مجتمع مدني

زينب ترثي جدتها «ام الشهداء» في ذكراها الثانية

ماجدة الجبوري

قبل ايام قرأت منشورا كتبته العزيزة «زينب علي» على صفحة التواصل الاجتماعي تناجي فيه جدتها، والدة أمها «ام ابراهيم» بمناسبة الذكرى الثانية لوفاتها، فوالد ة زينب هي «جميلة محمد الشلال» التي أعدمها النظام الفاشي مع اختها وصال، واخيها ابراهيم، وزوج اختها وفاء، وغيّب فيما بعد الاخت الثالثة بشرى. فتصوروا أي مأساة وأية حياة عاشتها العائلة، و اي ألم وظلم تحمّلته ام ابراهيم، البطلة؟
التقيت بالجدة «أم ابراهيم» قائدة عائلة محمد الشلال، في سجن الرشاد يوم اعدام بناتها وولدها، فقد كنت من ضمن المحكومين بالسجن المؤيد، وعشت مع بناتها حيث تشاركنا الهموم والمعاناة والظلم معا، ولي معهن قصص، لازالت تثقل كاهلي.
ما زلت اتذكر هذه المرأة الشجاعة، يوم اقتادوا بناتها، جميلة و وصال من سجن الرشاد الى ساحة الاعدام في سجن أبي غريب، كما اقتادوا ابنها ابراهيم فلذّة كبدها، وزوج إبنتها وابن اختها، لتنفيذ حكم الاعدام بهم وبنفس اليوم، يوم الاربعاء من عام 1986، كان الوقت صباحا، يوم نادوا، باسمائهنّ، فالمعلوم لنا نحن السجناء ان يوم الاحد، و الاربعاء للاعدام،. وفي ذلك اليوم صرخت ام ابراهيم صرخة مدويّة، احتضنت بناتها، أمسكت أيديهن بقوّة، لعلها كانت تريد ان تخبئهن في حضنها، ان تبعدهن عن الموت، لكن الايدي القاسية الملوّثة بالدماء كانت أقوى، انه يوم لا ينسى ابدا، حين بكى الجميع معها ، فكانت كالمذبوح من الوريد الى الوريد. اقولها للمرّة الالف ايّ ألمٍ تحملته هذه المرأة، وكيف افلتت بناتها من يدها الى مقصلة الموت، اجزم ان صورة بناتها لم تفارقها لحظة. الشهيدة وصال وقفت امام جميع السجينات والجلاّدين وهتفت بأعلى صوتها يسقط صدام حسين، تسقط الدكتاتورية، يعيش الحزب الشيوعي العراقي، كان آخر مشهد هو ضربها بأخمص البندقية على رأسها، وغابت عن الانظار الى الموت. اما امك يا زينب الشهيدة «جميلة « البطلة، ودعتنا جميعا وأوصتنا ان نهتم بك، هي الاخرى وقفت أمام الجميع وأخرجت خاتم زواجها من إصبعها، امسكته بيدها كأنه كنز، و اعطته لخالتك، اوصتها ان يكون من نصيبك حين تكبرين، وذكرى عزيزة من أمك.
يا زينب، انك من يكمل الطريق لأنك امتداد أمك وجدّتك أم الشهداء التي ربتكم وناضلت كي تسعدكم، يكفي انها قاومت سلطة فاشية لا ترحم كبيراً ولا صغيراً، قاومت جلاّدين انعدمت فيهم كل المسميّات والقيم الانسانية، وربّت أطفال قتل النظام آبائهم و امهاتهم بوحشيّة وبربرية، هم زينب، وعمر، ورغد، والبقية من احفادها ، عاشوا اليتم والفقر والجوع.
يا زينب، جدّتك اسطورة عظيمة، ينحني لها الجميع تكريما لمسيرتها الرائعة، وخصالها الطيبة التي زرعتها فيكم، فانتم الباقون، لانكم امتداد لها، وانتم الأمل والمستقبل.
عيشي حياتك، وعيشي الفرح، فلازلت صغيرة، انزعي همومك، وازرعي المسرات لأولادك، لتكون حياتك ابهى .. اقبّلك وأحبك دائما كابنتي.