مجتمع مدني

موقف تأريخي لاتحاد أدباء مصر / محمد سلماوي

موقف تاريخي، ذلك الذي اتخذه اتحاد أدباء مصر بسحب الثقة من رئيس الجمهورية والمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة، وإقالة حكومة هشام قنديل وتشكيل حكومة ائتلافية مؤقتة، ووضع دستور جديد يليق بتاريخ مصر الدستوري يقوم على التوافق والمطالبة بحق الشهداء وبمحاسبة المسؤولين عن إراقة الدماء منذ اندلاع الثورة.
فقد عقد الاتحاد جمعيته العمومية الطارئة يوم الجمعة الماضي بحضور كل قامات مصر الأدبية الكبرى من بهاء طاهر وجمال الغيطاني وإبراهيم عبد المجيد وفتحية العسال وسلوى بكر وإقبال بركة وفؤاد قنديل وحسن طلب ومحمد إبراهيم "أبو سنة" وعبد المنعم تليمة، و وزيرين سابقين للثقافة جابر عصفور وعماد أبوغازي وغيرهم ضمن حشد من أبناء هذا الاتحاد العريق، الذين يمثلون ضمير الأمة وعقلها المفكر، وخلال أقل من ساعة كان الاجتماع قد اعتمد البيان الذي أصدره مجلس الاتحاد حول الأوضاع المتردية التي وصلت إليها البلاد في ظل حكم الإخوان، واتخذ?القرارات سابقة الذكر مستبعداً موضوع وزارة الثقافة والأزمة الحالية الخاصة بوزيرها الجديد ورفض المثقفين له، حيث علا فوق هذا الخلاف ليطالب بتغيير وزارة هشام قنديل برمتها وليتصدى للقضية الأم وهي شرعية النظام ذاته، والتي هي الدافع الرئيس لخروج احتجاجات الجماهير يوم 30/6.
والحقيقة أن الاتحاد في ذلك كان متسقاً مع تاريخه الوطني الذي يؤمن بأن مسؤولية الكاتب تتخطى الإبداع الأدبي لترتبط ارتباطاً عضوياً بالقضايا القومية، وقد جسد الاتحاد هذا المعنى في اجتماعه أمس الأول، فكان أول نقابة مهنية في مصر تتخذ هذا الموقف التاريخي المشهود، والذي يجيء ضمن سلسلة من المواقف الوطنية المجيدة التي تعود للسنوات الأولى لإنشائه حين وقف بوجه سلطة سياسية غاشمة كانت تدفع بكل قوة في طريق التطبيع مع العدو الصهيوني، بعد أن وقعت معه اتفاقية تصوروا أنها تنهي الصراع التاريخي بين العرب وإسرائيل .
لقد كان الاتحاد في مقدمة النقابات التي أصدرت جمعيتها العمومية قراراً بمناهضة كل أشكال التطبيع، وهو القرار الذي مازال الاتحاد ملتزماً به حتى يومنا هذا، وقد تواصل هذا الدور حتى قيام ثورة يناير، التى تبنى الاتحاد جميع مطالبها بعد ساعات قليلة من اندلاعها، وكانت أول نقابة تصدر بيان تأييد لها يوم 26 يناير 2011.إن أدباء وكتاب مصر أعضاء الاتحاد حين يسحبون اليوم الثقة من مرسي ويطالبون بانتخابات جديدة وبوزارة ائتلافية وبدستور يليق بمصر وبحق الشهداء فهم في ذلك يواصلون تاريخهم الوطني المجيد الذي لم ولن ينفصل أبداً عن ?لجماهير التي تتطلع في كل الأزمات إلى ضميرهم الحي وبصيرتهم النافذة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة "المصري اليوم" القاهرية