مجتمع مدني

بيان من الاتحاد الديمقراطي العراقي حول الاحداث الاخيرة في العراق

"كافي ... كافي" كانت هذه صرخة الطفل اَدم ضد الارهابيين قبل ان يستشهد في كنيسة سيدة النجاة، ونحن اليوم نضم اصواتنا الى صوت اَدم لنقول كفى للإرهاب، كفى للتدمير، كفى فقد طفح الكيل.

قبل ايام جاء العيد ثم قُتل العيد. برقم قياسي من العربات المفخخة والانتحاريين ومئات الشهداء.

وبعدها قرأنا في الاخبار "قتل وجرح كذا شخصا في هجوم انتحاري على مقهى مزدحم في اسوأ موجة عنف يشهدها العراق في نحو خمس سنوات. وانفجرت قنبلتان احداهما قرب ملعب والاخرى قرب مدرسة فقتل واصيب العشرات بعضهم اطفال. وتمثل هذه التفجيرات تحولا في الأساليب التي يشتبه في أن جماعات مسلحة تتبعها فلم تعد هجماتها المتزايدة تقتصر على نقاط التفتيش العسكرية والاسواق بل اصبحت تستهدف كذلك المقاهي وأماكن الترفيه التي تستخدمها الاسر والاطفال..."

هل هذا يحدث في عراقنا الغني المتمكن اقتصاديا وماليا والذي من المفروض ان يُدار من قبل حكومة منتخبة تعكس ارادة الشعب؟

أليس من حقنا أن نطالب رئيس الوزراء السيد المالكي والحكومة العراقية والاحزاب الحاكمة المتنفذة بالكف عن الكلام والوعود، ووضع اللوم على هذا وذاك، واخذ زمام المبادرة لإنهاء هذه الحالة الشاذة التي نمر بها. فالعمل العسكري وحده لن ينهي الازمة تحت تمزق ولاءات المنظومة الامنية بين الاحزاب المتنفذة. لقد اَن الاوان أن نلتزم منهجا وطنيا جديدا عابرا للطائفية والمحاصصة عبر اشراك جميع الاطراف في حوار وطني شامل يؤدي الى قيام حكومة جديدة دستورية تستطيع بتماسكها ووحدتها دحر الارهاب وانقاذ العراق ووضعه على طريق السلام والاستقرار. إن مصير البلاد مرهون بمشاركة واسعة من كل العراقيين وقواهم المدنية، فالعراق ملك لجميع المواطنين تحت نظام سياسي يدعم مبدأ المواطنة بدون اقصاء او تهميش لأي مواطن عراقي بسبب انتماءاته المذهبية والدينية والقومية والفكرية.

إن تدخلات الدول الاقليمية الداعمة للصراع الطائفي بالعراق والتي لم تعد تكترث لإخفاء تدخلها بل اصبحت احزابنا السياسية المتنفذة تفتخر بدعم هذه أو تلك الدولة لها، واصبح التدخل المباشر والمعلن من دول تركيا والسعودية ودول الخليج وايران الى جانب هذا الحزب او ذاك البرلماني رسائل تشجع الصراع الطائفي وتحمل في طياتها بذور تدمير النسيج الاجتماعي العراقي. واضاف للمشهد تعقيدا الوضع المأساوي في سوريا واصبح الارهاب عابرا للحدود تحت غطاء دولة الشام وبغداد الاسلامية. وتقف امريكا ودول العالم متفرجة وعاجزة أو مغضة النظر عما يجري وتكتفي بالتصريحات التي لا تخدم احدا.

إن عدم الاكتراث بمطالب الجماهير العادلة المستمرة منذ سنوات والمُطالبة بحكومة تكنوقراطية عابرة للطائفية بعيدة عن المحاصصة تحت قوانين انتخابية تضمن مشاركة كل ابناء الشعب في انتخاب ممثليهم الحقيقيين، ووضع حد للفساد الاداري وتوفير الخدمات للمواطنين، وبناء جيش وطني يدافع عن الوطن وانهاء هيمنة احزاب الاسلام السياسي المتنفذة، كل هذا ادى الى هذه الازمة التي يمر بها العراق اليوم.
إن حكومات الاسلام السياسي تثبت فشلها يوما بعد يوم في امكانيتها حكم دولة مدنية، فهناك فروقات شاسعة بين متطلبات الدولة المدنية المتنوعة الشعوب، وبين قوانين السنّة والشريعة التي تؤمن بها أحزاب الاسلام السياسي والتي في النهاية تقسم الشعب الى مجاميع وفئات من درجات ادنى ترضخهم لمشيئة الحاكم باسم الدين. ونظرة سريعة الى دول ما يسمى الربيع العربي وما يجري بها من صعوبات بسبب ممارسات احزابها الاسلامية السياسية تثبت صدق رؤيتنا. وتستمر فصول كتاب التجربة المصرية تتعاقب لتؤكد رفض الشارع المصري لحكم الاخوان والسلفيين المصريين.

نحن ندعوا كل الاحزاب الوطنية ومنظمات المجتمع المدني والتيار المدني الديمقراطي والمثقفين والكتاب والمبدعين داخل العراق وخارجه الى القيام بحملة واسعة من اجل حوار وطني واسع ومؤتمر شامل يضم كل القوى والاحزاب التي يهمها مستقبل العراق وشعبه ويهدف الى دحر الارهاب، والتخلص من نظام المحاصصة الطائفية الاثنية والفساد الاداري، ويقدم الخدمات الاساسية للشعب، ويتبنى قانون انتخابي عادل يضمن حق الجميع، ويضع نهاية لمعاناة شعبنا لإعطاء الفرصة لبناء مستقبل خال من التفرقة والتهميش لكل العراقيين.

الشعب ينتظر... ولكن اذ لم تأتي الحلول عاجلة وواعدة وسريعة فالعواقب وخيمة.

الاتحاد الديمقراطي العراقي
13 اَب 2013