مجتمع مدني

عمليات استهداف النساء تتصاعد والحكومة بلا موقف !/ قاسم السنجري

تغيّرت حياة سهام بعد أن شعرت أن خطرا مجهولا يداهمها وقد يفقدها حياتها بلا سبب محدد، كبقية النساء اللواتي يقتلن بين مدة وأخرى وتطالع أخبار موتهن في الشريط الإخباري للقنوات الفضائية (السبتايتل)، أو خبرا في زاوية صغيرة من بعض الصحف التي تهتم بنشر تطورات الوضع الأمني.
«ربما افقد حياتي برصاصة من مسدس كاتم للصوت دون أن أكون قد جنيت ذنبا»، هكذا تحدثت سهام محمود وهي تحاول أن تخفي الخوف الذي بدا واضحا على نبرة كلامها.
وذكر مصدر امني، الأربعاء الماضي، ان «مجهولين اقتحموا مساء اليوم شقة سكنية في منطقة زيونة شرقي بغداد وقتلوا ثلاث نساء بأسلحة كاتمة للصوت ثم لاذوا بالفرار».
كما أفاد مصدر امني في شرطة محافظة البصرة، في 30 حزيران الماضي، ان ثلاث نساء قتلن بهجوم مسلح نفذه مجهولون وسط المحافظة. وقال المصدر الأمني، إن «مسلحين مجهولين قتلوا ثلاث نساء بعد ان تم اقتحام منزلهن في منطقة الجنينة وسط محافظة البصرة». وأضاف المصدر الذي اشترط عدم الكشف عن هويته ان «احد المسلحين قام بإطلاق النار عند خروجه من المنزل وأصاب احد المواطنين الذي يسكن بجوار منزل المغدورات».
تقول سهام في حديث مع «طريق الشعب» أمس، «صرت كثيرة التلفت أثناء خروجي من المنزل، وأحاول تغيير الطرق التي أسلكها في الذهاب إلى العمل».
وتضيف سهام «فكرت كثيرا بأخذ إجازة طويلة من العمل للتخلص من الشعور بالخوف من ملاحقة بعض الجهات للنساء، ولكن الوضع المادي ومصاريف البيت يقفان عائقا أمام هذه الفكرة».
وتبين أن «لا أسباب واضحة وراء مقتل النساء بهذا الشكل، وكل ما نسمعه تبريرات جاهزة تطعن في شرف المغدورات، من دون أن يكون هناك تحقيق جاد لكشف خيوط هذه الجرائم المنظمة».
بيد أن أميرة (38 عاما) تبين أن «الموت ضحية تفجير سيارة مفخخة أكثر رحمة من الموت برصاص مجهولين، ثم يشكك بأخلاقنا».
وتوضح أميرة، وهي معلمة في إحدى مدارس تربية بغداد/ الرصافة، أن «البعض يتداول مبررات جاهزة لمقتل نساء هن في اغلب الحالات بريئات مما نسب إليهن، وأنا اعرف إحدى المغدورات التي لقت حتفها برصاص مجهولين على دراجة وهي ذاهبة للتسوق من أحد الأسواق القريبة من بيتها، فهي كانت امرأة لم نؤشر ضدها أي تصرف مسيء، ولكنها حين قتلت اتهمت بشرفها».
وكانت امرأة، قتلت الأربعاء 3 تموز الحالي، برصاص مسلحَين مجهولَين في مدينة الصدر شرقي بغداد. وقال مصدر أمني ان «امرأة قتلت، برصاص مسلحَين مجهولَين يستقلان دراجة نارية قرب سوق مريدي الشعبي». وأضاف المصدر الذي اشترط عدم الكشف عن هويته ان «المسلحَين لاذا بالفرار وقد قامت قوة من الشرطة بنقل جثة القتيلة إلى مستشفى الشهيد الصدر في المدينة». إلى ذلك، تحذر هناء أدور الناشطة المدنية، من «تكرار حوادث قتل النساء، دون ان يكون هناك رادع من قبل الحكومة لهذه الجهات التي تستهدف النساء».
وتلفت أدور في حديثها مع «طريق الشعب» أمس، إلى أن «منظمات المجتمع المدني طالبت الحكومة بوضع حد لتصرفات بعض الجهات التي تقوم بعمليات القتل المنظم، ومطاردتهم وإيقاع العقوبات القانونية بهم».
وتستدرك الناشطة المدنية بالقول إن «هذه الجهات تشعر بأنها قادرة على الإفلات من العقاب، لأسباب متعلقة بالعمل القضائي الذي لا يخلو من الضعف والتسييس والفساد، بما يشعرنا كمواطنين بالقلق من اضمحلال الدولة أمام هذه المجاميع الخارجة على القانون»، مستنكرة «قيام الجهات الأمنية بتقييد هذه الحوادث ضد مجهول وإغلاق التحقيقات دون أن تبحث عن الجناة وتتعقبهم لينالوا الجزاء العادل».
من جانبها، تستنكر صفية السهيل، عضو مجلس النواب، عمليات القتل المتكررة التي تتعرض لها النساء، كما حصل في حوادث متفرقة في العاصمة العراقية بغداد وفي نينوى والبصرة وبابل وغيرها من المحافظات العراقية.
وجاء في بيان أصدره المكتب الإعلامي للنائبة المستقلة، وتلقت «طريق الشعب» نسخة منه، أن «السهيل طالبت جميع الأجهزة الأمنية، بملاحقة العصابات الإرهابية التي تستهدف النساء تحت أية ذريعة كانت، فالدولة معنية بشكل مباشر بحماية أرواح مواطنيها كافة».
من جانبها، دانت رابطة المرأة العراقية عمليات استهداف النساء بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، منتقدة اكتفاء الجهات الأمنية بالتصريح بدل أن تقوم ببحث أسبابها وكشف الجناة.
كما طالبت الرابطة الحكومة بتوفير الأجواء الآمنة التي تسمح للنساء بأخذ دورهن في المؤسسات الثقافية والسياسية وفي الحياة العامة والخاصة.فيما طالبت عضو البرلمان النائبة صفية السهيل، رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة بسرعة تشكيل غرفة عمليات خاصة بمتابعة هذا الملف، وأن تعمل بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في وزارتي الداخلية والدفاع لملاحقة تلك العصابات المنظمة المجرمة وتقديمها للعدالة والكشف عن هوية القتلة.