مجتمع مدني

نجمة هلت بسماي.. بعيدچ يا يمة / سهاد ناجي

حين سال عمر جدته ام جلاء (ام الشهداء) بعد التغيير ووقت محاكمة جلادي أولادها «جميلة، وصال إبراهيم، بشرى شلال» عما تريده منهم.. وماذا ستطلب من القاضي؟ إجابته بكل ما حملته الأمهات من طيبة ومحبة وصدق ووفاء: لست مجرمة لاقتص منهم، الا أنني اطلب منهم إرجاع فلذات كبدي، فقد اختطفوهم دون رجعة و لا رحمة بي وبهم وأعطوني بدلا عنهم براعم صغار (في إشارة الى اولاد بناتها الذين ربتهم هي لوحدها بعد إعدامهم ) علهم يستطيعوا إرجاع الماضي.
اما ام كفاح فقد نذرت نفسها حين علمت بنبأ اغتيال زوجها على يد خفافيش الظلام بعد 2003، لتكمل مسيرته النضالية وذلك بتنشئة ولدهما الوحيد وتربيته على نهج ابيه ، حتى يحمل مشعل الحرية بدلا عنه، زهدت بالدنيا وما فيها في سبيل عهد الوفاء الذي قطعته عند قبر رفيق دربها.
فيما ام دريد وام ديار قد انكسرتا حين اقتطع جزء من قلبيهما بعد استشهاد ولديهما من قبل القوى الإرهابية ابان الاحتقان الطائفي عامي 2006-2007، و لولا صبرهما و تحديهما لتلك القوى لانهما مؤمنتان بان الحياة اقوى من الموت و قوى الإرهاب، وواصلتا نضالهما من اجل تحقيق عالم جديد يعيش فيه الابناء بسلام وآمان .
تلك هي المرأة العراقية المعطاءة دون حدود او فواصل، الناهضة من كبوتها، الباسمة رغم الألم والمعاناة , الصابرة ، المتحدية رغم الصعاب، القوية، الصلبة رغم رياح الظلام العاتية ، تلك هي امي وام العراق.
لا تزال أمي قوية رغم الجراح التي لم تندمل بعد، ثائرة تزرع فينا الأمل بغدٍ جديد، بعد كل سنوات القهر والحرمان والاضطهاد والمطاردات والاعتقالات، ما تزال أمي وكل الأمهات تواصل النضال من اجل غد مشرق لكل أجيال المستقبل.
اعتادت أمي مع إطلالة كل صباح ان تعد لنا وجبة الإفطار فنستيقظ على رائحة الشاي المهيل، لنستعد للذهاب الى مدارسنا، و لا زالت أمي ليومنا هذا هي من توقظنا وتجهز الإفطار. لا تزال امي زهرة بستان المحبة والحنان في حياتنا، و رغم اوجاع الزمن الغابر وظلم الجلادين، لا زال عطر الحنان يفوح من محياها، بل اكاد ان اشم طيب الارض في عبقها وشذا الورد من عطفها تلك هي امي، الام العراقية و ام وصال وجميلة و ام كفاح وديار ودريد وفرات ولينا وغيرهن كثيرات.
مع كل اشراقة شمس، أرى أمامي صورة لعنوان ورمز نضال، أراها تشرق فتملأ الكون ضياءً، والسماء صفاء … فتزامن عيدها مع حلول الربيع وتفتح الأزهار، تلازم آذار عنوان الخير والنماء والولادة الجديدة وعيد المرأة وعيد الام والربيع.
ماذا أهديك في عيدك يا من جعلت حياتي مزدهرة بأجمل الأزهار، يا ست الحبايب.. يا تغريدة عصفور العيد ووردة البنفسج في حقل الربيع، يا نجوم ويا سماء وأقمار وكواكب الحياة يا نور وضياء القلب.
لنهب الحياة لواهبة الحياة ونقدم أجمل الأزهار لأحلى وردة ربيع، لنحني أجلالا ونرفع قبعاتنا تحية لك يا أمي وأمهات العراق وبخاصة أمهات مدينة حلبجة، حيث تمر الذكرى الـ 26 على جريمة قصف المدينة الوديعة بالأسلحة الكيمياوية من قبل نظام الطاغية المقبور في 16 اذار .
«أجمل ثلاث نساء في العالم أمي وظلها وانعكاس مرآتها«
جبران خليل جبران