مجتمع مدني

فوك القهر والضيم.. جَتي الكوليرا / أكرم الخاطر

المزالق التي تهرّبنا الآن بعيداً عن مرآة "الكوليرا" كثيرة، هروب لا يقل بؤسا عن محنة الكوليرا ذاتها، نتحسس انخراماً من نحو ألف سطر في فصول هذه الهروبات ومزالقها، وهو نقص مهين لا يمكن اكماله أو تخيّله مهما قامت أطوار الاستضاءة من الخارج بمحاولة القضاء عليه، وحرفه عن مواصلة السير باتجاه المزالق، أو الأجواء الخانقة داخل محنة الكوليرا.
أخبار كوليرا 2015 تحيلنا بيسر الى حكايات الجدات في أعوام طفولتنا، المشهد ذات المشهد.. سنة "أم زوعه"، أو سنة "أم مصران"، أو السماء تمطر "عگروك"، أو الطنطل وخضرة أم الليف وشگاك البطون والسعلوة والآفة والعربيد.
تضع جدتي فص "سويكه" جديد بين اللثة وبطانة الشفة السفلى، ينتابها خدر لذيذ، فتهرب بخيالي، ومع ذلك الهروب، تهرب كل التجاعيد من وجهها، ثم تنغمر في سرد أساطيرها عن الطاعون القديم
المذيعة "الفضائية" اليوم، تضع الكثير من المساحيق وتقرأ أخبار الكوليرا الجديدة. جدتي ترتدي الفوطة السوداء والثوب الأسود، هي حزينة متوجمة دائما، قبل وأثناء سرد أخبار الكوليرا القديمة.. المذيعة ترتدي أجمل فساتينها، تبدو فرحة غير مبالية، تبتسم دائما!
ستبقى مشاعري هذه خفية وعصية على الفاسدين، لأنهم، من خارج هذه المزالق لا يحتملون النظر إلى موجة وفيات الكوليرا من خلال "سويكة جدتي"، مثلما لا يأبون بمحنتي الآخذة في الاتساع مع اطلالتها وأساطيرها من خلال وجه المذيعة المكتظ بالمساحيق وعمليات النفخ والتجميل!
لكن الخشية ذات الخشية، ثمة شبح قادم، ربما يرى الفاسدون فيه هدنة طارئة، سينشغل الشارع بالكوليرا، هكذا يوهمون أنفسهم، وسيغدو الوهم حقيقة بنظرهم حين يزيدهم "الحبربشيه من الكوليرا بيت"، وستنشغل العائلات بمسرة العيد وعودة الحجيج"!
لكن الكوليرا صفحة فاسدة مثلهم تماما، نتاج عبثهم ووقاحتهم. بغداد 2015 تداهمها الاصابات البدائية بمرض قديم، كوليرا حكايات جدتي، أحياها فسادهم، واستهتارهم، واستئثارهم بأموال الشعب والمشاريع الوهمية، والتعينات الفضائية، وسوء الخدمات، ونقص مياه الشرب، وانتشار طفح المجاري والنفايات، ورداءة الخدمات الصحية. لكنهم في منأى عن كل ذلك. عائلاتهم في خضراء المدن الأوربية، وهم في المنطقة الخضراء، ونحن في مطحنة الكوليرا!
عيد سيبقى سعيداً لهم وحدهم، وعيد كوليري باذخ للعراقيين المبتلين بهم!
عراق الكوليرا
يقول الدكتور سامي آل سيد عگلة الموسوي: الكوليرا مرض تسببه جرثومة يطلق عليها "ڤبريو كوليرا"، أو ضمات الكوليرا التي تصيب الأمعاء بالتهاب حاد يؤدي الى اسهال وتقيؤ شديدين، ثم الى جفاف الجسم ومن دون علاج يتسبب في الموت خلال ساعات. يحدث مرض الكوليرا في المناطق التي فيها مياه ملوثة وصرف صحي غير فعال أو متهالك. وقد ضرب العراق هذا الوباء في عشرينات القرن الماضي "كوليرا حكايات جدتي" بسبب سوء الأحوال الصحية والفقر والجهل، وأدت الى قتل العديد من الناس وتقريباً كل من كان يصاب به وكان يسمى "بابو زويعة" لكثر التقيؤ فيه.
