مجتمع مدني

الى السيد وزير التربية.. مقترحات ودعوات ومطالب / سلام السوداني

ولجنا القرن الحادي والعشرين الذي يتميز بالانفجار المعرفي الكبير، وتطور العلوم في مجالاتها المختلفة، النفسية والتربوية بشكل خاص، التي تحث على تنمية الفرد والاهتمام به من جميع النواحي الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية، وفي ضوء هذا التطور السريع اصبح لزاماً على المعلم ان يتطور، فلم يعد دوره ناقلاً للمعرفة، بل لا بد من اعداده علميا وثقافيا ومهنياً. ومع تفجر المعرفة تعددت المهارات والادوار التي يجب على المعلم ان يلم بها، فالتدريس خبرة حيوية، ومهنة تتربع على قمة هرم المهن الأخرى، لانها تستند الى دعامتين اساسيتين وهما الفطرة ثم التعلم والصفة.
وتعني الفطرة ان على الفرد الذي ينوي ان يكون معلماً، الاتصاف بصفات معينة، منها قوة الشخصية والنطق الصحيح وحضور البديهة والعطف والصبر. اما الدعامة الثانية فتعني انه لا بد من إلمام المعلم بالمادة العلمية المتخصص بها، وبمهارات التدريس المختلفة، ولا يتحقق ذلك الا عن طريق الدراسة في الكليات والجامعات وعبر التعليم المستمر والتعليم الذاتي، وهذا غير موجود لدى العديد من المعلمين. فقد نقل الكثير من المعلمين مشكلاتهم الحياتية الى داخل الصف، ما انعكس سلباً على تلاميذهم الذين انخفض مستواهم العلمي مع تراكم الظروف الصعبة التي مرت على العراق الجريح.
لقد ولج المجال التربوي المهني الكثير من المعلمين ممن ليس لديهم الرغبة في التعليم، وذلك لاعتبارات وظيفية الغرض منها الحصول على الراتب نهاية كل شهر، وولجه ايضا العديد من المعلمين من مستويات علمية متدنية في ظل النظام السابق باعتبار ان هذه الوظيفة سهلة وغير متعبة ويتمتع المعلم فيها بعطلة طويلة وايام عطل متعددة، ما أثر على البنية العلمية للقاعدة التعليمية طيلة هذه السنوات التي مرت. وبما انك استوزرت الوزارة ضمن التشكيلة الجديدة للحكومة بعد طلب التغيير من الشعب الذي أمنك على هذه الوزارة المهمة جداً، والتي اردنا ان تكون بعيدة عن المحاصصة الطائفية والاثنية والسياسية، باعتبار ان مستقبل اجيالنا بيدها، وان نتاجها سيرى النور بعد عشرين سنة، وحسب ما معروف عنك انك يا سيادة الوزير من السلك التعليمي، فلا بد من اجراءات فعّالة في هذه الوزارة:
* معالجة الفساد الاداري والمالي المستشري في وزارة التربية وتفعيل دور المفتش فيها ومراجعة ملفاتها وصرفياتها السابقة بنوع من الدقة وبعيدا عن المحاباة، وان ينتقل عمل المفتش وهيآته الى داخل المديريات والمدارس بزيارات مفاجئة.
* ان لا يكون الوزير حبيس الغرف ويدير الوزارة من هناك، فلا بد من زيارات ميدانية داخل المدارس ومؤسسات التعليم والمديريات العامة للتربية والاطلاع عن كثب على واقع التعليم خلال السنوات المنصرمة.
* ان تراجع ملفات كل المديرين العامين في الوزارة، وفي مديريات التربية، وتضع امامك شعار (الرجل المناسب في المكان المناسب) وان تقيل كل من لا يستطيع ادارة العملية التربوية ومخرجاتها.
* ان تولي اهتماما خاصا للاشراف التربوي، لانه المرآة الناصعة التي تستطيع توجيه العملية التربوية وتشرف عليها وتعدل فيها وتضيف وتقترح.
* ان تضع رقابة مشددة على الايفادات الى خارج العراق، لمعرفة مدى مطابقتها وفائدتها للعملية التربوية، وماذا حقق الايفاد من فائدة للعملية التربوية.
* ان تولي اهتماما كبيرا بالمعلم، وان تسعى إلى رفع مستواه المعيشي (دخله)، باعتبارك الممثل عنه داخل مجلس الوزراء، وان تحقق له المكاسب ومنها مطالبه بالقروض والسلف والسكن والعلاج، وتخفيض اسعار تذاكر سفره الى خارج العراق.
* ان تفعل صندوق التربية لمساعدة المرضى من المعلمين والمدرسين، الذين يتطلب علاجهم السفر إلى الخارج.
