مجتمع مدني

البصرة.. رياح الإصلاح تهب منها ومبادرة العبادي قد تفتح بابا لتغييرات كبيرة / علي ابو عراق

البصرة عاصمة النفط العراقي او كما يطمح مواطنوها أن تكون العاصمة الاقتصادية للعراق، تتفاعل وتتفجر بقوة في هذه الايام، وتواجه حكومتها المحلية ضغطا كبيرا من مواطنيها، خصوصا بعد موافقة البرلمان الثلاثاء الماضية على ورقة اصلاحات العبادي.
ملامح التغيير في البصرة بدأت تتحرك بعد اندلاع سلسلة من التظاهرات، منذ اسابيع، لكن الأسبوعين الاخيرين كانا الاكثر حضورا، وراحت الاحتجاجات الكبيرة تؤثر على الحكومة المحلية وتتفاعل مع شركات النفط العالمية والمستثمرين الأجانب، لتطول مكتب المحافظ وهيئة الاستثمار والمجالس البلدية والمحلية.
رياح التغيير تهب من البصرة
التظاهرات دفعت مجلس محافظة البصرة الى المطالبة بأن يكون له دور أساس في تحديد هياكل الحكم، وذلك باختيار مدراء الدوائر الحكومية. ففي يوم الأربعاء، صوت المجلس على حل جميع المجالس المحلية في الاقضية والنواحي.
وقال عضو مجلس محافظة البصرة جمعة الزيني :"جاء قرار حل المجالس المحلية جزءا من الإصلاحات التي أطلقها مجلس المحافظة، وتمت الموافقة عليه بالأغلبية المطلقة".
ولم يتضح على الفور متى القرار سيدخل حيز التنفيذ، إلا أن حل المجالس المحلية او البلدية في اقضية ونواحي شمالي البصرة على تماس كبير مع شركات النفط التي غالبا ما تتدخل للتنسيق والاتصال مع السكان المحليين الذين يعيشون بالقرب من المواقع والحقول النفطية للتفاوض على التوظيف او التعويضات او معالجة التظاهرات.
لكن العديد من المواطنين يعتبرون تلك المجالس غير فعالة ويتهمونها بالفساد.
محافظ البصرة ماجد النصراوي اصدر امرين يوم الأربعاء، تم بموجبهما "الغاء جميع المديرين بالوكالة في مديريات المحافظات - بما في ذلك رئيس هيئة استثمار البصرة ونائبه"، مبررا ذلك، بانه "يسعى إلى استبدالهم بمديرين تكنوقراط وغير سياسيين".
ولفت الى انه فتح "الباب لتقديم الترشيحات لمدة سبعة أيام، شريطة أن يكون المرشحون مستقلين؛ لا يمثلون حزبا أو كيانا سياسيا".
وشمل الأمر الثاني "إلغاء المكتب الخاص للمحافظ، وتقليص حجم المستشارين من 25 إلى أربعة فقط". وفي يوم الخميس، تقدم مجلس المحافظة خطوة أبعد من خلال التصويت على إقالة "كل المدراء العامين في جميع الإدارات، بما في ذلك الأجهزة الأمنية"، وفقا لرئيس المجلس صباح البزوني الذي قال انه "سيختار مرشحين مستقلين لشغل المناصب الشاغرة، على أساس غير حزبي". وقد بارك محافظ البصرة هذا القرار بعد صدوره، بساعات، وأصبح بذلك نافذا للعمل به، مبينا انه "يشمل كل المدراء الذين خدموا لأكثر من أربع سنوات، وأن كل الذين يتقدمون لهذه المناصب ويخضعون لاختبار الأداء والمهنية". وفي اليوم ذاته دعا النصراوي في مؤتمر صحفي الى حل مجالس الإسناد العشائرية التي تم تشكيلها ابان حكم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. وكان الغرض الظاهري للمجالس هو تيسير التعاون بين القبائل والحكومة، لكنها قد أدت عملها أيضا كأدوات للقادة السياسيين لضمان ولاء الدوائر العشائرية و القبلية بحسب مراقبين.
