مجتمع مدني

أزمة اتحاد العمال الذي أنشأته اللجنة الوزارية العليا! / نوار احمد

منذ إعادة تشكيل اللجنة الوزارية العليا المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الحكم رقم (3) لسنة 2004 بداية عام 2012 أكدت الحركة النقابية العمالية والمهنية العراقية مجدداً على تحذيرها من أن التدخل الحكومي المباشر في الشأن النقابي الداخلي هو غير شرعي وغير قانوني بقدر ما يكون هذا الدور كمنظم للعملية الانتخابية للاتحادات والنقابات المهنية وفق قوانينها النافذة وأنظمتها الداخلية التي تعمل بها ومراعاة المعايير العربية والدولية ذات العلاقة بالشأن النقابي والحقوق والحريات النقابية.
إلا أنه مع الأسف لم تأخذ اللجنة الوزارية العليا هذه المحاذير على محمل الجد والاهتمام وبمسؤولية وطنية حقيقية، بل استمرت في فرض هيمنتها وتدخلها وسطوتها وأجندتها الخاصة على الحركة النقابية العمالية بشكل خاص وبقية الاتحادات والنقابات المهنية. مما ولد منظمات وقيادات هزيلة طارئة على الحركة النقابية لا تعرف طبيعة العمل النقابي الصحيح الذي يخدم مصلحة المنتمين لها ولا مصلحة المجتمع والوطن العليا. أزمة اتحاد نقابات العمال الأخيرة الذي شكلته اللجنة الوزارية العليا ولجنتها التحضيرية في 24/7/2012 كدورة " تأسيسية جديدة لمدة أربع سنوات " حسبما ورد في آلية الانتخابات التي أصدرتها قبيل الانتخابات بأيام معدودة ووهبت الأرصدة المالية والممتلكات له فيما بعد دون وجه حق وهي ملك لعمال العراق وحركتهم النقابية منذ عشرات السنوات والتي كانت عائديتها للدورة الاولى للاتحاد العام الذي أنشأ بعد عام 2003 المعترف به من قبل مجلس الحكم الملغى ومجلس الوزراء فترة رئاسة اياد علاوي واللجنة الوزارية العليا المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الحكم رقم 3 لسنة 2004 برئاسة الأستاذ نصير الجادرجي والذي أجرى انتخابات دورته الثانية للفترة 22/9 ــ 6/11/ 2012 وفق القانون النافذ ونظامه الداخلي.امام هذه الحقائق القانونية تمادت اللجنة الوزارية العليا برئاسة نصار الربيعي وأجرت انتخابات صورية أنتجت هيكلية هشة غير نقابية ومن خارج رحم الحركة النقابية تم تسليم الاتحاد العام اليها، كان من نتائجها الأزمة الحالية التي يعاني منها هذا (الاتحاد العام!) التي تمثلت في إقالة رئيسه رغماً عنه من جهة غير معنية بالعمل النقابي وإصرار الأخير على التمسك بالمنصب الذي نُسب اليه وصلت هذه الأزمة الى حد تدخل المؤسسات الامنية في هذه القضية ومن ثم إصدار (المُقال) بيانات توضح انه (جُوبهت بالكثير من المشاكل والابتزاز والتهديد بالقتل) وانه زاد الطين بلة هو (تحرك قوة سياسية معروفة للتدخل عن طريق الاستعانة بالقوات الأمنية لإخراجي قهراً وقسراً من مقر عملي ومنعي من دخوله وهنا لابد من وقفة جادة وحقيقية هل نعيش في عصر الغابة وهل هناك سيادة للقانون!) هذا ما جاء في بيان رئيس هذا الاتحاد الى (ابناء شعبنا العزيز والى اخواني العمال).. بالإضافة الى ما أورده المذكور في رسالة ثانية له من أن هناك (الكثير يتصيدون بالماء العكر متحينين الفرص للانقضاض على ما يظنونه غنائم سهلة من أموال وممتلكات العمال والفقراء!!).هذا ملخص بسيط لما يمر به الآن اتحاد شكلي صوري نتج عن تدخل اللجنة الوزارية العليا دون مراعاة لتعليمات مجلس الوزراء الصادرة بهذا الخصوص ولا للقوانين النافذة للاتحادات والنقابات المهنية ولا للأنظمة الداخلية لهذه الاتحادات والنقابات.أن المسؤولية الوطنية والحفاظ على القيم الديمقراطية التي ناضل شعبنا العراقي بمختلف شرائحه الاجتماعية من اجلها تتطلب التأكيد على عدم التدخل في الشأن النقابي المهني وحق جماهير هذه المنظمات في اختيار ممثليهم الحقيقيين بملء إرادتهم الحرة المستقلة دون وصاية وهيمنة وتسلط أي جهة كانت.
أننا إذ نتوجه ألى الأمانة العامة لمجلس الوزراء بهذه الرسالة إنما نطلب منها التدخل العاجل لوضع حد لهذه التجاوزات والخروقات ووضع الأمور في نصابها الصحيح كونها من شكل هذه اللجنة الوزارية قبل وبعد صدور الدستور العراقي الدائم الذي نص في مادته 22 ــ فقرة ثالثاً على " تكفل الدولة حق تأسيس النقابات والاتحادات المهنية، أو الانضمام إليها، وينظم ذلك بقانون "ولا حاجة بعد لمثل هذه اللجنة بقدر ما يتم تنظيم ذلك بقانون يراعي الحقوق والحريات النقابية وفق معايير العمل الوطنية والعربية والدولية حيث ان هذا الموضوع له امتدادات عربية ودولية وخاصة منظمتي العمل العربية والدولية وهذا معروف لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية قبل غيرها من المؤسسات الحكومية ولابد من الانتباه له.
الفرصة لم تنته بعد وعلى من يعنيه الأمر تدارك الأخطاء التي ارتكبت من قبل اللجنة الوزارية العليا وإيقاف عملها لأنها أصبحت غير ذات جدوى وسيفاً مسلطاً على رقاب الاتحادات والنقابات المهنية تستخدمه وفق رغبتها ومشيئتها!!.. وعلى العودة لقوانين الاتحادات والنقابات المهنية المعنية وأنظمتها الداخلية وحقها في تشكيل لجانها التحضيرية من بين أعضائها لإجراء انتخابات هيآتها الإدارية مع مراعاة الدستور والقوانين ذات العلاقة. إنها مهمة وطنية ديمقراطية لنعمل جميعاً من أجلها خدمة لوطننا وشعبنا بمختلف انتماءاتهم وميولهم.