* ان تنظم وزارة التربية سفرات ترفيهية للمعلمين والمدرسين وعائلاتهم الى خارج الوطن، وان تتحمل الوزارة جزءا من تكاليفها، وذلك لغرض اطلاع المعلمين والمدرسين على ما يدور في العالم من تطورات علمية وتربوية.
* ان لا تتردد باتخاذ القرارات الجريئة في نظام الامتحانات الذي يرضخ تحته التعليم في العراق منذ العهد الملكي ولحد الان، وان تعقد مؤتمراً لغرض مناقشة سبل تغيير هذا النظام والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة، سنغافورة ماليزيا، كوريا الجنوبية، اليابان، السويد، بريطانيا، وغيرها.
* الاهتمام الجاد بمديرية المناهج العامة. فهذه المديرية استطاعت عبر هذه السنوات تغيير معظم المناهج الدراسية بنجاح حسب رأي خبراء اليونسكو، وهي كخلية نحل تعمل ليل نهار، ولكنها تحتاج الى دعم معنوي ومادي من قبلكم، وتأسيس مرجعية تربوية تكون داعمة لمديرية المناهج كأن تكون مجلس يجمع الخبراء والاساتذة.
* متابعة وتدقيق عقود الوزارة كافة، والقضاء على المدارس الطينية والمدارس المزدوجة التي تنتشر في ارجاء العراق وذلك من اجل انجاح حملة بناء المدارس وفك الازدواج.
* الاهتمام الجاد باللجنة الدائمة للامتحانات، وضرورة زج الطاقات الشابة والدماء الجديدة فيها، فقد اصابها الترهل وكثرة الاخطاء في مسألة اعداد الاسئلة الوزارية وطباعتها ونقلها وتقييمها، واعتقد ان استبدال كوادرها بكوادر مجربة وقادرة على ادارة دفة الامتحانات، من اولويات عمل وزارتكم .
* اعادة النظر ببعض المناهج الدراسية والغاء او ضغط بعض المواد.
* إيلاء التعليم المسائي والاهلي اهتماماً اكبر، فقد اضحى التعليم المسائي ضعيفاً من حيث التدريس والملاكات، واصبحت اجور المحاضرة الواحدة (1.500) دينار، لذلك فان اغلب هذه المدارس لم تكمل مناهجها بسبب عدم وجود مدرسين اكفاء، فيجب زيادة اجور المحاضرين وجعل المحاضرة الواحدة خمسة الاف دينار. أما بالنسبة للتعليم الأهلي فلا بد من مراقبة اداء المدارس الاهلية وتحديد الاجور الدراسية وتطبيق الضوابط الصارمة عليها من حيث الاشراف والمتابعة وزيادة اجور المدرسين فيها، حيث لا تتعدى اجور المدرس فيها 350 الف دينار بغية تحقيق الارباح الكبيرة، وكذلك يجب تحديد نصاب المدرس في هذه المدارس، لان اكثرها يجلب الخريجين الجدد بغية التقليل من النفقات.
* اعادة النظر باجور المراقبة في الامتحانات الوزارية ومضاعفتها لانها قليلة جدا، نظرا لارتفاع اسعار الحاجيات قياساً مع ما يبذله المراقب طيلة ثلاث ساعات في اليوم في اوقات الحر اللاهب.
* الاهتمام بالفيض والشاغر في المديريات التربوية، لان بعض المدارس مكتظة بالمدرسين والمعلمين، والأخرى تعاني قلة عددهم، وهذا ناتج عن سوء التوزيع فلا بد ان تشكل لجنة وزارية للاشراف على التنقلات وعدم اخضاعها للواسطة والعلاقات الشخصية، حيث تصدر اوامر النقل وبعدها تبدأ الالغاءات، وهذا يحدث بداية كل سنة دراسية مما يؤشر سلبا على العملية التعليمية والتعّلمية.
* شمول المعلمين والمدرسين بالتأمين الصحي، وهذه مسألة مهمة وضرورية للتخفيف عن كاهل هذه الشريحة الواسعة.
* زيادة مخصصات المعلمين والمدرسين في المدارس النائية حصرا من 150 الف دينار الى 300 الف دينار، بغية تشجيع الكادر التدريسي على التوجه الى تلك الاماكن، ولرفع المستوى العلمي.
* حسم موضوع المبلغ المستلم من قبل وزارة الصناعة والمعادن وذلك لتجهيز المختبرات المدرسية بالادوات والعدد اللازمة نظراً لمضي فترة طويلة لم تسلم الاولى فيها مواد مختبرية لوزارة التربية.
* ايلاء التعليم المهني التشجيع والمساندة، وتوجيه الطلبة الناجحين من الصفوف المتوسطة للانخراط فيه، وإعدادهم اعداداً جيداً ليكونوا كوادر وسطية يمكن زجهم في سوق العمل.
وأخيرا.. املنا كبير بان تلقى هذه المطالب اذناً صاغية من قبل سيادتكم.