مجتمع مدني

ثورة 14 تموز.. شعلة وضاءة لن تنطفئ / فائق هلال الشمري

على الرغم من مرور خمسة وخمسين عاماً على اندلاع ثورة 14 تموز 1958 ما زالت تثير مشاعر الحب والفخر والاعتزاز في نفوس العراقيين، الذين عشقوا هذه الثورة وقادتها الى حد الجنون، لانها جاءت من اجل الشعب وللشعب، ومن اجل الفقير والعامل والفلاح والمرأة، وكل اطياف الشعب العراقي ولم تكن ثورة من اجل الحاكم وانما كانت ثورة من اجل التغيير والبناء والاعمار والتطوير، والقضاء على الفساد والتخلف.. فهي ثورة وطنية عملاقة لم يستطع اعداؤها حجب نورها وشعلتها الوقادة، التي اضاءت الطريق امام العراقيين ولم يفارق تفكيرهم حتى ولو لحظة واحدة..
فما تم انجازه خلال اربع سنوات من عمر الثورة القصير من انجازات، استطاعت الثورة استقطاب الجماهير من خلالها للوقوف وراءها ودعمها، لانها فعلاً ثورة الجماهير، ولو استمرت هذه الثورة لاصبح العراق افضل مما هو عليه اليوم، إلا ان الاشرار قتلوها على صغر عمرها، حتى اننا نكاد وندخل الى مكان ما ومؤسسة ما، إلا وقيل ان عبد الكريم قاسم هو بني هذا المشروع او وضع حجر الاساس له مروراً بجامعة بغداد ومدينة الصدر وملعب الشعب، وانتهاءاً بتوزيع الاراضي على الفلاحين والفقراء في مدينة الثورة (مدينة الصدر)، بعد ان كانوا يسكنون في صرائف بمنطقة الشاكرية، ولم يضع لنفسه قطعة ارض ولم يعط لاخته قطعة ارض واخبرها باني معك لكن الفقراء من يكون معهم ولهم هؤلاء الفقراء احبوا زعيمهم واحبهم وكان يتفقدهم في بيوتهم وكيف زار صاحب عربة الباقلاء وعندما مرض واعطاه مبلغاً من المال.. وكيف زار المرجع الديني السيد محسن الحكيم في المستشفى للاطمئتان على صحته.
لقد اصطف ووقف الفلاحون والفقراء على القناة صبيحة 8 شباط 1963 وهتفوا (ماكو زعيم إلا كريم) وفي ايديهم العصي والمكاوير وطالبوا الزعيم ان يمنحهم السلاح للدفاع عن الثورة لكن نفسية الزعيم العظيمة ابت، ذلك لانه لا يريدها حرباً اهلية ولم يكن محباً للحكم وخشي على هؤلاء الفقراء وخوفاً على شعبه من بطش السلطة القادمة لانه يعرفهم جيداً وطالما عفا عنهم وقال: (عفا الله عما سلف) حتى ان البعض يقول ان طيبة الزعيم وعفوه وسماحته هي من قتلت الثورة لانه عفى عن الذين حاولوا اغتياله عام 1959 من البعثيين الذين عادوا في شباط 1963 وانه رفض مسبقاً تشكيل بعض الاجهزة الامنية رغم الحاح البعض عليه.
كان الزعيم متسامحاً الى ابعد الحدود، ومتواضعاً ونزيهاً وشجاعاً حظي بحب شعبه الى حد ان البسطاء من الناس قالوا: ان صورة الزعيم قد ظهرت في القمر انه الزعيم لم يجلب التاريخ مثله.
إلا في امريكا اللاتينية وبالتحديد في البرازيل عندما انهى رئيس وزراء البرازيل السابق ولايتين (دورتين انتخابيتين) وطالبه الشعب بالبقاء لدورة ثالثة لكنه رفض لان الدستور لا يسمح إلا بدورتين انتخابيتين، اصر الشعب على تعديل الدستور إلا انه رفض ذلك وانتهت فترة الولايتين ولم يملك داراً سكنياً!!
فمجداً لثورة تموز وقادتها الميامين.