مجتمع مدني

صرخة احتجاج ونداء استغاثة من أهالي ناحية بهرز

صادق محمد عبد الكريم الدبش
تقع مدينة بهرزتقع جنوب بعقوبة عاصمة محافظة ديالى، ويمر من غرب بهرز نهر ديالى الخالد ومن شرقها نهر خريسان الذي يشطرها الى شطرين. وهي تبعد عن بعقوبة بمسافة تقل قليلا عن الخمسة كيلومترات، ويبلغ عدد نفوسها ما يقارب الخمسين ألف نسمة. والسمة المميزة لأهلها في الغالب هي اعمال البستنة، ويعتمد الكثير من أهلها على ما يجنيه من غلال هذه البساتين من فواكه الحمضيات والتمور والفاكهة الصيفية بأنواعها المختلفة، وكانت تعتبر من أجود أنواع الفواكه والتمور وبشكل لافت. وبساتينها من أجمل وأجود البساتين في العراق، وكانت تعتبر من رياض الجنة، ومن دون مبالغة، وسلتها الغذائية كانت تغطي أسواق بغداد والبصرة والموصل على وجه الخصوص.
وكانت أسواق تل محمد في بغداد الجديدة تعج بالبقالين البهارزة وغيرهم من قرى أخرى كالهويدر شفته ومن بعقوبة نفسها، ولكن الفواكه البهرزية كانت حاضرة في هذه الأسواق وبشكل لافت لجودة ووفرة هذه الفواكه، وكانت مئات من العوائل تعتاش على خيرات هذه البساتين الغناء والذي يتباهى بها أصحابها، وهي توازي بمردودها وخيراتها الثروة النفطية أو ربما تزيد عليها عند أهالي بهرز.، فكان يعتاش عليها العامل البسيط من خلال عمله في أعمال مختلفة في هذه البساتين سواء في تقليب الأرض السنوي او في تقليم الأشجار وتكريب النخيل، او جني التمر من خلال قطافه وجمعه وتكييسه وإرساله الى الجمعيات التعاونية أو وضعه في عنابر خاصة لذلك. وكان المزارع والملاك لهذه البساتين يبذل جهوداً جبارة ومضنية في رعاية وتنمية وتطوير هذه البساتين وقد دفع المزارعون من عرقهم وجهدهم ومن الأموال التي صرفوها للأبقاء على نضارة وسلامة وجودة هذه الثروة التي لا تقدر بثمن، وكانت البساتين هي الرصيد والضامن لتأمين حياة هذه الأسر والعاملين فيها، والتي أصبحت اليوم وللأسف أثراً بعد عين.
أن مدراء الوحدات الأدارية يعرفون هذه الحقيقة، ويدركها القاصي والداني من المسؤولين في المحافظة. فمدير الناحية بصفته وشخصه واعضاء المجلس البلدي بصفتهم وشخوصهم، كذلك القائممقام ومجلسه البلدي والمحافظ ومجلس المحافظة ومدير شرطة بهرز وقائد عمليات ديالى والقوى الأمنية كلهم يعرفون وبكل التفاصيل وبدقة ما تشكله هذه البساتين لأهلها ولأصحابها والعاملين فيها لأنهم متعايشون في هذه المنطقة ومع أهلها، وحتى أعضاء مجلس النواب المنتخبون عن محافظة ديالى بمن فيهم السيد رئيس مجلس النواب، والذي هو من ديالى ويعرف عن قرب معاناة هؤلاء الذين لا يريد احد أن يسمعهم، أو يصغي لاستغاثاتهم المتكررة.
أنا أسأل هؤلاء السادة وغيرهم من الذين يديرون هذه الوحدات الأدارية، والذين هم بحكم وظائفهم مسؤولون مسؤولية مباشرة عن السهر على كل مفاصل الحياة، وعن أهل المنطقة، وعن ممتلكاتهم وأمنهم وسلامتهم.
اسأل كلاً منهم إن كان عاجزا عن أداء مهامه على الوجه الأكمل، فما هو مبرر إستمراره في وظيفته؟ عليه تقديم الأستقالة والسماح لمن هو أقدر وأجدر في تلبية حاجات الناس ومتطلباتهم، علماً ان ذلك من صلب مسؤولياته وواجباته... وقد تولى منصبه بناء على موافقته الضمنية والقانونية، ولهذا السبب تم تكليفه حسب الأنظمة المعمول بها ووفق الدستور والقانون، وصار يتقاضى راتبه ومخصصاته مقابل القيام بخدمته هذه. فعمله هذا هو تكليف وليس تشريف أبدا.
أنا هنا أخاطب المسؤولين الذين ذكرتهم، أن هذه البساتين آلت الى الهلاك نتيجة منع أصحابها والعاملين فيها من الذهاب للعناية ببساتينهم وسقايتها والسهر على خدمتها ومنذ أشهر وبشكل تعسفي وغير مسؤول !! مع تهديد من يدخل هذه البساتين أو التقرب منها باحتمال ان يواجه القتل. ونتيجة للحرارة الشديدة طيلة هذا الصيف وعدم سقيها فقد ماتت هذه البساتين بأشجارها ونخيلها، وقد حكمتم أيها السادة على أصحابها بالجوع والموت البطيء.
والسؤال هنا...من يتحمل نتائج الكارثة التي تعرضت لها هذه البساتين، ومن الذي سيعوض أصحابها عن الأضرار الفادحة التي لحقت بهم، ومن سيحاسب من ساهم في ذلك بشكل متعمد أو نتيجة عدم شعوره بمسؤوليته القانونية والأخلاقية؟ وما هو الجهد والوقت الذي نحتاجه لأعادة الحياة لهذه البساتين الميتة؟ وما هو حجم الضرر الذي لحق بسلة المحافظة الغذائية، والذي أدى الى أستيراد كل أنواع الفواكه والخضارمن الدول المجاورة، بدلاً عن أن يكون العراق مصدرا لها..الى دول الخليج والعالم؟ وخاصة التمور والحمضيات.
ان على السلطات الثلاث النهوض بمهامها ومسؤوليتها بالتحقيق فورا في هذه الكارثة ومحاسبة كل من تسبب فيها وإحالته الى القضاء، وتعويض أصحاب البساتين عن كل الخسائر التي لحقت بهم وبشكل شفاف وعادل ومنصف، وتمكينهم من إعادة الحياة لهذه الرياض الخصبة، وإعادة البسمة والحياة لأصحابها والعاملين فيها.