مجتمع مدني

بيان الجمعية العراقية لحقوق الانسان – كندا في الذكرى 67 للإعلان العالمي لحقوق الانسان

حالة حقوق الانسان في العراق لا ترقى لتضحيات الشعب الجسيمة والتحديات التي تواجه البلد
تحل في العاشر من كانون الاول (ديسمبر) 2015 الذكرى 67 للإعلان العالمي لحقوق الانسان الذي اقرته الجمعية العامة للامم المتحدة في ذات التاريخ من عام 1948. الاعلان الذي تضمن مجموعة من المبادئ الاساسية التي تقوم عليها حقوق الانسان، ليساهم في إغناء القوانين والدساتير الوطنية بالمبادئ القانونية والمفاهيم الانسانية.
لقد اورد الاعلان العالمي تلك المبادئ الانسانية والقانونية التي استلهمها من ميثاق الامم المتحدة، مما يشكل للافراد التمتع بحقوقهم وحرياتهم الاساسية دون تمييز بسبب العرق او اللون او الجنس او اللغة او الدين او الانتماء الوطني والاجتماعي او غير ذلك. وتأتي اهمية الاعلان العالمي لحقوق الانسان تلبية للضرورات التي اوجبتها احداث الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية، كآثار خطيرة على المجتمع الدولي، لتؤكد فيه على احترام الكرامة الانسانية والحقوق المتساوية وان تكفل الحرية القانونية لحقوق الانسان، باعتبار ذلك الاعلان وثيقة من الوثائق التي اعتمدتها الامم المتحدة. وطالبت الوثيقة، الاسرة الدولية بضمان مراعاة حقوق الانسان والحريات الاساسية واحترامها من قبل كافة الدول.
ان مغزى الاعلان العالمي لحقوق الانسان يكمن في وضع وتدوين الاسس العامة للحقوق والحريات في وثائق دولية تقرها الدول، وابرز ما جاء في الاعلان العالمي، هو التأكيد على الحق الطبيعي للشعوب والامم كبيرها وصغيرها في النضال من اجل تلك الحقوق والحريات.
اما بالنسبة الى العراق، فقد صادقت الحكومة العراقية على الاعلان العالمي لحقوق الانسان إضافة الى الميثاق الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية للعام 1966، فقد صادقت عليها في عام 1971.
إلا ان النظام السياسي كان في طليعة الانظمة بالنسبة الى غياب سيادة القانون. فالممارسات اليومية للنظام الدكتاتوري كانت تتنافى، ليس فقط مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان والمواثيق الدولية الاخرى، بل حتى مع دستوره المؤقت الذي صدر في 27 تموز 1958 وتم بموجبه الغاء القانون الاساسي للمملكة العراقية، باعتباره القانون الاساسي للدولة. فقد تعرض الشعب العراقي، بعد انقلاب 17 تموز 1968، الى محن والآم لم يشهد لها مثيلا في تاريخه المعاصر. وقام النظام الدكتاتوري بممارسات منافية لحقوق الانسان وحرياته الاساسية واقدم على ارتكاب ابشع الجرائم ضد الشعب، واصبح العراق، بلد الحضارات والبلد الذي سن اول شريعة في العالم وهي شريعة حمورابي، على رأس الدول المنتهكة لحقوق الانسان.
ان الشعب العراقي الذي تنفس الصعداء بعد سقوط النظام الدكتاتوري في 2003 لا تجده اليوم تواقا للاحتفال بالذكرى السابعة والستين لصدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان، فإنتهاكات حقوق الانسان ما تزال متواصلة على قدم وساق، والتعذيب يطال حتى النساء والمواطنين على اساس الهوية الطائفية، إضافة الى وجود معتقلات سرية. واعتبرت لجنة حماية الصحفيين ان العراق "اسوأ دولة" في مؤشر الافلات من العقاب حول حوادث قتل الصحفيين، كما اوقفت عشر محطات تلفزيونية على اسس طائفية وجرى الاعتداء على مقر الاتحاد العام للادباء والكتاب العراقيين. كما كانت وزارة العدل العراقية قد قدمت في 27 تشرين الاول 2013 مسودة قانون حول الاحوال الشخصية الجعفرية للموافقة عليه، ووافق البرلمان على قانون البطاقة الوطنية المخالف لحقوق الانسان والشرعة الدولية. وجرى الاعتداء على التظاهرات السلمية ومحاولات للحد من حرية التعبير. وفي عام 2011 اصدرت حكومة اقليم كردستان قانون العنف الآسري دون ان يجري تنفيذ احكامه، وما يزال العنف الآسري وجرائم القتل تحت يافطة "الشرف" متواصلة دون جهة رادعة. كما ان جرائم تنظيم داعش الارهابي في العراق ضد الانسانية واتباع الديانات والمذاهب وتدنيسه الاراضي العراقية وتنكيله بالابرياء خاصة الايزيديات وتحطيمه للمعالم الحضارية وفرضه تشريعاته الظلامية في المناطق التي يسيطر عليها، فهي ترقى لجرائم الابادة الجماعية.
واحتفاء بهذه المناسبة العظيمة, تطالب الجمعية العراقية لحقوق الانسان في كندا، الحكومة العراقية وجميع مؤسساتها ذات الصلة الى العمل بجد لوقف جميع اشكال الانتهاكات التي يتعرض لها الفرد العراقي واطلاق سراح جميع المعتقلين والسجناء السياسيين واصحاب الرأي وفتح جميع السجون والمعتقلات امام منظمات حقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني للتحقق منها وايقاف عمليات الاعتقال العشوائية اوالاختطاف التي تقوم بها بعض المليشيات السائبة. كما تناشد المؤسسات المعنية لإطلاق البرامج التوعوية والدورات الارشادية لتثقيف المجتمع العراقي وتعميق مفاهيم حقوق الانسان خصوصا في المناطق الريفية والبعيدة عن مراكز المدن التي تكثر فيها انتهاكات حقوق المرأة والعنف الاسري. كما تطالب الحكومة العراقية باحترام حرية الصحافة والصحفيين وتفعيل القوانين التي تعاقب كل من يعتدي عليهم او يعرقل عملهم.
ان الحكومة العراقية مطالبة اليوم، اكثر من اي وقت مضى، وتزامنا مع ذكرى الاعلان العالمي لحقوق الانسان، العمل على توحيد خطابها ووضع الخطط العاجلة والمحكمة لتحرير جميع التراب العراقي وطرد عصابات داعش وباقي العصابات المسلحة الارهابية من المدن العراقية والقيام بحملة كبيرة لإعادة تعميرها، ليعود جميع المهجرين والنازحين الى مدنهم وبيوتهم. وليكن العام الجديد 2016 عام الخلاص من الارهاب وانتهاكات حقوق الانسان، وليحتفل العراقيين بالذكرى القادمة للاعلان العالمي لحقوق الانسان وهم في ظروف افضل ويتنعمون بحياة حرة كريمة، ليسهموا في بناء وطنهم من جديد.
الجمعية العراقية لحقوق الانسان- كندا
تورنتو في 10 كنون الاول (ديسمبر) 2015
www.ishrcanada.org