا الى قيمة العملية التربوية والديمقراطية، وبعّثوا التعليم، وكان شعارهم المركزي فيه «الطلبة مشروع دائم للأستشهاد» و»نكسب الشباب لنضمن المستقبل».
ويمكننا القول ان نسبة كبيرة مما يعانيه التعليم من تخلف الآن تعود الى سياسة حزب البعث في التعليم انذاك. ومن أجل أن نجنب شعبنا المآسي، التي تجرعها في انقلاب 8 شباط الدموي الاسود، وان تنجح محاولات القوى الخيرة في بناء دولة القانون والمؤسسات، علينا القيام بما يلي:
أولاً:- استيعاب التجربة المريرة، والعمل كقوى سياسية فاعلة، لتشكيل سد منيع دون تكرار شباط الأسود. والوقوف بحزم بوجه محاولات التفرد بالسلطة من ناحية، ومن الناحية الثانية العمل بكل الوسائل الممكنة، للتخلص من المحاصصة الطائفية المقيتة التي كانت مصدراً للأزمات الخانقة، التي جلبت لنا الويلات والمحن خلال العشر سنوات الماضية.
ثانياً:- تحشيد القوى الوطنية والديمقراطية، والعمل الجاد والحثيث لبناء دولة القانون والمؤسسات، واحترام ارادة الشعب وحرياته، والتصدي للأرهاب ولسراق اموال الشعب.
ثالثاً:- وكمعلمين علينا حسم هذه المسألة بالمشاركة الفاعلة في الأنتخابات النيابية وأستخدام ثقلنا ومكانتنا في اسر طلبتنا ومجتمعاتنا، لخير شعبنا ووطننا.