مجتمع مدني

قانون التقاعد الموحد رقم 9 لسنة 2014 (الايجابيات والسلبيات)* / مهدي العيسى*

بعد معاناة مريرة ونضال دؤوب خاضته الجمعية العراقية للمتقاعدين من أجل منح الاستحقاقات القانونية للمتقاعدين وخاصة للمحالين الى التقاعد قبل صدور قانون التقاعد الموحد رقم 27 لسنة 2006 المعدل، والذين أطلقت عليهم تسمية (المتقاعدين القدامى) وهي التسمية التي تقاطعت مع المادة 14 من الدستور بسبب التمييز بين متقاعد قديم وآخر جديد.. وتنوع هذا النضال بين إقامة التظاهرات السلمية في بغداد وفروع الجمعية في المحافظات العراقية وبين الضغط من خلال وسائل الإعلام ومواصلة هذا الضغط دون انقطاع، الامر الذي اضطر النواب للتصويت عليه. وكما هو معلوم أرسل القانون الى رئاسة الجمهورية لغرض المصادقة عليه. وهذه المصادقة لا تعطي لرئاسة الجمهورية الحق ان تنقض القانون او تعيده الى مجلس النواب، بما يعني انها مصادقة شكلية، الامر الذي يفرض بموجب السياقات القانونية ان تمضي مدة 15 يوماً من تاريخ وصوله الى رئاسة الجمهورية، ويعتبر القانون بعد انقضائها مصادقا عليه. وبتاريخ 7 آذار أرسل الى جريدة الوقائع العراقية وبتاريخ 10 منه نشر القانون في عددها المرقم 4314. علما ان هذا القانون يحمل الرقم 9 لسنة 2014 .
ومثلما هو معروف فان القانون السابق رقم 27 لسنة 2006 وتعديله الاول الجائر رقم 69 لسنة 2007 وبسبب التمييز كما ذكرت، كان المتقاعدون المحالون قبل 17 حزيران 2006 غير مشمولين به أي أنهم يستلمون مبالغ أشبه بالمنح تصرف من الموازنة وتقل كثيراً عن أقرانهم المشمولين بالقانون، وخاصةً للمحالين بعد عام 2008. هذا الامر في غاية الخطورة وهو سلاح ذو حدين، المقلق فيه انه لو حصل ان هبطت أسعار النفط كما حدث قبل اكثر من خمسة أعوام واستمر ذلك، فان المتقاعدين القدامى سيكونون خارج الحسابات، لأنهم غير مشمولين بالقانون. ولذلك فأن القانون الجديد ألغى هذه التسمية وشمل الجميع به دون تمييز. ومن ضمن الايجابيات الاخرى تخفيف الشرط الذي ينص على عدم استحقاق الأخت للراتب التقاعدي الا اذا كان والداها متوفيين قبل وفاة أخيها. كذلك الشهداء بالنسبة للزوج والأب كان يجب ان يبلغ سن 63 سنة من العمر ويكون عاجزاً عجزا كليا عن تحصيل رزقه. والآن خففت هيأة التقاعد الوطنية هذه الشروط.
النقطة الاخرى هي المساواة في احتساب الراتب التقاعدي بما يتناسب والظرف الحالي. وهناك ايجابيات اخرى للقانون منها احتساب مخصصات غلاء المعيشة وفق أعوام الخدمة، كذلك زيادة الرواتب التقاعدية كلما زادت نسبة التضخم لغرض المحافظة على القوة الشرائية للنقد. إضافة الى احتساب مخصصات الشهادة الدراسية.
