مجتمع مدني

الاول من ايار حافز للعمل والنضال والعطاء*

حيَّيتُ "أيَّاراً" بعطر شذاتي، وخَصَصْـتُه بالمحض من نَفَحاتي
وسقيتهُ نبعَ القصيد ِ مضرَّجاً، كدماءِ أحرارٍ به عَطِراتِ
لم يَدُر في خلد الاسياد الذين اصدروا الاوامر لشرطة شيكاغو عام 1886 لأطلاق النار على عمال مضربين في المدينة طالبوا بتحديد ساعات العمل بثماني ساعات يوميا، لم يدُر في خلدهم ان تلك الرصاصات الغادرة ستعمق الوعي السياسي والاجتماعي في صفوف العمال وعموم الفقراء والمهمشين، وتكثف الضوء على عمق العلاقة بين التعسف السياسي والاستغلال الاقتصادي، بين الحقوق السياسية والتحرر من الطغيان الاقتصادي. لم يدرك اساطين الرأسمال حينها ان إطلاقهم الرصاص اطلق شرارات جديدة للتضامن الاممي وادخل الاول من ايار عيدا لأصحاب السواعد السمر ?صناع الحياة في العالم، يحفزهم نحو المزيد من العناد والاصرار على نيل حقوقهم وتحقيق مصالحهم في حياة انسانية لائقة.
نعم لقد اخطأت حسابات الاسياد وبدلا من ان تخمد جذوة المضربين والمنتفضين حولت ذلك اليوم المجيد عيدا وكرنفالا للتفاؤل والفرح بما تحققه الطبقة العاملة ومعها كل التواقين لغد جديد، سواء في الاطار المحلي الوطني او على الصعيد الاممي، من انتصارات وانجازات سياسية واقتصادية واجتماعية.
لقد توهم الاسياد، مدفوعين بنهمهم وشراهتهم ومحكومين بالجشع والاستغلال، انهم قادرون من خلال قبضة الدولة البوليسية الاوتوقراطية و"عقبها الحديدية" على سحق النضالات الاقتصادية والاجتماعية للحركة العمالية الصاعدة، وان بامكانهم ايقاف دولاب التاريخ ومساره.
هكذا دخل الاول من ايار تاريخ الحركة العمالية والثورية العالمية في سياق النضالات والثورات العمالية والجماهيرية الواسعة التي شهدتها المجتمعات الاوربية المتحضرة خلال القرن التاسع عشر، ولم يكن ذلك بمعزل عن الماثر السياسية والفكرية لمربيي البروليتاريا المعاصرة العظيمين؛ كارل ماركس وفردريك انجلز، معلميها اللذان بثا القوة والوعي في صفوف الحركات الجماهيرية واحلا العلم محل الاوهام واوضحا ان"النضال ضد الواقع وضد الظلم القائم والشر السائد هو من صلب القانون العام للتطور الدائم".
وساهمت ثورة اكتوبر الاشتراكية التي اطاحت بالحكم القيصري الاوتوقراطي في روسيا عام ١٩١٧، وظهور الاتحاد السوفيتي ومن ثم منظومة الدول الاشتراكية، في منح الاول من ايار دفقاً وألقاً جديدين، يليقان بمنتجي الخيرات المادية ونضالاتهم الواسعة، وساهم ذلك كله في التحام الحركة الثورية العالمية للطبقة العاملة مع حركة نضال الشعوب من اجل الاستقلال الوطني والحرية والحياة الدستورية والديمقراطية.
لقد اكدت ثورات القرن العشرين وهزاته الكبرى، في مراحل الصعود والانتصار وفي صفحات النكوص والانكسار على حد سواء، ان النضال المنظم للطبقة العاملة واحزابها وحلفائها الديمقراطيين التقدميين هو الذي سيحرر الجنس البشري من البلايا والشرور، وان حلم الفقراء والكادحين وكل شغيلة اليد والفكر بعالم جديد"ليس ضربا من تخيلات الحالمين"، وان الاشتراكية "هي الهدف النهائي والنتيجة الضرورية لتطور القوى المنتجة في المجتمع المعاصر".
ان نضال الحركة العمالية الملتحم مع نضال الشعوب من اجل العدالة الاجتماعية والحلم بغد مشرق جديد، غد الاشتراكية، سيستمر "مادامت الملكية الخاصة والانتاج الاجتماعي الفوضوي والاستغلال الاقتصادي والاجتماعي قائمة".
واليوم يشكل نضال القوى والاحزاب الديمقراطية والاشتراكية الثورية، والنضال الاممي المتنامي، بفصائله وتجليلته العالمية المتنوعة، ونمو الحركة العالمية المتطلعة نحو عولمة جديدة للتضامن بديلا عن الليبراية الجديدة وتوحش العولمة الراسمالية، ومن اجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، يشكل كل ذلك رصيدا كبيرا يعمق من قناعتنا بحتمية انتصار قضايا الشعوب، وفي المقدمة منها التحرر النهائي للطبقة العاملة وانتصار قضيتها وتحقيق رسالتها التاريخية.
وفي هذا العيد الاممي، تساهم الطبقة العاملة العراقية وحركتها النقابية، منذ تبلور وعيها الطبقي والسياسي والتنظيمي، وتحتفل به، ومعها جماهير واسعة من ابناء شعبنا وقواه الوطنية والديمقراطية، ومنها الحزب الشيوعي العراقي، مستذكرة بفخر واعتزاز نضالاتها وامجادها وتضحياتها الكبيرة وشهداءها الاماجد، ومحولة اياه، مع القوى الحية والمخلصة في المجتمع، الى حافز اضافي لمواصلة الكفاح المتفاني في سبيل ظروف عمل لائقة وحياة افضل، ومن اجل الانتصار لقضايا شعبنا، وغذ السير الى امام نحو الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
فالمجد الخالد للأول من ايار
طريق الشعب*