ويضيف: تسجل في كل سنة خمسة ملايين حالة تقريبا ومئة الف يموتون في العالم اي حوالي ١٠ في المئة من الحالات تكون أعراضها شديدة والباقي يكون غير شديد. وتتواجد بكتريا الكوليرا عادة في المناطق التي تتلوث فيها المياه أو المأكولات وفي براز الأشخاص المصابين وهناك ثلاثة عوامل تساعد على ذلك هي:
أولا: عدم وجود معالجة صحية فعالة للمياه وهذا هو واجب المؤسسات الحكومية
ثانياً: عدم كفاءة الصرف الصحي وتسرب مياهه وهي مسؤولية الدولة مرة اخرى
ثالثاً: انعدام النظافة بشكل خاص وعام وهي مسؤولية مشتركة.
وتظهر أعراض الكوليرا بعد ٣ الى ٥ أيام من تناول شراب أو طعام ملوث. وعادة لا ينتقل المرض بشكل مباشر من شخص الى آخر ولكن من الماء والطعام الملوث بجرثومة المرض. ولتلافي حدوث المضاعفات والوفاة يجب نقل المصاب إلى المستشفى مباشرة ويجب اعطاؤه السوائل التي تستخدم عن طريق الفم لعلاج الجفاف والتي تحتوي على الصوديوم والبوتاسيوم والسكر. وبالنسبة للأطفال الرضع يجب استمرار الرضاعة الطبيعية مع السوائل تلك.
وعند زيارة المناطق الموبوءة يجب تناول الماء الصحي فقط والتأكد من انه مغلق بشكل صحيح أو غلي الماء لمدة دقيقة واحدة أو اضافة قطرتين من "البليچ" لكل لتر واحد من الماء أو اضافة نصف حبة اليود لكل لتر ماء. ويجب تجنب شرب الماء من "الحنفية" أو استخدام مكعبات الثلج او الثلج المباع في الاسواق لانه قد يكون ملوثا. كما ويجب مراعاة غسل اليدين بالماء والصابون خاصة بعد التغوط وقبل الاكل وعدم استخدام الماء من الحنفية لغسل الاسنان او المضمضة او حتى ادخال الماء للفم من اجل الوضوء بل استخدام الماء الصحي لتلك الاغراض. كما ويفضل تقشير الخضروات قبل اكلها وبعد غسلها بالماء غير الملوث.
الدكتور الموسوي يرى أنه بالنسبة لمرض مثل الكوليرا وسبب انتشاره لا يمكن عزله عن الفساد المالي والاداري المستشري والذي تسبب في الغنى الفاحش لحاشية الحكومة وكتلها السياسية على حساب فقر الشعب وتدمير بنيته الاساسية الصحية في هذا المجال. وعادة ما تحاول الحكومات الفاسدة عند انتشار الامراض والاوبئة بسبب فسادها تحاول ان تقلل من اهمية ومخاطر تلك الاوبئة وتدعي انها اتخذت اجراءات لمنع انتشارها او لعلاج الحالات. وهذا خطأ كبير لان العلاج ليس علاج المرض كما يتوهم البعض ولكنه علاج اعراض المرض فالمرض موجود في أجهزة الصرف الصحي المتهالكة وانظمة تعقيم المياه غير الكفوءة.
وقد انتشرت حالات من الكوليرا في العراق عام ٢٠٠٨ عندما اكتشف ان الحكومة استوردت "مادة الكلورين" المعقمة منتهية الصلاحية ما تسبب اتشار المرض. وكما تم "طمطمت" او التستر على الكثير من امور الفساد الأخرى في عهد الحكومة السابقة فقد تم التستر على هذه ولم يصارح بها الشعب. وقد بلغت الأموال المصروفة على مادة الكلورين المستوردة من بلد مجاور حوالي ١١ مليون دولار وقد ظهر فيما بعد انها منتهية الصلاحية واتهم فيها تجار لهم صلة بكتله سياسية كبيرة. وغالبا ما تستخدم هذه الحالات من قبل الكتل السياسية للمقايضة "غطيلي واغطيلك" ?على حساب الشعب المسكين.
و.... انتشر مرض الكوليرا
أكدت لجنة الصحة البرلمانية، انها تعمل بالتنسيق مع وزارتي الصحة والبلديات للحد من انتشار مرض الكوليرا في البلاد، فيما عزت الأسباب الى نقص الحصص المائية القادمة من دول الجوار.