ومثلما للقانون ايجابيات فقد اشرنا عدة سلبيات، ومن أهم تلك السلبيات تسكين المتقاعدين القدامى في المرتبة الاولى الأقل من الدرجة الوظيفية التي أحيلوا بموجبها الى التقاعد وهي المرحلة الأقل من مراحل الدرجة نفسها. ومن المثالب الاخرى التي تم رصدها في القانون، عدم احتساب المخصصات العائلية وهي حق مكتسب في قانون التقاعد السابق رقم 33 لسنة 1966 وقانون التقاعد العسكري رقم 1 لسنة 1975 وقانون قوى الأمن الداخلي رقم 1 لسنة 1978 رغم ان القانون 27 لسنة 2006 قد نص في إحدى فقراته على عبارة (احتفاظ المتقاعدين السابقين بالحقوق المكتسبة) ومن النقاط السلبية إقحام المادتين 37 و38 في القانون من قبل البرلمان، والتي شكلت تحدياً للارادة الشعبية، إضافة الى ذلك عاد المشرع للتمييز ثانية من خلال احتساب الراتب التقاعدي لشرائح محدودة من المجتمع على أساس الراتب الكلي اعني بذلك الراتب الاسمي زائدا المخصصات، في حين تم الاحتساب للآخرين على أساس الراتب الكلي.
النقطة الاخرى هي استثناء الاعدادية من مخصصات الشهادة وفي الوقت نفسه فأن احتساب نسبة مخصصات الشهادة جاء بشكل كيفي. ففي الوقت الذي احتسب لحملة الدكتوراه في الخدمة الجامعية والقضائية 80 بالمئة من أصل 100بالمئة نجدها احتسبت لأقرانهم في الوزارات الاخرى 20بالمئة من أصل 100بالمئة وكذا الحال بالنسبة للماجستير 15بالمئة من أصل 60بالمئة والبكالوريوس 10بالمئة من أصل 45بالمئة والدبلوم 5بالمئة من أصل 35بالمئة ..إضافة لذلك فقد خفضت نسبة العجز للمعاقين والمحالين لاسباب صحية عما نص عليه قانون الخدمة والتقاعد العسكري رقم 3 لسنة 2010 المعدل، حيث خفضت نسبة العجز التام من 100بالمئة الى 35بالمئة اما العجز الجزئي فقد رفع حده الأدنى للاستحقاق من 60بالمئة الى 65بالمئة وتحسب فقط 35بالمئة من نسبة العجز المثبتة .
هذه المثالب كثيرة وخطيرة وتعني مصادرة لقسم من استحقاقات المتقاعدين، إضافة الى معالجة مادتين شكلتا استفزازا لمشاعر المواطنين وعدم الاستجابة لنداء المرجعيات الدينية ولذلك لا بد من إجراء التعديل الاول عليه ولكن بعد تنفيذ القانون .
وحال نشر القانون في الجريدة الرسمية شرعت هيئة التقاعد مستنفرة كل كوادرها في تنفيذ القانون، حتى انها استغلت العطل الرسمية واعتبرتها دواما رسميا لها لانجاز الهدف، ومن المتوقع ان يتم صرف رواتب المدنيين نهاية الشهر الحالي.
وأشر القانون احتساب الفترة من 6 أشهر فما فوق سنة كاملة بعدما كانت لم تحتسب سابقا.
ويتم احتساب الراتب التقاعدي للذين أحيلوا قبل 2008 على أساس قانون رواتب ومخصصات موظفي الدولة رقم 22 لسنة 2008، فإذا كان 400ألف دينار فما فوق تضاف له مخصصات غلاء المعيشة بمعدل 1بالمئة عن كل سنة خدمة تقاعدية ثم تضاف إليه مخصصات الشهادة اذا كان مشمولا بها ومخصصات نسبة العجز للمعاقين والمحالين الى التقاعد لأسباب صحية والناتج الكلي هو الراتب التقاعدي النهائي اما بالنسبة للذين أحيلوا الى التقاعد وقت نفاذ القانون او الذين سيحالون لاحقا الى التقاعد، فسيكون ذلك على أساس معدل الراتب للسنوات الثلاث الاخيرة مضروبا في النسبة التراكمية وتضاف له المخصصات التي ذكرناها أعلاه.
ــــــــــــــــــــــ
رئيس الجمعية العراقية للمتقاعدين