مجتمع مدني

المتقاعدون .. بين ضنك الحياة وعدم الانصاف / عباس رحمة الله

تتفاقم معاناة المتقاعدين يوماً بعد آخر مع ارتفاع الأسعار ومتطلبات الحياة من المواد الغذائية والمنزلية، وغيرها من شروط المعيشة الضرورية كإيجارات السكن، وأجور المولدات الأهلية، فضلا عن متطلبات أبنائهم التلاميذ والطلبة التي تبدأ مع حلول العام الدراسي، والتي تشمل المستلزمات الدراسية من قرطاسية وملابس واجور نقل، يضاف إليها شراء الكتب المدرسية، التي لم يوزع الكثير منها هذا العام. ومعظم المتقاعدين كبار في السن، ومصابون بأمراض السكر وارتفاع ضغط الدم وآلام المفاصل وغيرها،
وفي المقابل ان الجهات المعنية في السلطتين التنفيذية والتشريعية لم تمنحهم استحقاقاتهم القانونية والدستورية كاملة، وهي تتردد منذ سقوط النظام المباد، في اقرار قانون التقاعد الموحد واعادة النظر في رواتب المتقاعدين البائسة، الذين يعانون الاهمال المتعمد والتهميش منذ عقود وحتى يومنا هذا.
"طريق الشعب" التقت عددا من المتقاعدين لمعرفة معاناتهم وطلباتهم، وإيصالها إلى أصحاب القرار، لعلهم يوجهون إليهم اذنا صاغية!
يتحدث المتقاعد طالب مشكور، عن معاناته وأقرانه المتقاعدين، ويناشد هيئة التقاعد العامة واللجنة المالية البرلمانية الاسراع بإقرار قانون التقاعد الموحد، وتنفيذه مع بدء العام الجديد، مشيرا إلى ان "المتنفذين المعنيين في السلطتين التشريعية والتنفيذية، تسابقوا في وضع العراقيل أمام إقرار القانون، والمتمثلة بالاجتهادات والآراء الكيفية المتضاربة"، ولافتا إلى ان "عدم إقرار القانون أدى إلى تفاقم معاناة المتقاعدين، صحياً ونفسياً ومعيشياً، وهم بأمس الحاجة إلى تحسين رواتبهم البائسة، وانتشالهم من واقعهم المعيشي الصعب".
فيما تطالب المتقاعدة ام خلدون، هيئة التقاعد العامة بإيقاف الاستقطاعات المجحفة التي طالت رواتب المتقاعدين، وإعادتها، مستدركة "كنا نعتقد ان دائرة التقاعد العامة تمثلنا وتعمل من اجل زيادة رواتبنا، لكننا فوجئنا بانها اتخذت قراراً مجحفا باستقطاع جزء كبير من رواتبنا ولقمة عيشنا".
المتقاعد شاكر صباح، يقول "لو كانت أوضاع المتقاعدين الصحية جيدة، لخرجوا في تظاهرات مليونية مع عائلاتهم، استنكاراً للتهميش والاهمال وقطع الرواتب، لكن ظروفهم الصحية السيئة لم تمنحهم القدرة على التظاهر والمطالبة بحقوقهم، فلم يجدوا سوى ان يرفعوا ايديهم للدعاء، ودعاء المظلوم سريع الاستجابة".
أما المتقاعد ابو سلوان فهو يتحدث عن جشع أصحاب مكاتب الصرف (كي كارد)، ويقول
"يستمر ابتزاز اصحاب مكاتب الصرف الاهلية للمتقاعدين، بفرض دفع مبالغ مقابل صرف رواتبهم التقاعدية، وعلى الرغم من الشكاوى الكثيرة والنداءات المستمرة عبر وسائل الاعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، الا ان وزارة المالية بقيت ملتزمة الصمت واللامبالاة، ولم تتخذ اي اجراء لمنع هذا الجشع والحد من استمراره".
فيما يتساءل المتقاعد ابو حوراء "لماذا يؤخر مصرفا الرافدين والرشيد تسليم رواتب المتقاعدين لأيام تتجاوز الأسبوع؟"، مشيرا إلى ان تأخير تسليم الرواتب تسبب في حدوث مشكلات مع أصحاب المولدات الأهلية، وأصحاب العقارات، الذين يفرضون على المستئجر تسديد بدل الإيجار في الفترة المحددة، أي خلال الأيام الثلاثة الأولى من كل شهر.
ويطالب أبو حوراء الجهات ذات العلاقة بصرف الرواتب في بداية الشهر.
من جهته يقترح المتقاعد ابو فلاح صرف رواتب المتقاعدين شهرياً للسيطرة على مصروفات ودخل العائلة ومتطلباتها اسوة بالموظفين، لا أن تصرف كل شهرين، ويقترح أيضا أن تصرف رواتب المدنيين في النصف الاول من الشهر، والعسكريين في النصف الثاني من الشهر او بالعكس "لان المشكلة التي تواجهنا هي ان الراتب الذي نستلمه كل شهرين يتم صرفه خلال فترة لا تتجاوز الثلاثة اسابيع".
بينما يأمل المتقاعد عبد الله من الحكومة، "اطلاق السلف للمتقاعدين، على ان لا تقل عن ثلاثة ملايين دينار، وتكون استقطاعاتها بنسب مناسبة لا تؤثر على ميزانية العائلة، واعفاء المتقاعد من دفع الاقساط المتبقية بعد وفاته، كما كان معمولا به سابقاً، وعلى ان يمنح المتقاعدون كافة، السلف بغض النظر عن اعمارهم، تقديراً واكراماً لسني خدماتهم التي ضحوا خلالها بشبابهم من اجل الوطن".
المتقاعد علوان حميد يدعو المصارف الى تسهيل امور المتقاعدين عند تسليمهم السلف، وعدم فرض شروط تعجيزية امامهم، وان يكون كفيل المتقاعد المستلف هو زميل متقاعد آخر يستلم راتبه من المصرف نفسه، كما كان معمولا به سابقاً.
أما السيد فهد جراح فهو يدعو باسم لفيف من ضحايا النظام المقبور، من السجناء والموقوفين إبان الاحداث الدموية في 8 شباط 1963، إلى الاسراع بغلق ملفاتهم، وصرف رواتبهم التقاعدية التي نص عليها القانون للتخفيف من معاناتهم الصحية والنفسية والمعيشية، مشيرا إلى ان ذلك حق دستوري وانساني ووطني، ولافتا إلى ان الكثير من أقرانه رحلوا عن الحياة دون ان تشملهم تلك الاستحقاقات.