وقال عضو اللجنة حسن خلاطي في تصريح صحفي, إن"هنالك حالات مصابة بمرض الكوليرا تم التعرف عليها في مناطق ابو غريب واليوسفية وشارع فلسطين بالإضافة الى تسجيل عشر حالات في محافظة النجف الاشرف وتم اجراء الفحوصات اللازمة بحق الحالات المصابة"، مبيناً أن"نقص الحصة المائية القادمة من دول الجوار الى العراق تسبب انخفاض مناسيب المياه في بعض المحافظات ما ادى الى ظهور اعراض مرض الكوليرا فيها".
وأضاف أن"لجنة الصحة البرلمانية تعمل بالتنسيق مع وزارتي الصحة والبلديات للحد من انتشار مرض الكوليرا ومعالجة الحالات المصابة بالإضافة الى توفير المياه الصالحة للاستهلاك البشري".
وأكد رئيس اللجنة الصحة في البرلمان العراقي فارس بريفكاني، "هناك 40 حالة وفاة لحد الآن، في عموم محافظات العراق بسبب مرض الكوليرا، والنسبة الأعلى للوفيات هي من محافظة النجف".
وقال بريفكاني "انتشر مرض الكوليرا منذ أيام في بعض المناطق، والذي يعد من اخطر الأمراض المميتة التي تصيب الانسان، وتوجد حاليا بعض الحالات المصابة بهذا المرض، في بعض المناطق وخصوصا في محافظة النجف والعاصمة بغداد".
واوضح بريفكاني "ان محافظة النجف قد سجلت اعلى نسبة لحالات الوفاة بسبب مرض الكوليرا، وتلتها العاصمة بغداد، وسبب ظهور هذا المرض القاتل يرجع الى تلوث مياه الشرب بالجراثيم، ما يشكل خطرا كبيرا على العراقيين .
وتابع رئيس لجنة الصحة في البرلمان العراقي "أن عدم السيطرة على هذا المرض الفتاك "مرض الكوليرا" من وزارة الصحة العراقية ووزارة أقليم كردستان، سيؤدي الى نتائج كارثية على الشعب العراقي عامة واقليم كردستان خاصة، لأن هذا الوباء الفتاك لو انتشر لا قدر الله فستكون كارثته أخطر من الحرب ضد تنظيم داعش".
وأضاف بريفكاني "نحن كلجنة الصحة في البرلمان العراقي، شكلنا خلية مع وزارة الصحة، لمتابعة هذا الموضوع، وهناك مؤتمر سيعقد يوم الاثنين القادم في مبنى وزارة الصحة، فيجب تعقيم المياه الجوفية التي تستخدم كمياه للشرب، وزيادة نسبة مادة الكلور في المياه، والتركيز على المناطق التي ظهرت فيها حالات الكوليرا، خصوصا منطقة ابو غريب في جنوب العاصمة بغداد".
وزارة الصحة من جانبها أعلنت عن وفاة أربعة أشخاص وتسجيل أكثر من 40 إصابة بمرض الكوليرا في بغداد ومحافظات أخرى.
وأوضح معاون مدير الإعلام في الوزارة رفاق الأعرجي أن "هناك عوامل بيئية أدت إلى ظهور المرض، من بينها انخفاض منسوب نهر الفرات الذي أدى إلى بعض الترسبات".
وأضاف "أن مناطق ريفية عديدة قرب نهر الفرات تعتمد على الآبار، مشيرا إلى أن التساقطات الأخيرة للأمطار أدت إلى اختلاط مياه الصرف الصحي بمياه النهر، ما أثر سلبا على الآبار الارتوازية"!
الكهرباء.. الكهرباء
تشهد المدن العراقية، منذ نحو شهرين مسيرات غاضبة احتجاجا على الفساد وتردي الخدمات الأساسية خاصة انقطاع المياه والكهرباء، لكن لا يبدو أن تغيرا قد طرأ على هذه الخدمات.
ورغم مليارات الدولارات التي صرفت على البنية التحتية في العراق، لا تزال أحياء كثيرة في المدن العراقية بلا شبكات صرف صحي، كما أنها تفتقر إلى محطات تحلية المياه.
