مجتمع مدني

حول رعاية الطفولة وحمايتها من خطر الانترنت / باسم الزبيدي

ان قيادة الامم في المستقبل، مرهونة بتفوق شعوبها المتحضرة والمتعلمة والواعية مسؤولياتها وحقوقها. ونحن في مطلع الألفية الثالثة نجد أن العالم شهد ثورة في المعلومات والاتصالات أحالته إلى قرية صغيرة، وعبر وسائل الاتصال، يشاهد المجتمع العراقي لا سيما الأطفال - هذه التغيرات والتطورات، ويتطلع إلى الوصول إليها. وإذا ما هيأنا الأجيال الجديدة تهيئة سليمة، وفسحنا لها المجال الكافي، ستحقق نتائج إيجابية على الأمد البعيد. لذلك فمن الضروري رعاية الطفولة بدءاً من مرحلة الروضة بين عمري 4-6 سنوات، وحتى المراحل الابتدائية والمتوسطة والاعدادية دون الثا?نة عشرة.
ان جيل الأبناء اليوم، يتفوق على الاهل في تعامله مع تقنيات الكومبيوتر والانترنيت، حيث أصبحت متوفرة في العراق، وينتشر تدريس هذه التقنيات في المدارس، وبات ضرورياً الاهتمام بأساليب الاستخدام الآمن للشبكة العنكبوتية من قبل الابناء. ولهذه التقنيات فوائد علمية يمكن أن يستفيد منها أبناؤنا، خاصة عندما يكون توجههم منكباً على مطالعة موسوعة ثقافية ما أو قراءة المقالات والكتب الالكترونية، فذلك لا يستدعي القلق لأن الانترنيت اداة تعليمية مهمة للاطفال، فهو يعمل على تنمية مهاراتهم الذهنية والعقلية وعلى اكسابهم القدرات الت? تعينهم في التعامل مع البيئة والمجتمع المحيط بهم، وتولد لديهم شعوراً بالمتعة والحيوية والقوة، وتسمى هذه التجربة بـ "التعليم الذاتي للطفل". اما اذا استخدمت هذه التقنيات بصورة غير آمنة، فسيكون لها مضار واخطار عديدة، من بينها المشكلات الصحية والعزلة الاجتماعية بسبب الادمان المفرط للانترنيت، وهذا يتعارض مع الحياة اليومية الطبيعية، وقد تظهر مشكلات سلوكية وبدنية ومعرفية ضارة منها: إدمان على مواقع المقامرة والدردشة والاباحية والالعاب المسلية، ما يؤثر على التحصيل الدراسي والمعرفي للتلميذ والطالب، ويجبره على التغيب?عن الحصص الدراسية، إلى جانب المشكلات الأسرية ومن بينها اضطراب الحياة الاسرية، وقضاء أوقات قليلة مع الاسرة واهمال واجباته المنزلية، فضلاً عن اضطرابات النوم والارهاق وآلام الظهر والعين والبدانة، وما يصاحبها من أعراض اخرى.
فيجب التحفظ عند استخدام الانترنيت من خلال تحديد أوقاته، مثل ايام اجازة الاسبوع، ووضع منبه قبل بداية دخول الانترنيت لتحديد وقت الاستخدام والامتناع التام عن المواقع التي تؤدي إلى الادمان، وتوزيع الوقت في نشاطات مفيدة، والانضمام الى نشاطات جماعية كفريق رياضي وتكوين اصدقاء جيدين.
ويمكن للعائلة ان تلعب دورها في توجيه وتوعية ومراقبة ابنائها عند استخدامهم الانترنيت، بدءاً من 4 و6 سنوات، لكن عندما يكبر الأبناء يصبح من الصعب على رب الاسرة أن يفرض عليهم القيود، او يغير مفاهيمهم، لذا ينبغي علينا ان نعامل ابناءنا كاصدقاء حتى نحقق لهم مستقبلاً آمناً وواعداً، بدءاً من تثقيف الطفل في مرحلة مبكرة وفتح قنوات الاتصال معه ومناقشة الموضوعات التي يطالعها. كذلك من الضروري أن يكون الكومبيوتر في مكان غير منعزل، وأن يوجه الطفل بعدم كشف الرقم السري للاتصال بالانترنيت أمام أي شخص، ويوجه كذلك بعدم كشف اسمه أو رقم هاتفه أو عنوان أو أسماء عائلته أمام الغرباء، وأن يحافظ على صوره الخاصة به وبأفراد عائلته، وأن يخبر والديه دائما بكل ما يواجهه في الانترنيت، إن كان قد تعرض مثلا لتهديد أو ألفاظ بذيئة، وأن يكون حذراً ازاء كبار السن الذين يتمتعون بخبرة ومعرفة وقدرة على الاقناع، واذا كان لا يشعر بالارتياح تجاه اي شيء فعليه قطع الاتصال بالانترنيت، فضلا عن ذلك من الضروري أن لا يدخل إلى غرف الدردشة التي فيها اناس يختلفون عنه سنا، كذلك يجب أن ينصح الطفل بأن لا يفتح الملفات التي ترسل إليه من جهات مجهولة، فقد تكون محتوية على فيروس يضر بالكومبيوتر.
واخيراً ان شبكة الانترنيت وضعت للفائدة وتبادل المعلومات، لذلك من غير اللائق استخدامها للتطفل على الآخرين وسرقة معلوماتهم، لا سيما أن ذلك يعد من الجرائم التي يعاقب عليها القانون.