مجتمع مدني

سياسيون وناشطون ينتقدون قانون الاحزاب: القوى المتنفذة كتبته على "مقاساتها" / مهدي محمد كريم

انتقد سياسيون ونواب، قانون الأحزاب المزمع إقراره في مجلس النواب، وعدّوا أن القوى السياسية كتبت القانون على "مقاساتها"، لافتين النظر إلى أن القانون يحمل اشكاليات وانتهاكات كثيرة وخصوصا فيما يتعلق بحقوق الانسان.
وقال رئيس مجلس النواب، سليم الجبوري، إن قانون الأحزاب المزمع تشريعه يسعى للقضاء على المال السياسي الذي شوّه سمعة الأحزاب السياسية، وفيما رفض ما أسماه بـ"الأحزاب العائلية "، أكد وجود آراء مختلفة بين الكتل السياسية بشأن بعض فقرات القانون.
كما أكد بليغ ابو كلل الناطق الرسمي بأسم المجلس الاسلامي الاعلى، أن الاعتراض على قانون الاحزاب متأتي من أنه كتب بعقلية النظام السابق، كما بين النائب مثال الالوسي ان قانون الاحزاب الحالي سوف يجعل من الاحزاب السياسية موظفين لدى الحكومة كما كان في النظام السابق.
جاء ذلك في الجلسة الحوارية لمناقشة قانون الاحزاب السياسية، التي اقامتها اللجنة القانونية البرلمانية برعاية رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، وبحضور ممثلين عن احزاب سياسية، بينهم الرفيق رائد فهمي نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي (ننشر نص مداخلته في عدد لاحق) وعدد من قادة التيار الديمقراطي، فضلاً عن تشطاء مدنيون وعدد من اعضاء مجلس النواب.
وقال الجبوري في كلمة له خلال الجلسة أمس، إن "من الضروري السعي للقضاء على المال السياسي الذي شوّه الأحزاب السياسية"، متابعاً "اننا لسنا مع الأحزاب السياسية العائلية التي تمثل عوائل تباشر أعمالها بوسط سياسي".
وأكد الجبوري "رفضه للإفراط بكثرة الأحزاب التي يمكن أن تستفيد من حالة انتخابية معينة وتجد المجال المناسب لها لتسمي نفسها بعناوين، لكنها ترمز لفرد أو اثنين أو ثلاثة"، مبيناً، أن تشريع قانون الأحزاب هو فرصة مؤاتية للقضاء على الأحزاب الكثيرة التي تؤسس خلال مراحل معينة".
وتابع رئيس مجلس النواب أن "هناك آراء مختلفة بشأن قانون الأحزاب، فمنهم من يقول ليس من الضروري أن نقيد عمل الأحزاب وإنما نتركه للسياقات والأعراف، ومن يقول، إن التنظيم ضروري"، مشيراً الى "وجود رأي يقول، إن الجهة المعنية بعملية التنظيم هي الجهة التنفيذية ومنهم من يقول، كيف ترتهن سياسات وتوجهات الأحزاب بجهات تنفيذية".
من جهته، بين فوزي البريسم عضو التيار الديمقراطي، ان "قانون الاحزاب المرسل من الحكومة الى البرلمان يحمل اشكاليات وانتهاكات كثيرة وخصوصا فيما يتعلق بحقوق الانسان"، مشيراً إلى ان "صيغة القانون الحالية جاءت ليس لتنظيم العمل السياسي، وانما جاءت لتحمل اجراءات قانونية وعقوبات تتدخل في عمل الاحزاب السياسية".
وقال البريسم أن "في هذا القانون جعلوا الاحزاب السياسية الكبيرة والتي قارعت الديكتاتورية والانظمة الاستبدادية وخصوصا الحزب الشيوعي العراقي وان يكون تحت وصاية دائرة صغيرة في وزارة العدل تسمى دائرة شؤون الاحزاب، وهذا خارج المنطق والسياق في العمل السياسي".
ولفت إلى أن "الحكومة السابقة هي من فصلت هذا القانون حسب مقاسها، ومتطلبات حزبها وغايتها الهيمنة على حكم البلد وفق نظرية ديمقراطية تفرزها صناديق الانتخابات".
وتابع البريسم "نحن الان لدينا حراك واسع، وسوف نضغط لاعادة صياغة القانون من جديد وفق طموحات الشارع السياسي".
