مجتمع مدني

سياسيون وصحفيون كرد يحذرون من تحويل مقتل بديوي إلى "إساءة قومية"

بغداد – طريق الشعبأدان التحالف الكردستاني، أمس الاحد، استشهاد الإعلامي والأكاديمي محمد بديوي، محذرا من تحويل الحادثة الى قضية تسيء للأخوة العربية الكردية، فيما أعلنت وزارة البيشمركة في إقليم كردستان، براءتها من الضابط الذي قتل الإعلامي محمد بديوي، مؤكدة أنه احد منتسبي وزارة الدفاع الاتحادية ولا يرتبط بها، معتبرة استغلال القضية سياسيا "جريمة".

وفي حين استنكر عدد من رؤساء تحرير الصحف في إقليم كردستان، الحادثة، طالبوا بالابتعاد عن الثقافة "البعثية" في بث الشعور "الشوفيني والتعصب والثأر"، مؤكدين ضرورة أن تكون عملية تسليم القاتل فاتحة لتسليم جميع المطلوبين في حوادث قتل الصحفيين ومكافحة الإفلات من العقاب. وحملت قبائل شمر بزعامة عبد الله حميدي عجيل الياور، الحكومة الاتحادية بسبب ما أسمته "تغاضي" الحكومة عن الكثير من التجاوزات التي يقوم بها بعض أفراد الأجهزة الأمنية.
وكان بديوي استشهد صباح السبت برصاص ضابط من الفوج الرئاسي في منطقة الجادرية وسط العاصمة بغداد بعد مشادة كلامية بينهما. وقال فؤاد معصوم، رئيس كتلة التحالف الكردستاني في بيان صحفي تعقيبا على الحادثة، اطلعت عليه "طريق الشعب"، "يستنكر التحالف الكردستاني بشدة إطلاق النار على الصحفي د. محمد بديوي الشمري ما أدى إلى استشهاده، ونرى ان إطلاق النار بهذه الصورة يشكل خرقا للقانون ولضوابط العمل العسكري، كما أنه عمل طائش لا ينبغي بأي حال من الأحوال تحويله إلى قضية تسيء إلى الأخوة العربية الكردية". وأضاف معصوم "إذ ننعى الشهيد الدكتور محمد بديوي الشمري ونتقدم بخالص العزاء لأسرته ومحبيه وعشيرته وطلبته، فإننا في الوقت نفسه نأسف اشد الأسف لمحاولة البعض ركوب موجة السخط على هذا العمل الإجرامي الفردي للتسلق إلى مواقع قيادية طالما طمعوا فيها، وتحويله نحو إثارة العداء ضد الكرد وكردستان".
من جهتها، نعت كتلة التغيير، أمس، في بيان، اطلعت عليه "طريق الشعب"، قائلة انه "ببالغ الحزن والأسى تلقينا نبأ استشهاد الدكتور محمد بديوي بإطلاق النار عليه من قبل احد ضباط الفوج الرئاسي في منطقة الكرادة، وسط بغداد"، مبدية إدانتها لـ"هذا الحادث المؤلم وغيره من الحوادث التي يسفك فيها دم العراقيين الأبرياء بشكل يومي". وحذرت من "استغلال بعض الجهات السياسية هذه القضية لتحريف مسارها من خلال إثارة النعرات القومية والطائفية لأغراض سياسية وانتخابية".
ودعت كتلة التغيير، الشعب العراقي الى "عدم الانجرار والانخداع بهذه الأساليب المكشوفة والرخيصة"، مشددة على "أهمية التعامل مع القضية كأية قضية جنائية لكي تأخذ العدالة مجراها الطبيعي".
ولاقى حادث مقتل بديوي استنكارات رسمية وإعلامية واسعة، فيما قررت عشرات الصحف المحلية الاحتجاب عن الصدور أمس الأحد احتجاجاً على ذلك.