استمرار الاحتجاجات
على الرغم من هذه القرارات التي يمكن ان تحدث التغيرات في البصرة، ويأمل المواطنون أن "تكون كبيرة"، فأنها لم تنتج بعد حلولا ملموسة للمشاكل التي دفعت المتظاهرين إلى الشوارع، بما في ذلك عدم وجود الخدمات الأساسية، والبطالة، وشعور عام بأن الثروة النفطية في المحافظة لا يستفيد منها اغلب المواطنين العاديين.
ففي منطقة الزبير (20 كم غربي البصرة)، وللمرة الثانية في أسبوع واحد، تجمع العشرات من العاطلين عن العمل أمام بوابات موقع البرجسية (40 كم غربي البصرة) التابع لشركة نفط الجنوب، احتجاجا على عدم وجود فرص للعمل، مهددين بـ"منع دخول الموظفين، إذا تركت مطالبهم دون الرد عليها"، وفقا لقول أحد منظمي التظاهرة.
وقال محتجون لـ"طريق الشعب": "ينبغي تعويض المزارعين عن الأراضي التي تم اتخاذها من قبل عمليات النفط، وكذلك الأراضي التي لا تزال في حوزتهم والتي تتعرض للتلوث بالمخلفات والغازات المنبعثة من النفط".
كما طالب المحتجون الحكومة بـ"الكشف عن مصير الـ 5 ملايين دولار التي تدفعها شركات النفط، من أجل فتح مراكز بناء القدرات للعاطلين عن العمل".
وقال محمد المنصوري رئيس لجنة النزاهة في مجلس محافظة البصرة: ان الاحتجاج جاء "نتيجة لعدم وجود خطط للحكومة لمواجهة البطالة"، مضيفا "الجهود التي تبذلها الحكومة قد تقتصر على جهود بسيطة دون البحث عن حلول جذرية للوضع - أو مطالبة الحكومة شركات النفط بتوفير فرص العمل".
وفي منطقة القرنة التي تقع على بعد (100 كم شمالي البصرة) اندلعت ,مساء الأربعاء، تظاهرات حاشدة استمرت على مدار اليوم للمطالبة بفرص عمل في قطاع النفط وإقالة قائممقام قضاء القرنة.
موظفو النفط يلتحقون بركب التظاهرات
وفي يوم الخميس، تظاهر منتسبو شركة مصافي الجنوب، خارج مصفاة البصرة مطالبين بإقالة المدير العام، واحتجاجا على الفساد الحكومي وضعف البنية التحتية.
ومصفى الجنوب هو اكبر مصافي العراق، بعد مصفى الدورة، بني في سبعينيات القرن الماضي، ويعمل فيه قرابة 6 آلاف موظف.
وقال احد قادة التظاهرة لـ"طريق الشعب": ان "جميع المنتسبين يعانون التلوث الذي يؤثر على الصحة العامة"، مضيفا أن "المحتجين يطالبون بوضع حد للفساد وهدر للمال العام في وحدات تكرير النفط والمراجل وصهاريج الغاز، وتأهيل وتشغيل محطة التشحيم، والسكن للموظفين".
والتقى رئيس لجنة النفط والغاز في مجلس محافظة البصرة علي شداد الفارس مع المتظاهرين وتحدث معهم، قائلا :ان "لإجراءات التي اتخذها المجلس والمحافظ ستلبي مطالبهم"، موضحا ان "معظم مطالب المحتجين مشروعة، وستتم مناقشتها مع إدارة الشركة، وبالتالي ستنقل إلى رئاسة مجلس محافظة البصرة للنظر فيها".
التظاهرات والاحتجاجات ومطالبات الإصلاح في البصرة يتردد صداها على نطاق واسع تماشيا مع خطة الاصلاح لرئيس الوزراء العبادي، للبدء بتفكيك نظام المحسوبية الذي يستغله الكثير من القادة السياسيين في القفز على المناصب والكسب غير المشروع وكانت النتيجة الفساد والبطالة المقنعة ونهب المال العام وحرمان الشعب من كل شيء".
كما يقول الخبير النفطي عبد الجبار الحلفي.
ويضيف الحلفي أن "خطة العبادي "هي خطة طموح وتحتاج الى الكثير من الدعم والمساندة من الجميع".