مجتمع مدني

التعليم حق للجميع دون تمييز، كان وهماً وتحقق دوليا / انتصار الميالي

قبل اقل من ربع قرن فقط، اعتبر التعليم حقاً أساسياً من حقوق الإنسان، فهو حق للجميع وغير قابل ‏للتصرف، بصرف النظر عن الجنس أو الدين أو العرق أو الوضع الاقتصادي.‏
وبعد إن كان هذا الحق حلماً قد لا يتحقق، وفكرة لا يمكن تحقيقها، عقد المجتمع الدولي في عام 1990 اجتماعاً في جومتيان/ تايلند، ليؤكد التزامه بنشر التعليم وجاء ذلك في ‏المؤتمر العالمي المعني بتوفير التعليم للجميع، لتتمخض عنه مبادرة "توفير التعليم ‏للجميع"، بالتزام ائتلاف واسع يضم الحكومات، والمنظمات غير الحكومية، ووكالات التنمية، بستة أهداف ‏ترمي إلى توفير التعليم "لجميع المواطنين في جميع المجتمعات" وهي:‏
1- توسيع وتحسين الرعاية في مرحلة الطفولة المبكرة، والتعليم، وخاصة للأطفال الأكثر ضعفا.
2- ‎كفالة أن يتمكن جميع الأطفال بحلول عام 2015 من الفتيات‏‎ والمحرومين، من الحصول ‏على تعليم ابتدائي مجاني وإلزامي ذي نوعية جيدة.
3- القضاء على التفاوت بين الجنسين في التعليم الابتدائي والثانوي‎ ‎بحلول عام 2005، وتحقيق ‏المساواة بين الجنسين في التعليم بحلول عام 2015.
4- كفالة تلبية الاحتياجات التعليمية لجميع الشباب والكبار، من خلال الحصول على التعليم بالشكل المتساوي ‏، وتنفيذ برامج المهارات الحياتية.
5- تحسين مستويات محو أمية الكبار بنسبة 50 بالمائة ، بحلول‎ ‎عام 2015، وخاصة في صفوف ‏النساء، وتوفير تكافؤ الفرص للحصول على التعليم الأساسي والتعليم المستمر للكبار.
6- تحسين جميع جوانب نوعية التعليم وضمان تفوق نوعيته.‏
ويكمن وراء هذه الأهداف، الإدراك بأن الحصول على التعليم وحده لا يكفي، إذ إن نوعية التعليم ومدته، ‏يتمتعان بنفس القدر من الأهمية.
وفي كثير من البلدان النامية، يصل أقل من 60 بالمائة من تلاميذ ‏المدارس الابتدائية الذين يلتحقون بالصف الأول إلى الصف الأخير من التعليم المدرسي، الهدف ليس ‏في التحاق الأطفال بالمدرسة فقط، بل إكمال الدراسة، وإدخال قيم ومبادئ حقوق ‏الإنسان، القوة الموجهة في الفصول الدراسية.‏ ‏‎
ويفترض جدول أعمال توفير التعليم للجميع أن تتمكن السياسات من إحداث تحول جذري في نظم التعليم ‏وعلاقته بالمجتمع إذا ما مُنح الإرادة السياسية والموارد الكافية، وأن تؤكد السياسات الوطنية على عدم ‏الإقصاء، ومحو الأمية، والجودة، وتنمية القدرات.‏ ‏‎
في عام 2000، وبأهداف بعيدة كل البعد عن التحقق، اعتمد 164 بلداً حضر المنتدى العالمي للتعليم في ‏داكار السنغال، إطار عمل داكار، الذي أكد مجدداً الهدف من توفير التعليم للجميع، المتمثل في تحقيق التعليم ‏الأساسي الجيد للجميع بحلول عام 2015، مع التركيز بشكل خاص على تعليم الفتيات.
وفي وقت لاحق ‏من ذلك العام، أدرج هدفان من أهداف توفير التعليم للجميع في الأهداف الإنمائية للألفية لتحقيق التعليم ‏الابتدائي للجميع، وتعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة.
وفي الواقع، تعتبر أهداف توفير التعليم للجميع في غاية الأهمية من أجل تحقيق جميع الأهداف الإنمائية ‏للألفية، إذ باستطاعة التعليم أن يحسّن الصحة، ويزيد من الاستدامة البيئية، ويساعد على القضاء على الفقر ‏والجوع.
وفي المقابل، فإن تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية سيساعد الأطفال على الاستفادة من الحصول ‏على التعليم ذي النوعية الجيدة.‏
وبوصفها واحدة من الجهات الخمس التي عقدت اجتماع توفير التعليم للجميع، ساهمت "يونيسف" بشكل ‏رئيس في توفير التعليم للجميع، والتعليم في حالات الطوارئ، ودعم رعاية الطفولة المبكرة، وتقديم الدعم ‏التقني ودعم السياسات.‏ ‏‎
ويتطلب تحقيق التعليم للجميع التزاماً عالمياً حقاً، ويجب أن تعمل الحكومات والمجتمع المدني ووكالات ‏التنمية ووسائل الإعلام معاً من أجل مساعدة جميع الأطفال، في جميع البلدان في العالم، لتحقيق حقهم غير ‏القابل للتصرف في التعليم الجيد‎.‎