من طرفه، بين الأمين العام للوزارة الفريق جبار ياور، في تصريح صحفي اطلعت عليه "طريق الشعب"، إن "القوة الموجودة في المنطقة الخاصة التي تحمي القصور الرئاسية لرئاسة الجمهورية ومنزل الرئيس جلال طالباني مكونة من لواءين خاصين بالحرس الجمهوري، تابعين من الناحية الإدارية والعسكرية والعملياتية والقانونية لوزارة الدفاع المركزية منذ تسع سنوات"، مبينا أن "هذين اللواءين ليس لديهما اي ارتباط بوزارة البيشمركة" في إقليم كردستان.
وأعرب ياور عن أسفه "لحادث مقتل محمد بديوي"، مشيرا إلى أن "هذا العمل شنيع وفردي وليس من قبل لواء بكامله"، لافتا إلى أن "الجاني سلم بعد خمس ساعات، وهناك حوادث عديدة في العراق ولغاية الآن يتواجد المجرمون ولم يقبض عليهم".
وحذر ياور من "استغلال الحادث بصورة سياسية، من خلال التصريحات غير المسؤولة من السياسيين والإعلاميين الذي يبثون كلاما غير مقبول في هذا الوقت لدفع الناس ضد قوات البيشمركة وللتفرقة بين الكرد والعرب".
وشدد ياور على "ضرورة شكر مكتب رئيس الجمهورية جلال طالباني واللواءين اللذين سلما المتهم بصورة سريعة"، لافتا إلى أن "المشكلة الكبرى هي تطويق مقر رئيس الجمهورية والقصور الرئاسية على خلفية حادث صغير عرضي". الى ذلك، قال عدد من رؤساء تحرير الصحف الأهلية في كُردستان في بيان مشترك صدر، أمس، واطلعت عليه "طريق الشعب"، "نحن المجتمعون في مكتب السليمانية لمركز ميترو للدفاع عن حقوق الصحفيين، رؤساء تحرير الصحف الأهلية، صحيفة هاولاتي، آوينة ومجلة لفين، نعلن عن إدانتنا الشديدة لجريمة قتل الصحفي محمد بديوي بيد احد ضباط الفوج الرئاسي، وسط بغداد"، مطالبين "الأسرة الصحفية العراقية بالتصدي لكل الأصوات التي تبغي تحويل الحادث الى منصة لبث روح الشوفينية والثأر والتعصب الأعمى". وأضافوا أن "مقتل الصحفي محمد بديوي جريمة مشهودة وعلى القضاء العراقي ان يأخذ دوره في التحقيق بالحادث وإصدار قراره باستقلالية وحياد"، لافتا الى أهمية "أن تكون عملية تسليم القاتل فاتحة لتسليم جميع المطلوبين في حوادث قتل الصحفيين ومكافحة الإفلات من العقاب، وإعادة التحقيق في الجرائم السابقة التي طالت الصحفيين وتقديم القتلة الى العدالة". وحذروا من أن "البعض صور الحادث وكأن مواطنا كرديا قد قتل مواطنا عربيا وليس ضابطا بزي رسمي قتل صحفيا في ظروف غامضة"، مشيرين الى أن "رئيس الوزراء نوري المالكي أبدى همة وسرعة لم نرها بالحضور الى مكان الجريمة والمطالبة بالقصاص، في مئات من جرائم القتل التي طالت الصحفيين وافلت المجرمون من العقاب، مطالبين القضاء العراقي بالقيام بدوره الجدي لتحقيق العدالة". وشيع ذوو الإعلامي محمد بديوي من منزله بمنطقة العزيزية في محافظة واسط صباح أمس، بمشاركة المئات من أهالي المنطقة بحضور رسمي من الحكومة المحلية في المحافظة الى مثواه الاخير في محافظة النجف.
كما شارك العشرات من المواطنين، أمس في تشييع رمزي، فيما نظم العشرات من أساتذة وطلبة الجامعة المستنصرية، وقفة احتجاجية استنكارا لمقتل الإعلامي محمد بديوي وسط بغداد، وفيما حملوا لافتات تندد بالحادث وتدينه.