والكوليرا مرض معد من أمراض الإسهال، ويصاب المرء به، إثر ابتلاع غذاء أو ماء ملوث ببكتيريا الكوليرا، ويمكن أن يفتك المرض بالأرواح في ظرف ساعات من الإصابة به جراء الجفاف والفشل الكلوي، وينتقل المرض عبر المياه والطعام الملوث.
ويقول عضو خلية أزمة مرض الكوليرا في وزارة الصحة محمد جبر "إنه جرى تسجيل 41 حالة في محافظات بغداد والنجف وبابل، مؤكدا أن سبب الذي يقف وراء هذه الإصابات هو استهلاك مياه غير صالحة للشرب".
وأضاف جبر أنه "جرى توفير مياه صالحة للشرب بشكل عاجل في منطقة أبو غريب لدرء تداعيات انتشار "الكوليرا"، مشيرا إلى أن الوزارة عملت على توزيع حبوب تعقيم المياه على المواطنين".
وقادت خلية إدارة الأزمات المدنية في العراق اجتماعا عاجلا لدراسة الإجراءات السريعة واللازمة لحصر المناطق التي حصلت فيها الإصابات بمرض الكوليرا وتقديم خطة عمل طارئة لتقديمها إلى رئيس الوزراء لاتخاذ القرارات اللازمة.
سوء عمليات التصفية
يقول يوسف علوان، كاتب: تتوالى الأنباء عن انتشار مرض الكوليرا في مدن عديدة من العراق ومنها العاصمة بغداد. ويأتي انتشاره في هذه المدن، نتيجة عدم وجود خدمات صحية اولية، وانعدام وجود الماء الصالح للشرب، وكذلك انتشار الجهل والأمية التي اخذت مساحتها تتسع بين اوساط الشعب العراقي، في وقتٍ يختفي فيه هذا الوباء من اغلب دول العالم، بسبب التطور العلمي الحاصل في مكافحته، والقضاء على مسببات انتشاره! وتُعد هذه الحالة انتكاسة كبيرة تجيء في وقت غير مناسب، وتكشف عن عجز الحكومة الحالية في توفير ابسط مستلزمات الحياة الكريمة ل?واطنيها، وهي الخدمات الصحية وتوفير الماء الصالح للشرب، كما تضاف الى الفشل الكبير الذي يشهده البلد في الجوانب الأمنية والاقتصادية.
ويضيف: تعاني اغلب مدن العراق سوء عمليات التصفية التي تجري في محطات التصفية التي لم تسلم من الفساد، واحتواء مياه اغلب هذه المحطات على أنواع متعددة من الجراثيم والكائنات الدقيقة. وبحسب التقارير العالمية فإن 80 في المئة من الأمراض في البلدان النامية يعود سببها إلى مياه الشرب الملوثة، وانعدام الإجراءات التي تسهم في تطهيرها وتعقيمها. ويعاني قطاع مياه الشرب مشاكل كثيرة اخطرها تآكل شبكات انابيب نقل المياه واختلاطها مع المياه الجوفية التي تشكل مياه المجاري نسبة كبيرة فيها.
وفوك القهر والضيم جتي الكوليرا!
أصبح مرض" الكوليرا" سببا جديدا لموت العراقيين، إلى جانب اعتداءات تنظيم داعش والسيارات المفخخة وتنظيمات طائفية أخرى متشددة، وثمة ارتباط وثيق بين انتشار مرض "الكوليرا" والفشل في الإدارة البيئة، فمن شأن انعدام البنية التحتية وتعطل شبكات المياه أن يزيد خطر انتشار بكتيريا "الكوليرا"، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وتنطبق هذه الحالة على "بلاد ما بين النهرين"، التي تعاني بنتيها التحتية تهالكا كبيرا منذ عام 2003.
منظمة الصحة العالمية، أعلنت تكثيف جهودها استجابة لتزايد الاصابات بوباء الكوليرا في العراق، بعد تسجيل 38 إصابة مؤكدة بمرض الكوليرا من مجموع 106 من عينات التحاليل المستحصلة في محافظاتي النجف الاشرف والديوانية وبعض المناطق غربي بغداد.
وذكر بيان مشترك لوزارة الصحة والمنظمة العالمية ان "وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية وسائر الشركاء في الصحة يكثفون جهودهم استجابة لتفشي الكوليرا في العراق وفقا لأحكام "اللوائح الصحية الدولية 2005".
