مجتمع مدني

أطفال بعمر الورد يبحثون عن اللقمة في شوارع ذي قار

وكالات – ذي قار
تتشابه شوارع محافظة ذي قار مع اغلب الشوارع والمدن في البلد بمناظرها المؤلمة المألوفة، اذ تشاهد اطفال بعمر الورد يواجهون يوميا شمس الصيف الحارة الملتهبة التي تحرق وجوههم الصغيرة البريئة، وبطونهم الجائعة لا تقوى على ساعات العمل الطويلة وسط زحام السيارات ما يعرضهم لمخاطر عديدة صحية وامنية وغيرها، مضحين بطفولتهم من اجل توفير لقمة العيش لعوائلهم.
ويكاد لا يخلو تقاطع طريق او مفترق من وجود اطفال لاهثين يسعون لجني رزقهم البسيط والذي لا يكفي لتغطية احتياجاتهم وعوائلهم الفقيرة التي اجبرها الحرمان والعوز على دفع ابنائها الصغار لترك مقاعد الدراسة وخوض غمار العمل في اجواء طقس متقلبة على امل الحصول على النزر القليل من المال لاعانتهم بامور يومهم بدل الاستجداء في ظل تجاهل حكومي لمعاناتهم لانتشالهم من واقع المتدهور واعادتهم الى مقاعد المدرسة.
كانت البداية مع الطفل سجاد الذي لم يبلغ الحادية عشرة من العمر وهو يتجول بين السيارات في تقاطع البهو و يبيع واقيات السيارات، لكنه لم يقِ نفسه من حرارة الشمس، وعند الحديث معه، قال: كنت تلميذا في الرابع الابتدائي وقد تركت المدرسة منذ سنتين لأعيل أسرتي المكونة من ستة أفراد. واضاف "والدي توفي منذ اكثر من سنتين ووالدتي مريضة وأخوتي صغار وانا المعيل الوحيد لهذه العائلة.
اما حمزة.. طفل في الثانية عشرة من العمر، فيقول اعمل عندما تتوقف السيارات في الإشارات المرورية ، حيث اقوم بمسحها واحصل على مبلغ زهيد بالكاد يسد جزءاً بسيطا من قوتنا اليومي. وببين انه يتمنى لو كان حاله كحال اقرأنه في المدرسة لكنة ضحى بكل شيء لاعالة اسرتة.
الناشط المدني علي سامي، يقول: ان للطفل حقوق وواجبات يجب ان تكون مصانة في القانون وعلى الدولة المحافظة عليها. ويضيف: كما يفترض بالدولة وضع القوانين التي تحمي الاطفال من العمل والتشرد، وعليها ان تصون طفولتهم من الضياع، وذلك من خلال تفعيل قانون الحد من ظاهرة عمالة الاطفال واستغلالهم، والتي اخذت تنتشر بشكل كبير في جميع محافظات البلد ومنذ سنوات. وتابع سامي قوله: لا بد ان تقوم الحكومة قبل ذلك بتوفير رواتب للاسر المحتاجة بحيث تكفيهم وتكفي اطفالهم، مبينا ان ظاهرة عمالة الاطفال تعد من اخطر الامور على المجتمع لما يسفر عنها من رفع مستوى الامية ومستوى الجريمة على المدى المتوسط والبعيد، مشيرا في ذات الموضوع الى ان الدولة مطالبة ان تجعل تعليم الاطفال الزاميا في المراحل الابتدائية والمتوسطة وان تضع قوانين صارمة ازاء من يترك المدرسة.
رئيس لجنة التربية والتعليم في مجلس ذي قار شهيد الغالبي يقول: ان ظاهرة عمالة الاطفال والتسول من الظواهر السلبية التي اخذت تنتشر هذه الايام حيث نعتقد ان هناك بعض العصابات تتولى عملية استغلال الاطفال في التسول، ما يتوجب على الجهات المعنية تطويقها لأن مسألة انتشارها تعكس واقعا سلبيا عن المحافظة.
واضاف: نجد الكثير من الاطفال في التقاطعات المرورية اما يمتهنون التسول او يبيعون بعض المواد البسيطة، من اجل الحصول على مبالغ ضئيلة يسدون بها رمق عوائلهم ويوفرون لقمة العيش لأهلهم، وهم في اعمار صغيرة جدا، لكنهم يعلمون في ظروف قاسية وغير طبيعية. واشار الغالبي: ان هذا الوضع انعكس على المستوى العلمي لهؤلاء الاطفال وادى الى تسربهم من المدارس لان ضيق الوضع الاقتصادي والعوز المعاشي ادى بهم الى ترك مقاعد الدراسة واضطرارهم للعمل من اجل اعالة اهلهم.
ولفت رئيس لجنة التربية والتعليم في مجلس المحافظة: الى ان المفروض على الدولة ان تلتفت اليهم بقوانينها وتشريعاتها وان يتبنى مجلس المحافظة الموضوع وان يحد من هذه الظاهرة السلبية من خلال فرض التعليم الالزامي ومحاسبة الاهل في حال تسرب ابنائهم من المدارس والعديد من الإجراءات الاخرى التي من شأنها تطويق الظاهرة والتقليل منها لان هؤلاء الاطفال اذا عملوا في سن مبكرة وامتهنوا مهنة التسول يؤدي ذلك الى خلل في شخصياتهم وبالتالي عدم بنائها بالشكل السليم، ما يؤدي الى انحرافهم ومن الممكن ان يؤدي هذا الانحراف الى امور قد تشجع الى ان يكونوا لقمة سائغة بيد العصابات الارهابية لان الارهاب يحاول ان يوظف كل شيء لصالحة خاصة الاطفال ممن يمكن السيطرة عليهم بسهولة ، علاوة على معاناتنا من حواضن الإرهاب في المناطق الآمنة لذا يجب القضاء عليها بشكل تام.
كلمات بسيطة مؤثرة برر الاطفال الأبرياء الصغار اسباب توجههم للعمل تحت اشعة الشمس الحارقة وبانهم ضحوا بكل شيء من اجل قوت عوائلهم. اجبرتهم ظروف عوائلهم الاقتصادية الصعبة للعمل في مهن قاسية لا تتناسب مع اجسادهم الغضة مقابل مبالغ زهيدة لاعالتهم، وبالتالي يتعرضون لأذى وتعب يؤثر على حالتهم النفسية والصحية على المنظور البعيد والآني.عسى ان تكون هذه الكلمات اجراساً تدق من اجل تحرك الجهات الحكومية للوقوف وقفة جادة لمعالجة مشكلة عمالة الاطفال المنتشرة في عموم البلد بلا استثناء عبر اعادتهم لمقاعد الدراسة، وصرف رواتب اعانة لعوائلهم .