بدوره، قال صادق اللبان النائب عن ائتلاف دولة القانون، إن " العوائق التي تضمنها هذا القانون ليست كبيرة جدا ، ومن الضروري ايجاد حلول لها من خلال المناقشات والحوارات وان القانون سوف يمرر بعد اجراء تلك الملاحظات".
ورأى اللبان أن "الاحزاب الكبيرة شرعت القانون حسب المقاسات التي تحتاجها ونتمنى ان يكون لائقا وينهض بالبلد".
وأكد أن "مجلس النواب بإمكانه تغيير الكثير من مضمون القانون"، لافتا النظر إلى ان "النسخة المرسلة من الحكومة الى البرلمان بالامكان تعديل الكثير من فقراتها والخروج بقانون يرضي جميع الاطراف السياسية".
أما بليغ ابو كلل الناطق الرسمي بأسم المجلس الاسلامي الاعلى، فقال أن "اعتراضنا على قانون الاحزاب لانه كتب بعقلية النظام السابق، حيث تم فيه تشكيل هيئة مشرفة على الاحزاب مما يكشف جميع بياناتها تحت اشراف وزارة الداخلية التي سوف تكون المسيطر والمهيمن على جميع تحركات وتصرفات الاحزاب".
ورأى ابو كلل أنه "من الضروري الاستفادة من التجارب العالمية الناجحة والتي اعتمدت قوانين لتسيير الاحزاب داخل اطار دولها بالرغم من التعددية بتنوع تلك الاحزاب".
وعد "قانون الاحزاب الحالي المرسل من الحكومة قانونا غير ناضج وغير مكتمل ولا يملك رؤية حقيقية لعراق بعد عام 2003".
وأكد أن "المجلس الاسلامي لا يقبل تمرير هذا القانون وفق صيغته الحالية، وهناك كتل كبيرة وصغيرة معنا في هذا الاتجاه وسوف ندرسه بشكل معمق في داخل مجلس النواب لنخرج بصيغة ترضي جميع الاطراف السياسية".
فيما قال النائب مثال الالوسي رئيس كتلة التحالف المدني الديمقراطي البرلمانية ، إنه "لا توجد احزاب سياسية بالمنطق الصحيح"، لافتا النظر إلى ان "احزاب الحكومة والاسلامية الطائفية تريد ان تجعل من نفسها مهيمنة وهذه هي فرصتها الوحيدة للسيطرة والهيمنة على المسرح السياسي".
ورأى الالوسي ان "قانون الاحزاب الحالي سوف يجعل من سياسيي الاحزاب السياسية موظفين لدى الحكومة كما كان في النظام السابق".
وأكد ان "دور الاحزاب السياسية هو محاسبة الحكومة والمتخاذلين من السياسيين التنفيذيين في حال تقصيرهم في اداء واجبهم تجاه وطنهم".
وقال الالوسي "سوف لن نسمح لقانون احزاب يخضع لارادة موظف يتأمر أو يقرر ما تفعله احزاب وطنية عريقة وحتى الاحزاب الشابة منها".
وزاد بالقول "نبحث عن التجديد وضرورة ظهور احزاب شابة ويكفي هيمنة احزاب كبيرة لم تقدم للبلد شيئا يذكر، طيلة فترة تسلمها القيادة في الحكومة".
وأفاد الالوسي بأن "التحالف المدني الديمقراطي يعمل على تهيئة حملة اعلامية سياسية تربوية برلمانية من اجل عدم تمرير قانون الاحزاب بصيغته الحالية".
في حين رأى حسين علاوي الباحث والاستاذ الجامعي، ان "ابرز نقاط الضعف في هذا القانون هو تركيزه على القضايا المالية والتنظيمية، ولم يركز على فحوى الدستور في صياغته وفق التعددية السياسية المنضبطة، وبالتالي نحتاج الى تحديد اهداف عامة في هذا القانون وتنظيم عال لعمل الاحزاب السياسية".
وبين علاوي ان "جوهر العملية السياسية يرتكز على قانون الاحزاب، ومن الضروري مشاركة جميع القوى الوطنية والمدنية منها وهناك 40 عقدة وملاحظة على القانون وتم تثبيتها من خلال مداخلاتنا في الجلسة الحوارية".
وشدد على ضرورة "اعطاء فرصة للقوى السياسية المدنية والليبرالية، لاننا امام تحديات كبيرة وصراع فكري سواء كان داخل المؤسسة الدينية أو قواها الحزبية السياسية"، مشيرا إلى أن "هنالك خيارات شعبية داخل المجتمع العراقي وهذا لا ينتظم الا من خلال قانون الاحزاب".