وتابع ان "وزارة الصحة أعلنت بالتشاور مع منظمة الصحة العالمية في 15 أيلول تفشي وباء الكوليرا في محافظات النجف والديوانية وبعض أجزاء في غرب بغداد معلنة تكثيف التدابير اللازمة اتخاذها لوقف سريان المرض ومنع انتشاره".
وتابع ان "هذا الإعلان جاء بعد الزيادة المفاجئة في حالات أمراض الإسهال المائي الحاد وتأكيد الفحوصات المختبرية التي أجريت في المختبر المركزي للصحة العمومية وجود النمط "إينابا 1" من الضمّة الكوليرية، وتأكيد 38 إصابة من مجموع 106 من عينات التحاليل المستحصلة".
واكد تشكيل فرقة العمل الخاصة بالكوليرا والتي تضم مسؤولين من وزارة الصحة، ومنظمة الصحة العالمية، وغيرها من شركاء الأمم المتحدة لقيادة عمليات الاستجابة والتنسيق مع السلطات الصحية المحلية في المناطق المتضررة لمكافحة هذا المرض الذي يمكن أن ينتشر بسرعة إذا لم يعالج.
وكان محافظ بغداد، علي التميمي، قد أعلن، وفاة أربع نساء وتسجيل 65 إصابة أخرى، منها 22 حالة خطرة، في قضاء أبو غريب الذي يبعد عن بغداد 32 كم، في حين دعت منظمات صحية عراقية إلى إطلاق حملة وقائية لمكافحة وباء الكوليرا الذي تشير أنباء عن اكتشاف حالات لمرضى أصيبوا به في محافظات بغداد والنجف والأنبار.
كما أعلن قائممقام قضاء أبو غريب في محافظة بغداد عثمان عادل نواف تسجيل 39 حالة إصابة بالكوليرا في القضاء.
وقال نواف إن مستشفى ابو غريب سجل 158 حالة يشتبه إصابتها بمرض الكوليرا وبعد الفحص المختبري ثبت إصابة 39 شخصاً بالمرض، توفي منهم أربعة أشخاص مشيراً إلى تزايد حالات الإصابة في القضاء..
وأضاف نواف، أن 80 في المئة من أهالي القضاء يعتمدون على مياه الابار وهي ابار سطحية مياهها ملوثة وأغلبها صرف صحي، إضافة إلى أن القضاء تعرض الى فيضانات في وقت سابق نقلت جميع الميكروبات والجراثيم اليه..
سوء نظم الرصد
الكوليرا، والتي تعرف أحيانا باسم الكوليرا الآسيوية أو الكوليرا الوبائية، هي الأمراض المعوية المعدية التي تُسببها سلالات جرثوم ضمة الكوليرا المنتجة للذيفان المعوي. وتنتقل الجرثومة إلى البشر عن طريق تناول طعام أو شرب مياه ملوثة ببكتيريا ضمة الكوليرا من مرضى كوليرا آخرين. ولقد كان يُفترض لفترة طويلة أن الإنسان هو المستودع الرئيس للكوليرا، ولكن تواجدت أدلة كثيرة على أن البيئات المائية يمكن أن تعمل كمستودعات للبكتيريا ايضا.
"ضمة الكوليرا" هو جرثوم سلبي الجرام ينتج "ذيفان الكوليرا"، وهو ذيفان معوي، يعمل على تبطين الأغشية المخاطية للأمعاء الدقيقة، وهذه العملية هي المسؤولة عن هذا السمة الأكثر بروزا للمرض، الإسهال المستنزف. وفي أشكاله الأكثر حدة، الكوليرا هي واحدة من أسرع الأمراض القاتلة المعروفة، وقد ينخفض ضغط الدم في الشخص السليم إلى مستويات انخفاض الضغط في غضون ساعة من بداية ظهور أعراض المرض؛ وقد يموت المرضى المصابين في غضون ثلاث ساعات إذا لم يتم تقديم العلاج الطبي. وفي السيناريو الشائع، يتطور المرض من الاسهال أولا إلى صدمة في غضون من 4 إلى 12 ساعة، ملحقا بالوفاة في غضون من 18 ساعة إلى أيام عدة، ما لم يُقدم العلاج عن طريق الفم أو في الوريد، في الحالات الأكثر خطورة.
ان معظم حالات الكوليرا المبلغ عنها هي نتيجة سوء نظم الترصد، ويمكن علاج معظم حالات الكوليرا بنجاح بواسطة المُعَالَجَةٌ بالإِمْهَاءِ الفَمَوِيّ. ويعتبر الاستبدال الفوري للمياه والكهارل هو العلاج الرئيس لمرض الكوليرا، بسبب سرعة حدوث الجفاف ونضوب الكهارل. وتعد المُعَالَجَةٌ بالإِمْهَاءِ الفَمَوِيّ "أو ار تي" فعالة للغاية وآمنة وسهلة التطبيق. أما في الحالات التي يكون فيها كيس الطبيب "أو ار تي" المنتج تجاريا باهظ الثمن أو صعب الحصول عليه، فهناك حلول بديلة منزلية الصنع باستخدام الصيغ المختلفة للمياه والسكر وملح الطعام، وصودا الخبيز، والفاكهة والتي تعتبر وسائل ذات تكلفة أقل لإشباع الكهارل. وفي حالات الكوليرا الشديدة مع حدوث جفاف خطر، قد يكون تطبيق حلول الإماهة عن طريق الوريد ضروريا.
وتعمل المضادات الحيوية على تقصير مسار المرض، والحد من شدة أعراضه. ومع ذلك يظل العلاج بالإمهاء الفموي هو العلاج الرئيس. وعادة ما يسخدم التتراسيكلين كالمضاد الحيوي الأساسي، على الرغم من أن بعض سلالات ضمة الكوليرا أظهرت وجود مقاومة.
وتتوافر طرق تشخيص سريعة للتعرف على ضمة الكوليرا المقاومة للأدوية المتعددة. وقد تم اكتشاف جيل جديد من مضادات الميكروبات والتي أثبتت فعالية ضد ضمة الكوليرا في الدراسات المعملية.
ويتأثر نجاح العلاج كثيرا بسرعة وطريقة العلاج. فإذا تم علاج مرضى الكوليرا بسرعة وبشكل صحيح، يصبح معدل الوفيات أقل من 1 في المئة، ولكن مع عدم علاج الكوليرا يرتفع معدل الوفيات إلى 50-60 في المئة
وعلى الرغم من تهديد وباء الكوليرا للحياة، فعادة ما تكون الوقاية من هذا المرض واضحة إذا ما تم اتباع ممارسات صحية سليمة. وأهمها التعقيم حيث يعد التخلص والمعالجة السليمة لمياه الصرف الناتجة عن ضحايا الكوليرا، وجميع المواد الملوثة مثل الملابس والشراشف، الخ أمرا ضروريا. فجميع المواد التي تلامس مرضى الكوليرا ينبغي أن تعقم عن طريق الغسيل في ماء ساخن باستخدام الكلور المبيض إذا كان ذلك ممكنا. وينبغي تنظيف وتعقيم الأيدي التي تلامس مرضى الكوليرا أو ملابسهم، الشراشف وغيرها، بالمياه المعالجة بالكلور أو غيرها من العوامل الفعالة المضادة للجراثيم. كم ينبغي تعقيم المياه المستخدمة للشرب والغسيل والطهي بواسطة الغليان، المعالجة بالكلور، معالجة المياه بالأوزون، التعقيم بالضوء فوق البنفسجي، أو الترشيح ضد البكتيريا، في أية منطقة قد يتواجد بها وباء الكوليرا.
غالبا ما تكون المعالجة بالكلور والغليان أقل تكلفة وأكثر الوسائل فعالية لوقف انتقال العدوى. وعلى الرغم من بدائية فلتر القماش، إلا أنه أدى إلى انخفاض كبير في حدوث وباء الكوليرا، عند استخدامه في القرى الفقيرة ببنغلاديش التي تعتمد على المياه السطحية غير المعالجة. وتعد المرشحات المضادة للبكتيريا مثل تلك الموجودة في معدات التنزه ومعالجة المياه الفردية المتقدمة هي الأكثر فعالية. وتعتبر دراسة الصحة العامة والتقيد بالممارسات الصحية السليمة، ذات أهمية أساسية للمساعدة في منع ومكافحة انتقال الكوليرا والأمراض الأخرى.